المنبرالحر

لينطلق اﻹنتصار الوطني من تحت جدارية جواد سليم / د. علي الخالدي

لقد برمج العامل الخارجي بعد أسقاط الصنم عقول الكثير من سياسي اﻷحزاب اﻷسلامية والقومية ، بأن أساس القضاء على موروثات الدكتاتورية والنهوض باﻹصلاح ، يتم عبر تبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، الذي سَيُنمي المجتمع ، ويعزز اﻹنتماء الوطني العراقي ، الذي خلخلت قوامه اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية ، منذ إجهاض ثورة تموز المجيدة عام 1963 على أيدي مكونات الطابور الخامس الذي قادته أمريكا . وبأنه سيتكفل بتقسيم الفطيرة العراقية بين اﻷحزاب اﻹسلامية واﻹثنية ، ويرسم مسار العملية السياسية بما يضمن تحقيق مصالح الطرفين فحسب .
إستغل هذه الفرصة ، المتلونون واﻹنتهازيون والطامعون بخيرات البلاد ، الذين جاؤا مع العامل الخارجي من الخارج ، وبصورة خاصة من حملة الجنسية المزدوجة ، فَسُهل لهم إحتلال مواقع القرار السياسي واﻷمني و حتى الدبلوماسي ، بالضد من اﻷعراف الوطنية والدولية ، التي لا تتيح أية فرصة ﻷمثال هؤلاء ، إلا لمن يتخلى عن الجنسية الثانية . لكن تلك اﻷحزاب التي قادت البلاد ، باﻹضافة لتجاهلها تلك القاعدة . لم تعر أي إهتمام ، لحساسية الشعب العراقي من التعاطي مع المتعاملين مع الدول اﻷجنبية ، فواصلت الحكومات التي شُكلت بعد السقوط على أساس محاصصاتي ، التقيد بهذه القاعدة المريضة، ولم تعمل على تنظيف نفسها ولا أجهزتها من الذين يصروا على التمسك بالجنسية الثانية وبنهج المحاصصة ﻷغراض يعرفها القاصي والداني ، ودون اﻹستماع الى تحذيرات اﻷحزاب الوطنية من مغبة مواصلة هذا النهج ، الذي قاد اﻷجهزة اﻹدارية واﻷمنية لتكون حاضنة للفساد والفاشلين ، فأدخلوا البلاد في متاهات ودهاليز المصالح الحزبية والكتلية ، ناهيك عن تسهيل التدخلات الخارجية التي عرقلت مسار العملية السياسية على السكة الصحيحة ، موصلين البلاد الى حافة هاوية سحيقة كما هي عليه الآن.
إن أغلب من جيء بهم من الخارج ، لبسوا عباءة المذهب والطائفة ! وتطرفوا برفع شعارات نصرة هذه الطائفة أو تلك ، معتقدين أن ذلك سيمكنهم من إخفاء طرق نهب المال العام ، والسحت الحرام عن الجماهير ، طيلة ثلاثة عشر عاما ، خلالها لم تلمس الجماهير الفقيرة ما بشروا به من الخير الموعود ، بل تصاعد في ظل حكمهم الفساد الموروث ، وإنخفض منسوب الوطنية لدى الكثير من القائمين على موقع القرار ، متناسين أن عشق الوطنية والحياة الحرة الكريمة تشرب بها العراقيون منذ شربهم ماء دجلة الخير والفرات ، لتصبح اللغة الوحيدة التي يحسنوا إستخدامها عند تزوير الحاكم معطيات الواقع العراقي، وخروجه عن المألوف.
لقد أدرك شعبنا العراقي ، وبالوقائع الملموسة ما تريده الدول الطامعة القريبة والبعيدة من أدواتها في الداخل ، الا و هو اﻹصرار على ربط نية عملية اﻷصلاح الحقيقي ، بنهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، أس المآسي والويلات التي إكتنفت حياة الناس طيلة 13 عاما ، والتي خلالها لم تهادن جماهير الشعب القائمون على موقع القرار ، فتصدت لهم في إنتفاضتها اﻷولى في 2011 التي قُمعت بقوة السلاح والذخيرة الحية ، في أجواء صمت البعض في الداخل والخارج .
وتواصلت المطالبة باﻹصلاح بالطرق السلمية المتنوعة ، وقُدمت المقترحات لتجاوز المخاطر التي تحف بالبلاد جراء الفساد والفشل اللذان وقف وراءهما ،النهج الذي أوقع الوطن بالمحظور والذي لا زال يهدد كيانه الجغراقي والسياسي ووحدة مكوناته اﻹجتماعية لذا إنطلقت الجماهير سلميا بالمطالبة بإصلاح حقيقي ، وُعد بتحقيقه.
مرت خمس جُمع ، ولم يُلمس ما يشير الى نية تحقيقه على أرض الواقع . فلم يكن أمام المنتفضين من خيار سوى مواصلة الهبة ، من تحت جدارية جواد سليم لتعم أرجاء الوطن بشكل أكبر وأكثر وقعا وتأثيرا ، لحين لمس اﻷصلاح الحقيقي الذي يلبي حقوق المواطنة التي أغتصبت ، ويعكس إحترام إرادتها وتراثها النضالي المطلبي الذي لم يخرج عن أطره الوطنية ولم يرتفع عن سقف المشروعية ، ويحرره من قيود نهج المحاصصة ، ويربطه بتوقيتات زمنية ، بما في ذلك إجتثاث الفاسدين في أجهزة الدولة ، ومحاسبتهم ، وإعادة كل ما أختلس من المال العام ، كي يعود اﻷمل الذي حملته الجماهير في نفوسها بعد سقوط الصنم بالحياة الحرة الكريمة ، و تتفرغ كليا للتصدي لمعركة تحرير اﻷرض من براثن داعش ، حتى يتحقق النصر الوطني العراقي التام على كل اﻷصعدة.