المنبرالحر

بين احلام العم ناصر وطموحات الخزعلي / د. علي الخالدي

كتب اﻷستاذ ريسان الخزعلي في عموده بطريق الشعب العدد 166 لسنة 80 على شرف الذكرى الحادية والثمانين لتأسيس حزب الطبقة العاملة - الحزب الشيوعي مقالة تحت عنوان طموحات حب، وكأنه أراد أن يجيب على تساؤل العم ناصر: يمتى نحلم؟ هذا الرد الذي فيه من اﻷحلام ( الطموحات ) الوردية ما يريدها أن تتحقق في زمن سيادة نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية بشكل شراكة سياسية. هذا النهج وإمتداده لم يمنحانا فرصة للفرح، بل سرقا الفرحة من وجوهنا بعد تبنيهم هذا النهج المقيت، فحولا أحلامنا الى كوابيس، وضيعوا علينا أدوات النوم الهادىء وراحة البال وأدخلونا في متاهات الجوع والحرمان واحتلال مواقع آخر الصف،مبعدينا عن قيم التحضر، ناشرين في صفوفنا ثقافة الحزن والحداد على إمتداد السنة. أفي مثل هكذا أجواء يريدنا اﻷستاذ الكريم الخزعلي أن نطمح وإياه بأمور لا يمكن أن تتحقق؟ هي وأمنية عمنا ناصر( يمتى نحلم )؟ بأن نحلم ونطمح في زمن لايرحم، ونحن ننام ونستيقظ على أخبار اراقة دم في ربوعنا.
فاﻷماني والطموحات لا يمكن أن تأتي من فراغ، ما لم تكن مرتبطة بواقع أيجابي على صعيد الممارسة السياسية والاجتماعية، كون طبيعة الظواهر التي نشأت بعد السقوط، لا تشير الى تحقق أي حلم من اﻷحلام التي كنا نطمح لتحقيقها بعد السقوط، وفي مقدمتها اﻷصلاح والقضاء على موروثات اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية، ما عدا ديمقراطية هشة ربانها طائفيون، قيدوا حياتنا اليومية بأشكال وأنماط مختلفة، تدعونا للتوقف عندها موقف الناقد والمستنكر لكي نميز بين الحقيقي والظاهر، وكي لا نبتعد عن أحلامنا اﻷساسية في التغيير، وتصبح تجربتنا الحسية مجردة، غير ذات قيمة.
إن التأمل والنوايا الطيبة تقودنا الى العمل بشكل محسوس كي نحيط بطموحات نستحقها،تنطلق من جوهر الواقع، وليس من التجريدات المنفردة، فلا بد من الحصول على قاعدة متعددة الجوانب كي نبدأ النهوض بما نطمح الى تحقيقه وبشكل عملي. فالواقع الذي نعيشه، يوصلنا الى أن حتى أحلام أطفالنا تحولت الى كوابيس، بفعل إدخال التفكير الفردي في عقولهم، ليحل محل التفكير الجماعي الذي كان سائدا أيام زمان.
أسأل أستاذي الكريم، هل تحسس شباب اليوم والجيل الناشىء معاناتنا،وهل إستطعنا أن ننقل اليهم مهمة تحقيق أحلامنا كواجبات يلتزمون بتحقيقها، كما التزم رفاقنا اﻷوائل وسلمونا أياها كاملة غير ناقصة وفشلنا بتحقيقها، وهي التي عُمدت بأنهار الدماء. وهل فشلنا أم أفشلنا أخوة النضال ضد الدكتاتورية وإنقاذهم من شرور التشظي الطائفي الذي لم يعرفه المجتمع العراقي من قبل؟
لقد وضعوا المعوقات للحد من حركة الشباب، وصاغوا تعاليم ونصوصا دنيوية لا تحيد عن تحقيق مصالحهم الذاتية، فمن يجمع شباب اليوم فقد منع عنهم الفرح وكل ما يدخل البهجة في النفوس من موسيقى ومسرح وسينما، وكل ما يجاري العصر في التواصل بين الشباب. ففي المدارس يجري الفصل عند السنة السابعة بين الجنسين، وتهمل معالجة التردي والانهيار السريع في بنى اﻹنتاج الصناعية وحتى التقليدية الزراعية، وأصبحنا نستورد البصل، وفقدت فئات إجتماعية صفتها اﻹجتماعية السابقة، وإضطرت الى تغيير نمط حياتها، والتكيف مع الظروف المعاشية الجديدة، فت?لص عدد المشتغلين في اﻹنتاج الزراعي بسبب الهجرة من الريف الى المدينة، وإتسعت رقعة الفقر واﻷمية بين أوساط المجتمع، ونمت البطالة، خاصة مع استقدام العمالة اﻷجنبية. فأنخفض الوعي الطبقي، وبدأ الكثير من العمال المحليين التنافس مع العمالة اﻷجنبية بالموافقة على أجر أدنى والقبول بظروف عمل وعلاقات إجتماعية أردأ. وفرضوا اﻹلتزام الطائفي والتأثير اﻷيديولوجي للمذهب ووضعوا عراقيل أمام عودة الكوادر واﻷيدي الماهرة التي هربت من جحيم الدكتاتورية وإرهاب المليشيات، وغالبا ما وجهوا حرابهم ضد العلمانيين. وجعلوا من فقراء شعبنا تركض والعشه خباز، فهل وفروا لنا ممهدات للطموح وللأحلام، واﻹسترخاء في نوم بدون كوابيس بعد أن مُهد لاحتلال داعش ثلث ترابنا، فلا تزعل يا عم ناصر، فاننا لن نطمح ونحلم إلا بعد تحرير اﻷرض، وبعد ان نلمس التغيير الحقيقي المنشود على أرض الواقع.