المنبرالحر

انخفاض اسعار النفط يدق ناقوس الخطر/ ابراهيم المشهداني

تؤشر اسعار النفط الآخذة بالانخفاض الى ان ناقوس الخطر اخذ يدق باب الاقتصاد العراقي وينذر بعواقب وخيمة تهدد مستقبله اذا ما اعتمدنا توقعات صندوق النقد الدولي في مجال انكماش الاقتصاد العراقي وأثارها على زيادة العجز في موازنة العراق لعام 2015 , المبنية على عوامل داخلية تتمثل في استمرار تدمير البنية التحتية وانخفاض الطاقة وفلتان الوضع الامني الناجم عن دخول داعش بقوة واحتلال العديد من المدن العراقية وعدم توافر القدرات العسكرية الكافية لازاحة خطرها بوقت مبكر ما يؤدي الى استنزاف القدرات المالية وخروج العملة الى الخارج نتيجة الزيادات في الاستيرادات وعدم قدرة القطاعات الانتاجية الداخلية على مواجهة الطلب المتزايد المترتب على الظروف الحالكة التي تمر بها البلاد.
ان التحذير من مخاطر الاعتماد الكلي على الواردات النفطية من قبل الاقتصاديين ليس بالجديد، وإنما ترجع بداياته الى اكثر من خمسة عقود مضت الا ان السياسات المتعنتة من قبل الحكومات المتعاقبة وعدم اخذها بهذه التحذيرات لانشغالها في تثبيت سلطاتها من خلال تضخيم اجهزتها الامنية لمحاربة القوى الوطنية التي تعارض سياساتها الهوجاء قادت الى ابقاء الاقتصاد العراقي وحيد الطرف وجعلت منه جزءا من منظومة النظام الرأسمالي العالمي وتقسيم العمل الدولي .
تشير بعض التوقعات ان عودة الاسعار الى الارتفاع ستأخذ وقتا طويلا نسبيا لعدة اسباب من بينها ارتفاع قيمة الدولار وكلما زاد هذا الارتفاع فان انخفاضاً باسعار النفط سيستمر. كما ان هناك اسبابا سياسية لانخفاض الاسعار بعضها يتعلق بإلحاق الضرر بالاقتصاد الروسي والبعض الاخر له صلة بممارسة المزيد من الضغط على ايران لحل مشكلتها مع العالم حول مشروعها النووي , يضاف الى ذلك انخفاض الطلب الامريكي على النفط بسبب تزايد انتاجها من البترول الصخري زد على ذلك ان ارتفاع قيمة الدولار سيقلل من تكاليف انتاج البترول الامر الذي يدفع بالشركات للتنقيب عن النفط في اماكن اخرى خارج نطاق الدول الاساسية المنتجة للنفط .
لكل تلك الاسباب تعين على الحكومة العراقية اعادة النظر في إستراتيجيتها الاقتصادية على المستويين الداخلي والخارجي ، فعلى المستوى الداخلي يتعين عليها اتخاذ الاجراءات العاجلة لتنشيط القطاعات الانتاجية، وخاصة قطاعات الصناعة والزراعة والاسكان والخدمات والتوجه لتنفيذ البرنامج الحكومي والتركيز على ما هو ممكن وسريع ومراجعة الفقرات البرنامجية غير الواقعية التي لا تتناسب مع واقع الاقتصاد العراقي وخاصة وهم انعاش الاقتصاد العراقي عن طريق هيكلة شركات القطاع الحكومي بواسطة الخصخصة , فامام هذا التوجه العشرات من المشاكل والتحديات التي لا يمكن تجاوزها بوقت قصير وإتباع الطريق الاقصر المتمثل بتأهيل هذه الشركات وتفعيل القوانين الحمائية للإنتاج الوطني وخاصة قانون التعرفة الكمركية وتشجيع الشراكات الاستراتيجية مع المستثمرين المحليين والأجانب والتوسع في اقامة المناطق الصناعية وإزالة كافة المعوقات امام تفعيل القطاع الصناعي الخاص. اما على المستوى الخارجي فان مواجهة التدهور السريع في اسعار النفط تستدعي التنسيق مع دول منظمة اوبك بمراجعة سياساتها في حجوم الانتاج والضغط على المملكة العربية السعودية الدولة الاكبر في انتاجها اليومي من النفط وكونها عضوا اساسيا في منظمة الدول المصدرة للنفط وإقناعها بوجوب تخفيض حصتها من الانتاج واحترامها القواعد التي تأسست المنظمة بموجبها.