المنبرالحر

ماراثون الغنائم 2 / د. علي الخالدي

ما حققته اﻷحزاب والكتل الطائفية بعد تبنيها نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، أنها شربت عقول الناس بوعود هوائية ، إنطلقت من أفواه عانت معاناتهم في الزمن البغيض ، فأدخلت نشوة اﻷمل في نفوسهم ،و بدلا من اﻹيفاء بها ، لمس عامة الناس مرارة اﻷنتكاسات ، وذاقت طعم اﻷنكسارات وقسوة الظروف المعاشية على أيديهم ، خاصة بعد أن تقاسموا السلطات للرئاسات الثلاث فيما بينهم ، وبعد اﻹطمئنان على مواقعهم اﻹدارية واﻷمنية في السلطة ، إنطلقوا في ماراثون إغتصاب حقوق مستحقيها، طمعا في تراكم اﻷموال المنقولة وغير المنقولة للبعض منهم ، على حساب تفقير الناس ، وبهذا تعرفت الجماهير على معاني الدمار ، ومعنى أن يعاني ثلثهم الجوع ، عبر أيقاعات الطبقة التي صارت غنية حديثا ، من ممارسة الفساد و السحت الحرام ، الذي أسْتغلته في إفشال اﻷوادم من ذوي الكفاءة واﻷيادي البيضاء في الصعود الى البرلمان ، حتى يخلو لهم الجو ، ويشكلوا فرقة سمفونية تجيد العزف على إيقاع البطر والترف المعاشي ، حتى أن بعضهم تباهى وعوائله بالتبضع من أوطانهم الثانية بينما عامة الناس تواجه بمفردها تزايد شظف العيش ، وتجأر بالشكوى دون مستمعين، كونهم ( المسؤولون ) يتابعوا التسيار ﻷوطانهم الثانية ، متناسين أن اﻷشياء تبقى متصلة ، توضح الصورة ، فوعودهم اللاحقة لم تستطع تغيير قناعات الناس ، بضرورة صيرورة التغيير . وكلامهم الفطري ، إختصرته معاناة معيشتهم اليومية ، والتي كانت وراء من دلهم على السير على خطى أسلافهم ، وخوض النضال المطلبي لتحقيق مطاليبهم . المشروعة ، فرياء متبني نهج المحاصصة كان قاسيا ، و ظل راسخا في الذهن ، مولدا الحاجة للخروج من حالة التخلف والمآسي ، وضرورة نبذ كل من كان وراء تشويش ، وضياع العملية السياسية ، وتسويف ما ينبغي تشريعه من قوانين تصب بصالح الجميع
ترى بماذا سيقيم التاريخ منجزات نهج المحاصصة في عراق اليوم ، الذي تكاثرت به اساليب العودة الى أساليب تصعيد النشاطات الطائفية ، إمتدادا لزمن بغيض عُطلت فيه شرائع الحق ، واقفلت أمام شعبنا كل الممرات التي توصله الى ما كان يطمح اليه من تغيير بعد سقوط الصنم . زمن رخيص انتعشت فيه مشاريع تبرير تقسيم العراق جغرافيا وطائفيا في أسواق اﻷبتزاز الدولية واﻹقليمية ، من قبل من يجيد غسل يديه من ما قام به من ممهدات لمشاريع طائفية إثنية ، يحلم بأنها ستكون عائقا أمام مريدي تغيير حقيقي ، والمضي قدما به إستجابة لمطامح شعبنا.
هل تنسى جماهير شعبنا جريمة جحيم إحتلال ثلث جغرافية وطنها من قبل داعش ، وتصاعد وتيرة إشتداد وطأة التصفيات الجسدية في الآونة اﻷخيرة ، ﻹثارة النعرات الطائفية وإلهاءها عن التصدي ﻷحتلال داعش ! ، كيف ستعاقب مقترفيها ؟ . لقد إعتاد بعض الزعماء أن يقولو ( عفا الله عما سلف ) يقولونها ويجري بوس اللحى .. إنهم لا يحاسبون بعضهم بعضا . أكثر الجرائم أرتكبت ، من قبل الذين داسوا على الروح الوطنية ... يرتبون القضايا بينهم ... يخلطون اﻷوراق ويعيدون تصنيفها ، وفي كل مرة يكون ذلك على حساب الشعب ، مؤكدين حقيقة من تراجع خارجيا يتراجع داخليا ، ويعجز عن إثبات وطنيته ، إنهم كمن يضع عصبة على عينيه كيلا يرى ! نواقصه بدون رتوش ، وليُبقي عينه عاجزة عن رؤية ذاته . سنوات وشعبنا مسلوب اﻹرداة ويريدوا ان يسلبوا إنسانيته ، بعد ما لمسوا تخلخل نهج المحاصصة ، ولم يعد لها قوام السطوة والحظوة ، ففهم الناس جيدا تحركاتهم اﻷخيرة ، التي ترمي الى إلهاءهم وإشغالهم بما يُفتعل من أعمال العودة الى التطاحن الطائفي ، فمتى نستعيد انفسنا ؟ ومتى تنتفض الحياة في نفوسنا ؟ ومتى نثبت للذين يحاولون الغاءنا ، إننا الحقيقة التي لا تلغى في هذا الكون ، و اصواتنا حادة لم تعد عصية السمع من قبل ذوي الشان . فدموع المهجرين قسريا من السكان اﻷصليين لهذا الوطن ، لن تتجمد في مآقيها ، فَسَتُغرق العابثين بأرزاقهم ، وستطول أيديهم الذين يستغلون مآسيهم .