المنبرالحر

كيري وأوباما والشيخ العاني / مازن العاني

جاءت إشارة وزير الخارجية الامريكي في تصريحه يوم الجمعة الماضي الى ان اتمام إستلام حقيبتي الداخلية و الدفاع في العراق أمر مهم و ضروري للتحالف، الدولي قبل ان يحسم تماما شكل التدخل العسكري المطلوب، لتصب في خانة المشككين في نوايا الولايات المتحدة و مدى جديتها في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية. فقد أثار التصريح تساولات حول المدى الذي يمكن ان تذهب اليه واشنطن في حربها ضد داعش، وهي التي ساهمت في رعايتها في اوقات سابقة، وعمّق الحيرة والالتباس حول المعادلة الغريبة التي يروج لها بعض الامريكان وحلفائهم بشأن همتهم للقضاء على سرطان الدواعش في العراق، مقابل الغزل معهم او دعمهم في سوريا نكاية ببشار الاسد!
وذكّر تصريح كيري مجددا بمواقف سابقة للرئيس الامريكي أوباما اشترطت تشكيل الحكومة العراقية الجديدة قبل اتخاذ اي قرار بالمشاركة في الجهد المطلوب لمواجهة التنظيم الارهابي وتحجيمه. مثلما اعاد الى الاذهان ما جرى من تلكؤ وتأخر في الموقف الدولي بعد العاشر من حزيران الماضي، قبل ان يترجم الى ضربات جوية ما زالت محدودة وخجولة، مقارنة بحجم التهديد الذي يشكله الارهابيون على الارض.
وعمق التصريح التشكيك بمواقف دول اقليمية اعلنت انضمامها الى التحالف الدولي، كما هو الحال مع عزبة قطر، بينما المعروف انها داعمة وممولة لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام وجبهة النصرة وسائر المرتبطين بالقاعدة من الافراد و الجماعات و المؤسسات و الكيانات. ولولا هذه الدول لما كان الارهابيون بالقوة و البشاعة التي هم عليها الان.
وما تزال حكومة انقرة حليفة واشنطن مصرة على موقفها السيء المشين، الذي لا يخلو من حقد وغل على العراق وأهل العراق بضمنهم الكرد العراقيون.
ويرتبط التردد والتلكؤ و التمنع الذي يظهره الامريكان و"العكازات العرجاء" التي يتوكأون عليها لتبرير تأخرهم وترددهم، بحسابات خاصة بمصالحهم وستراتيجياتهم في المنطقة قبل اي شيء آخر. وهذا ما يؤكده مسؤولوهم في تصريحاتهم ومؤتمراتهم.
ويذكرني حديث كيري وقبله حديث سيد البيت الابيض عن الاشتراطات والحاجة الى مُهلٍ زمنية لتحديد المواقف المطلوبة، وكأنهم لا يعرفون البير وغطاه!، بحكاية أحد شيوخ مدينة عنه، كان المرحوم والدي لا يمل من روايتها حين يصادف مواقف ساخرة تُذكّر بها؛ في اربعينيات القرن الماضي فتحت وزارة الدفاع ابواب التطوع فيها لخريجي المدارس الدينية نظرا الى حاجتها لهم في شعبة التوجيه المعنوي، قبل ان تتحول التسمية الى شعبة التوجيه السياسي بعد انقلاب ١٩٦٨. وكان من ضمن المتقدمين شيخ اربعيني من عنه. حين حضر امام لجنة الاختبار، بادر الرئيس بسؤاله عن اسمه. ساد صمت لبرهة، كسره احد اعضاء اللجنة، ظنا منه ان الشيخ لم يسمع السؤال جيدا: شيخنا سيادة المقدم سألك عن إسمك. اكتفى الشيخ بان رد: نعم. صمت جديد، وتدخل جديد من العضو الثالث في اللجنة: شيخنا سألناك عن إسمك!. تنحنح الشيخ قليلا ورد بكل هدوء وبرود: إفتهمتْ السؤال بَسْ إعطونا مُهلة خَلي نْفَكِرْ!..
واذا نسجنا على منوال الشيخ الامريكي يبدو ان على الملايين من ضحايا جرائم محترفي الارهاب، من المهجرين و المسبيين و المحاصرين والمغيبين وعوائل الضحايا و الشهداء، عليهم منح كيري وأوباما مهلة للتفكير علهم يستطيعون تذكر أسمائهم.