المنبرالحر

إشكالية الهجرة غير الشرعية / د. علي الخالدي

لا يزال النقاش محتدم بين حكومات الدول اﻷوروبية ، وشعوبها ،ومنظمات مجتمعها المدني ومراكز مرجعياتها الدينية ،حول إحتضان المهاجرين غير الشرعيين ، واﻷخذ بأيدي كل من وصل إليها ، وبأية طريقة كانت ، بمساعدته في التوطين ، سيما وأن الغالبية العظمى منهم قادمون من دول غير مستقرة أمنيا وإقتصاديا . ومع أن اﻷغلبية تقف الى جانبهم ، لكن البعض بدأ يعلن إستياءه وتذمره من المهاجرين، عبر التظاهر ، ومن خلال تنظيم حملات مستمرة ضد إستقبالهم ، كردة فعل لما يقوموا به من سلوكيات ، وأفعال خارجة عن المألوف ، كتحطيم أماكن أيوائهم المؤقتة ، والمطالبة بحرية الحركة، والصلاة في اﻷماكن العامة ، التي جهزت بما يحتاجوه في حياتهم اليومية ، حتى أنه وضعت حمامات ومرافق صحية متنقلة ،بالقرب من محطات القطار ، وفي اﻷنفاق التي يتركون فيها نفاياتهم كما يحصل في المجر ، حيث وصلت أعدادهم حوالي ال 300 الف مهاجر وفي جيكيا 120 الف ، وأكثر من 150 الف في سلوفاكيا . لهذا تزايدت مطالبة حكومات شرق أوروبا بقية دول اﻹتحاد اﻷوروبي المساهمة بتحمل أعباء إقامتهم التي أثقلت كاهل شعوبها إقتصاديا وأمنيا ،
إن ما يخيف المواطن اﻷوروبي ، هو كثرة ذوي اللحى وذوات النقاب بين صفوفهم ، ورفضهم البقاء في دول أوروبا الشرقية والتوجه الى المانيا ، وبريطانيا ، حيت وصلت أعدادهم في المانيا الى أكثر من نصف مليون . تعارض تواجدهم منظمات يمينية كمنظمة بينيغيدا اليمينية المتطرفة ، والتي تقوم بالتضييق وباﻹعتداء عليهم بشكل مستمر ، مطالبة الجهات المسؤولة بإرجاعهم الى الدول التي أتوا منها . بينما أوقفت النمسا الهجرة اليها ، لتزايد أعدادهم بشكل كبير .
أما إختيارهم لبريطانيا ، يعود الى أن مواطنيها لا يُزودون ببطاقة شخصية أسوة بالدول اﻷوروبية مما يعرقل متابعة المهاجرين غير الشرعيين فيها ، إلا أن الحكومة تعمل حاليا على تزويد كافة مواطنيها ببطاقة التعريف الشخصية ، وبذلك سيتم فرز المهاجرين غير الشرعيين وملاحقتهم .
ومما يزيد تخوف اﻷوروبيين وحكوماتهم ، هو أن أغلب المهاجرين غير الشرعيين شباب من الدول اﻷسلامية ، وهذا يعني خلق مُزاحمة في فرص العمل ، وإنتشار اﻷسلامفوبيا بين المواطنين ، مما جعل حكوماتهم ، أن تتفهم إحتجاجات سكان المدن الحدودية التي يتم أيواء من يلقى القبض عليه في مخيمات أنشأت بالقرب منها ، مما أدى الى تكاثر مافيات التهريب ، ذات الخبرة الماهرة في تنظيف جيوب المهاجرين ، إذا لم تزهق أرواحهم في طريق الهجرة ،أو يجري قتلهم لبيع أعضائهم لمافيات التجارة بالأعضاء البشرية.
كانت أوروبا الغربية سابقا ، محتاجة الى أيدي عاملة في قطاع الخدمات ، بسبب تواصل قلة المواليد، لكن هذا العجز قد تمت معالجته باستقبال عمالة ماهرة من دول شرق أوروبا و هجرتها اليها على اﻷغلب مؤقتة ﻷجل الكسب المادي بسبب ارتفاع اﻷجور والرواتب هناك ، وهذا ادى الى هروب كوادر علمية وأيدي عاملة فنية للغرب من دول شرق أوروبا اليها ، وهذا ما كان وراء إنزعاج ملحوظ لحكومات دول شرق أوروبا .حاليا إنتفت الحاجة الى المهاجرين في الغرب ، وبدأت بإعادتهم الى الدول التي عبرو منها الى الغرب . كما أن غياب تنافس أﻷحزاب اﻹسلامية وخصوصا العراقية التي كانت تزكيهم أمام سلطات الهجرة في بريطانيا والدول اﻷسكندنافية ، على أساس كونهم معارضة حال دون وصولهم اليها ، مما ادى الى تراكم أعدادهم في جنوب وشرق أوروبا .
لقد وجدت دول اﻷتحاد اﻷوروبي نفسها مسؤولة عن سيل المهاجرين المستمر فبدأت بالتفكير جديا بضرورة إيقافه ، ووضع حد لتدفقه ، فإجتمعت مؤخرا ، للبحث في تجفيف مصادر أسبابها وتوصلت الى أن تنمية بلدان المهاجرين وأﻹستثمار فيها ، سيخلق فرص عمل للشباب ويشيع اﻷمن والطمأنينة بين المواطنين ، علاوة على التأكيد بعدم تقديم الدعم اللوجستي والمادي لحكام تلك البلدان ، وحثهم على صيانة حقوق اﻷنسان وتطبيق العدالة اﻹجتماعية والديمقراطية ، مع تخفيف ما كبلتها من قروض تعسفية الشروط.
إن من ترسخت في ذهنه فكرة الهجرة عليه أن يدخل بلدان الهجرة من أبوابها عبر سفاراتها ، وإن يكون حذرا من تسليم رقبته ورقاب عائلته إلى مافيات التهريب ، فكل الحدود مسدودة وبعضها أحيطت بحواجز وأسلاك شائكة يصعب أختراقها ، حتى أن بعض الدول تطلق النار على الطائر الذي يعبر حدودها.
و إن أفلح المهاجر غير الشرعي بالوصول ﻷي دولة أوروبية ما عليه إلا تسليم نفسه للسلطات ، ﻷن هذا هو اﻹسلوب الضامن لمستقبلهم اللأحق ، حيث وجود خطط أيواء وقتية لحين البث بقضاياهم
فلا تجازفوا بأرواحكم وأرواح أطفالكم مالم ، تكن هجرتكم من أﻷبواب ، وعبر المؤسسات التي تلتزم بصيانة حقوق و كرامة اﻹنسان .