المنبرالحر

الديوانية .. انطباعات من قلب تظاهراتها / ثامر الحاج امين

تتوالى الاسابيع و» الديوانية « تعيش غضباً شعبياً عارماً تمثل بمسيرات الاحتجاج التي خرجت منددة بالفساد، والتدهور الخطر الذي طال مفاصل عديدة من الدولة نتيجة نظام المحاصصة الذي جاءت به الأحزاب المتنفذة، والسلوك المشين الذي مارسته بحق مقدرات البلاد جراء العملية السياسية التي شابها الكثير من الاخطاء الكارثية، التى قادت البلد الى هذا الخراب والى هذا والمصير المظلم .
ان ما يميز الطوفان البشري الذي غصت به شوارع وساحات المدينة على مدى اسابيع، هو ذلك التنوع الطبقي والثقافي المشارك في هذا الغضب الوطني، الذي عكس حجم السخط الشعبي على من تسبب في الأذى والخراب. فتسمع من قلب العاصفة صوت المثقف، وقصيدة الشاعر، وانشودة الفنان، وترى ايضا عنفوان الشباب، ومؤازرة المرأة التي هي حاضرة وبشكل جلي في هذا الحراك المدني، الداعي للاصلاح والفاضح لزيف وعود الاحزاب المتنفذة، وفشل مشروعها الطائفي الذي سبب الكوارث ووضع مستقبل البلد على كف عفريت.
كما عكست التظاهرات الوعي المتقدم للمتظاهرين من خلال الانضباط العالي في السلوك والشعارات والهتافات التي سادت جو التظاهرات، حيث تمكنت الهتافات من جر العديد من الناس الى قلب التظاهرة، وهم الذين كانوا يقفون متفرجين ( يامواطن ياشريف .. ليش واكف عالرصيف ) او في الأهازيج التي ألهبت الحماس ( ايشوّر والله ايشّور .. ليش بخيره اتبوك ).
وقد كان لإتحاد الأدباء والكتاب في الديوانية حضوره المميز من خلال مشاركة اعضائه في المسيرات، وكذلك من خلال الأماسي التي عقدها للتعريف بثقافة العصيان المدني، مستعينا بتجارب الشعوب في هذا الميدان .
وشهدت مسيرات الاحتجاج مشاركة المناضلين القدامى الذين لم تمنعهم قواهم الخائرة من الحضور في مقدمة الكرنفال الوطني، وكان من أبرزهم المناضل اليساري « هادي ابو ديه « الذي رأيته بعد ستين عاما من مشاركته في التظاهرة المنددة بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، التي تعرض فيها لطلق ناري من بندقية شرطي ادى الى بتر ذراعه. رأيته ما زال مناضلا عنيدا ملتصقا بهموم شعبه يتقدم تظاهرات اليوم صارخا: لا للفساد ، لا للطائفية!
هذا المناضل الشيوعي الذي هو اليوم ايقونة الديوانية، تفتخر به حركة اليسار العراقي، ويظل قلبا ينبض بحب العراق ويهتف لحريته دون ملل، فقد رضع حب العراق من قيم حزبه المخضرم .. الحزب الشيوعي العراقي.