المنبرالحر

مدنهم نظيفة لأنهم يشترون الـ ( زبالة ) ..!! / علي فهد ياسين

نظافة المدن قاعدة وعكسها استثناء ، وهي مسؤولية أداراتها وساكنيها الملزمة لهم بالقانون، والمشرع المسؤول عن صياغة القوانين ، يُفترض أنه على دراية بعلاقتها الوثيقة بصحة المواطن قبل دورها في جمالية المدينة ، كي يصل الى صياغة قوانين أكثر كفاءة لأدارة ثروات الشعب .
ليس عبثاً أن تُعرف اللغة العربية ( أغنى لغات البشرية في ثراء مفرداتها ) المدن بأنها ( حواضر) ، اشتقاقاً من مفهوم الحضارة التي يمثل الرقي عمودها ونظافة الضمائر أعلى فناراتها والأبداع أقوى أسسها ، ليكون هذا المثلث المتوازن عنواناً رئيسياً لخرائط وبرامج العمل المعتمدة من الادارات في التسابق نحو التمييز .
يتم تخصيص مبالغ للنظافة في جميع مدن العالم ، لكن أصل الأختلاف بينها هو في البرامج والخطط المعتمدة لصرف المبالغ وصولاً لتحقيق النتائج ، وكانت تلك النتائج في المدن العراقية هي الأسوأ طوال السنوات الماضية ، بالرغم من زيادة التخصيصات أذا ما قورنت بمثيلاتها في مدن العالم على اسس المساحة وعدد السكان ، وهي احصاءات معلومة ولا جدال حول أرقامها .
لقد اعتمدت ادارات المدن العراقية اساليب وبرامج بدائية وغير مجدية ، أدت الى الفشل في تنفيذ مهامها، وكانت التخصيصات المرصودة لنظافة المدن تأخذ طريقها الى جيوب المقاولين وشبكاتهم المنتفعة والجهات التي تمنحهم مقاولات التنظيف، دون تنفيذ المهام المطلوبة منهم ودون رقابة ولا حساب من الجهات الحكومية ، كأنهم ينفذون أعمالهم على الورق فقط وليس في مواقع العمل .
بينما ادارات المدن النظيفة كانت ولاتزال توظف تخصيصاتها الاقتصادية بطرق أساسها شراء (الزبالة ) ، أي أنها تعتمد مفاهيم الاقتصاد التي تعتبر بموجبها أن ( الزبالة ) سلعة لها ثمن ، وثمنها هنا هو تكاليف البرامج المعتمدة في تجميعها ورفعها ونقلها ومعالجتها ، وهي أنشطة تحتاج موظفين وعمال في جميع الاختصاصات ، اضافة الى الآليات ومحطات المعالجة ، فلكل جهد ثمن ووقت ، وتنظيف المدن يحتاج الى ذلك .
المطلوب الآن اعتماد مبدأ شراء الـ ( الزبالة ) لتحقيق هدف نظافة المدن في العراق ، ونحن نستذكر هنا سنوات الحصار التي اجبرت معامل البلاستك على جمعه بأسلوب الشراء ، حتى تحول الى سلعة يبحث عنها الجميع ، فما الضير الآن من اعتماد نفس الاسلوب في شراء ( الزبالة ) من شركات ومكاتب تتخصص في جمعها وفرزها ونقلها الى محطات المعالجة أو الطمر التي تقوم بأنشائها البلديات خارج المدن ، ويتم تسعير أصنافها ( بلاستك ، ورق ، مواد ثقيلة ، بقايا مواد غذائية ، الخ ..) ، ليكون هذا الاجراء باباً مفتوحاً لاستقطاب الكثير من الايدي العاملة ، وستكون الاموال التي تستحوذ عليها شركات التنظيف التي لا تؤدي عملها اصلاً ، كافية لتشغيل الجميع ، وان تم تنفيذ ذلك فأن نتائجه ستتوضح خلال اسابيع في نظافة المدن واستثمار المال العام بأسلوب مجدي ومفيد للمواطن والوطن .