المنبرالحر

تركش! / قيس قاسم العجرش

لا توجد حظوظ في الحروب أو السياسة، أو الذين يعتمدون على الحظ في هذين المجالين فهم الخاسرون من الدور الأول في العادة.
لا توجد حظوظ إلا على المستوى الشخصي، فهذا نجا وذاك سقط ،والامر في كثير من الأحيان محضُ مصادفة.
هذه مقدمة لنقول إن تركيا تبدو محظوظة جداً في النزاع مع الإرهاب الذي يتبناه العالم كله، فهي قلما تواجه الإتهامات بخصوص أدوارها.
بالأمس القريب قال مسؤول تركي بملء الفم إن السلطات التركية «رصدت» محاولة تسلسل 10 آلاف شخص من تسعين جنسية مختلفة للالتحاق بجماعات داعش.جاء هذا في حديث لمسؤول في الخارجية التركية الى صحيفة «أوتاوا ستزن» الكندية بعد أول عملية تبادل لإطلاق النار تحدث بين»المستشارين» العسكريين الكنديين وعصابات داعش في قاعدة عين الأسد.
وفي شيء يُشبه السّخرية أجاب ذات المسؤول بأنه يستغرب من الولايات المتحدة أن تطلب من أنقرة ضبط حدودها وبالتالي توريط الجنود الأتراك في إشتباك مباشر مع عناصر تنظيم»الدولة الإسلامية»، بينما تنأى واشنطن بنفسها من التماس المباشر مع الإرهابيين.
طبعاً لم يطلب أحد من أنقرة أن تقاتل داعش لكن هذا لا يعني أن يضحك ضباط الجوازات في مطارات تركيا بوجوه القادمين من أجل «السياحة الجهادية».
أنقرة بيدها الكثير لتفعله، وما زال تنظيم داعش يمتلك المُبادرة للقيام بالهجمات، ليس لأنه تنظيم لا يقهر، إنما لأن قتلاه يتم تعويضهم بالسرعة الممكنة من كل أنحاء العالم.
وزيرة الخارجية الإسترالية أطلقت تحذيراً لنساء بلدها ممن تستهويهن فكرة الالتحاق بـ»أرض الجهاد»، من أن الحياة للنساء مع هكذا تنظيم إرهابي هي الجحيم بعينه وأن عليهم تحكيم عقولهم قبل أن يعرضنها للغسل من قبل دعاة الأنترنيت.
هذه الدول، ومعها تركيا بيدها الكثير كي تفعله، لكنها لا تقدم على ذلك لأن لديها سجلا من المطالب في علاقتها مع واشنطن.
باختصار هؤلاء يطلبون «ثمن» موقفهم تجاه الإرهاب وما لم يقبضوا الثمن لن يتراجعوا عن تجاهل المتسللين الذين باتوا يسافرون بحريّة مطلقة عبر تركيا.
تركيا إذن ليست محظوظة بأن يسكت العالم عنها وعن دورها في وجود تنظيم داعش واستدامته، إنما هو اسوأ أنواع الإبتزاز. لكن لنتذكر نحن كعراقيين أن هذه المصالح السياسية التركية تكلفنا في الحقيقة دماء زكية قلّ نظيرها ولا تقدر بثمن.