المنبرالحر

الملكة أميرة جواد تستعيد حياتها! / طه رشيد

عملت المرأة العراقية في مجالات مختلفة وقد تألقت في العقود الاولى لنهضة العراق وخاصة بعد ثورة 14 تموز الخالدة حيث دخلت كل المجالات الوظيفية والمهنية وتقدمت الصفوف الاولى ليس في العراق فحسب، بل في عموم المنطقة حتى استوزرت. وكانت الراحلة نزيهة الدليمي اول من احتل منصب وزير.. اما في المجال الفني فقد دخلت المرأة المسرح والسينما والتلفزيون واثبتت جدارتها بجانب زميلها الفنان ، وتألقت اسماء حفرت بحروف من ذهب في الذاكرة العراقية مثل الراحلة زينب والفنانة ناهدة الرماح والمبدعة ازاداوهي والقائمة تطول في هذا المجال او في غيره..
قبل ايام قدمت الفرقة الوطنية للتمثيل عملا كلاسيكيا بعد فترة غياب ليست بالقصيرة عن هكذا اعمال الا وهو مسرحية « فصل من مسرحية ماكبث لم يكتبه شكسبير» تاليف مثال غازي واخراج اسامة السلطان، ومثل دور الملكة الفنانة القديرة اميرة جواد . تدور موضوعة المسرحية حول الصراع التاريخي بين قوى الخير والشر متمحورا حول الخيانات التي تقودها الملكة في قصر ماكبث للانتهاء بتوريات معاصرة يستقدمها المشاهد مما يجري حوله من صراع لقوى سياسية تحاول الانقضاض على « الكعكة الوطنية « بالكامل .
وموضوعنا الاساسي هو الملكة اميرة جواد التي ادت الدور بابداع متميز وحلقت كفراشة وهي ترقص الفالس مع زوجها الملك او مع عشيقها خلسة، لتسحب الاعجاب من المشاهد سواء في تجسيدها للملكة او في خياناتها التي ملأت المسرح دما.وهذه هي المرة الاولى التي تعود بها اميرة جواد الى المسرح بعد غياب طويل وخاصة بعد ان فقدت ابنها الوحيد علي الذي ترك على محياها حزنا تراه بعينيها وفي مشيتها وحركتها وحتى في ابتسامتها.اميرة ترددت كثيرا بالاشتراك في هذا العمل، ولكن اصرار ادارة دائرة السينما والمسرح العليا ومتابعتها الدؤوبة لحالتها النفسية ساهم كثيرا بقبولها هذا العمل .. ومع التمارين المسرحية اليومية الشاقة وانتهاء بيوم العرض الاول ورويدا رويدا عادت الابتسامة الى اميرة جواد لتدخل ثانية في الحياة العامة والفنية بشخصية رزنة متوازنة.
وهكذا كان دور المسرح منذ الازل وما زال هدفه التطهير، التطهير ليس من الحزن المتراكم فقط بل من الاخطاء الكبيرة والصغيرة ، نعرضها على المشاهد كي لا يكررها مرة اخرى ، فكم من عرض مسرحي نحتاج لقادة احزاب ومنظمات وعشائر كي يتطهروا من اخطائهم التي جعلت من العراق بركة دم وفساد وخراب!