المنبرالحر

ولحرب الشائعات تحالف / ابراهيم المشهداني

اوردت وكالة اخبار شفق نيوز نقلا عن صحيفة صنداي تايمز البريطانية خبرا مفاده ان السفارة البريطانية في بغداد تستعد لإخلاء موظفيها وتدمير وثائقها السرية جراء المخاوف المتزايدة التي يشكلها تنظيم داعش. والسبب في هذه المزاعم هو ان الجهود للحفاظ على تماسك الجيش العراقي لطرد داعش قد فشلت فشلا ذريعا .
فإذا كان الخبر صحيحا فهذا يعني ان بريطانيا وهي جزء من التحالف الدولي المكلف وفقا لقرارات مجلس الامن بشن الحرب جوا على داعش وتحطيم قاعدتها التحتية في القيادة والسيطرة وخطوط الامداد والمعسكرات والأسلحة والذخيرة وما الى ذلك ، لم تقم بدورها كما ينبغي. وليس بالإمكان والحالة هذه تكذيب الخبر بدليل ان السفارة البريطانية لم نسمع منها تكذيبا له او تفسيرا لهذا الاجراء .
صحيح ان القوات العراقية قد اخفقت في مواجهة داعش في بعض المناطق وخاصة الانبار ، لهذ السبب او ذاك. ولكن كمحصلة نهائية ، لم تستطع داعش، ومن ورائها من دول اقليمية او اجهزة مخابراتية تقدم لها المشورة والمعلومات ، ادامة زخمها الهجومي كما كان عليه الحال في العاشر من حزيران العام الماضي، بالرغم من استخدامها حرب الشائعات وهي ابلغ الحروب تأثيرا في معنويات الخصم ، بدعمٍ من اجهزة اعلامية معروفة في الداخل والخارج. وقد حققت نجاحات في هذه الحرب ربما لغياب الاستراتيجة الشاملة لدى اجهزتنا الامنية بكافة صنوفها وغياب الخطة الاعلامية الحصيفة القادرة على النفاذ الى عقل المواطن العراقي وإقناعه بالحقائق على الارض .
وصحيح ان الدواعش قد نجحوا في اختراق القوات الامنية المدافعة عن محافظة الانبار، وهذا فشل يسجل على الخطة الامنية الموضوعة لاسترداد مدينة الرمادي او حمايتها في الاقل من سيطرة الدواعش الارهابيين. الا ان هذا الخرق، ايا كانت تفسيراته ، لا يغير حقيقة ان العاصمة بغداد تظل في مأمن من خرق داعش، لعدة اسباب في مقدمتها الاستعدادات الامنية الكبيرة وتماسك اهل بغداد. وفي نفس الوقت فان الارهابيين لا يمتلكون الطاقات البشرية الكافية لمسك كافة المدن التي قد تستطيع داعش السيطرة عليها. ولا اعتقد ان السفارة البريطانية تجهل هذه الظروف جملة وتفصيلا، خاصة إنها تعرف طباع العراقيين حينما كانت تحكم العراق لاكثر من ثلاثين عاما. فهم في الشدائد يلتحمون في الدفاع عن استقلال البلد.
لهذا كله فان السفارة البريطانية بتصرفها هذا وضعت نفسها في حرب الشائعات مع داعش كحليف، ووضعت نفسها في مأزق مع العراقيين كأصدقاء.
وعلى فكرة، فأنها ليست الوحيدة في هذا الموقف، ذلك ان الكثير من تصريحات القادة العسكريين الامريكان المتناقضة تؤدي، في التحليل النهائي الى نفس النتيجة في دعم حرب الشائعات الداعشية .