المنبرالحر

استرخاء برلماني / قاسم السنجري

لم يجلب قرار تمديد الفصل التشريعي الأول عدة جلسات، على أمل إقرار عدد من القوانين «المهمة»، لم يجلب لمجلس النواب إلاّ المزيد من المشاكل والخلافات التي وصلت إلى حد تبادل اللكمات بين عدد من النواب.
الكتل المتنفذة والمهيمنة على تشريع القوانين، تحاول أن تظهر بمظهر المظلوم «الماخوذ حكه» عند كل نقطة خصام تؤدي إلى تعطيل أحد القوانين المهمة. وتعمل هذه الكتل ومن خلال تصريحات نوابها على إلقاء كرة النار في ملاعب الكتل الأخرى وتحملها مسؤولية التعطيل.
غير أن ما حصل عندما انهى مجلس النواب فصله التشريعي الاول هذه الأيام، هو خروج العديد من نواب الكتل المتنفذة محملين رئاسة البرلمان مسؤولية الإخفاق الذي حدث، وكأنما الهيئة الرئاسية لمجلس النواب، أي الرئيس ونائبيه مستقلون لا ينتمون للكتل الكبيرة. وفاتهم أن الرئيس ونائبيه هم من «القوى المتنفذة» أيضاً، فإن غوت هذه القوى فلن يجد المواطن قانونا يدرج على جدول أعمال مجلس النواب أو يحظى بقراءة من قبل اعضاء المجلس، وإن رشدت - وهنا الرشد يأتي بتوافق المصالح لا بالاتفاق على المصالح العليا للبلاد- ترى أن القوانين التي تعني هذه القوى والمكتوبة بطريقة تخدم مصالحها ستجدها في مقدمة جدول الأعمال وتحظى بنصيب القراءتين وغض البصر عن اعتراضات نائب مستقل هنا أو كتلة صغيرة هناك. بالنسبة للمراقب السياسي، ليست النزاعات داخل مجلس النواب هي ما تلفت الانتباه، بل الاصوات التي تعالت من داخل البرلمان وهي تعيب على رئاسة المجلس عدم توصلها إلى إقرار القوانين المهمة، وتحمّلها المسؤولية، في حين أن أغلب هذه الاصوات صدرت من نواب هم من كتل متنفذة ولها القدرة على تعطيل أو تمرير أي قانون. ولا يوجد تفسير لما وراء هذه التصريحات التي تحاول كل كتلة أن تنأى بنفسها عن الاخفاق الذي شهدته خاتمة الفصل التشريعي الاول سوى ان تتملص من المسؤولية الوطنية والدور البرلماني في تشريع قوانين تهم المواطن وتحافظ على حقوقه.
وقد يجد المراقب للشأن السياسي أن هذه الاصوات البرلمانية انما صدحت من اجل التغطية على خلافات متعلقة بالمصالح الضيقة التي تمسكت بها القوى المتنفذة.
وفي الجعبة البرلمانية الكثير من القوانين التي تنتظر أن ترى النور منذ عدة سنوات، كما أن هناك قوانين تنافس في سنوات انتظارها اقدم نائب حضوراً في مجلس النواب طيلة دوراته البرلمانية، كقانون النفط والغاز وقانون الأحزاب وغيرها من القوانين. وهذه القوانين لا يمكن أن تنتقل من صفة المشروع إلى مرحلة القانون النافذ ما لم تتوفر إرادة برلمانية ووطنية، تضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل مصلحة فئوية أو حزبية ضيقة. مما يُعجب له أيضا في مجلس النواب العراقي، هو حالة الاسترخاء العالية التي يعيشها البرلمان ونوابه، في حين أن اكثر?من ثلث البلاد يشتعل بحرب ضارية مع تنظيم إرهابي يسعى لقضم الدولة العراقية مترا متراً، نعم يتخاصم نوابنا ويتلاكمون ويتمتعون بعطلتهم التشريعية، وفي الجبهة الشمالية والغربية يقاتل جنود مضت عليهم عدة أشهر لم يتمتعوا خلالها بإجازاتهم الاعتيادية ولم يتقاضوا رواتبهم التي عطلها التقشف.