المنبرالحر

أيتام آخر وكت / ابراهيم الخياط

البلطجة، حسب دائرة المعارف، هي نوع من النشاط الإجرامي، وممارسه يقوم بفرض السيطرة على فرد أو مجموعة، وإرهابهم وتخويفهم بالقوة عن طريق الاعتداء عليهم أو على آخرين، والتنكيل بهم وأحياناً قتلهم لغرض السرقة أو قمع الرأي. وهو بلطجي وهم بلطجية. والبلطجي كنية دارجة يعود أصلها إلى اللغة التركية، وتتكون من مقطعين: «بلطة» وهي أداة القطع والذبح، و»چي»؛ أي حامل البلطة.
في الدولة العثمانية كان البلطةچي Baltacı من أصناف العمال في القصر السلطاني. وكانت وظيفته في البداية تنظيف الطريق من الأشجار أثناء توجه السلطان للغزو، ثم اشتغل في القصر بمختلف المهن، مثل إطفاء الحريق وتنظيف غرف المعروضات.
وفي مصر أوجدهم النظام السابق وأجهزته الأمنية المختلفة. حيث كانت هذه الأجهزة المرعبة تستخدم مجرمين سابقين، بائعي مخدرات ومستهلكيها، أو مرتزقة، للقيام بأعمال شغب ضد المتظاهرين والمعارضة في الساحات العامة وحتى داخل الجامعات، مقابل مبالغ مالية. إلا أن ظهورهم بشكل كبير في وسائل الإعلام بدأ مع الثورة المصرية في 25 يناير 2011 ضد نظام حسني مبارك، عندما حصلت أعمال سلب ونهب قامت بها مجاميع من البلطجية، الذين استخدموا حتى الخيل والبعران في ترهيبهم لجموع الشبيبة المتظاهرين في ميدان التحرير.
واستخدم ضباط مباحث أمن الدولة هؤلاء البلطجية مستغلين حاجتهم إلى المال, حيث انهم ينتمون في غالبيتهم إلى مناطق وأحياء توصف بأنها هامشية أو عشوائية. ويتم تخييرهم بين أمرين, إما الاعتقال في حال عدم تنفيذ المهام التي توكل إليهم، أو منحهم بضعة جنيهات في حال القبول والقيام بهذه المهام.
وعادة ما يعرف المصريون البلطجية من شكلهم الخارجي، حيث أنهم غالبا ما يكونون ذوي خدوش وآثار جروح في وجوههم، ولهم طريقة مميزة في ارتداء الملابس، وأسماء شهرة غريبة من نوعها. وعن لسانهم قال شاعر:
(وتأمر, تأشر يا حزب الحكومة
ملاكمة، مصارعة بخناجر وشومة
نزغّد .. نخرّب .. ونُلطش وننطح
نشوّه.. نخوّن.. نجرّس ونفضح
ولو بنت خارجة.. صحافية شاردة
نكسّر ضلوعها، وأعصابنا باردة)
وتقول دائرة المعارف ان خطورة هؤلاء البلطجية تتمثل في كونهم «أدوات عنف بلا عقل». فهم قد يفسدون حتى خطط من يستعين بهم، ذلك ان ضباط الأمن وكبار قيادات الداخلية لا يقدمون معلومات حقيقية لهؤلاء البلطجية، بل يعرّضونهم إلى عمليات «غسيل الدماغ» بحيث يتم إقناعهم بأن الخصوم هم أعداء يجب ردعهم، وأن مهمتهم هي وطنية ودينية لأنهم يحمون البلاد من أخطار الفتنة الكبرى المحدقة بها!
وهم بلطجية في مصر، وبلاطجة في اليمن، وشبيحة في سوريا، وشماكرية في المغرب، وميليشيا النظام في تونس، ومرتزقة في ليبيا، ورباطة في السودان، وفي العراق هم الأيتام علامة «المكصات».