المنبرالحر

الشعب يقدم الشهداء..والسفارة تقدم عرضاً للأزياء! / علي فهد ياسين

السفارات مواقع جغرافية سياسية تعتبرجزءاً من خارطة الوطن في البلدان الأُخرى،يمثل طواقمها الحكومة،لتكون نافذة اتصال مع حكومات البلدان التي تتواجد فيها،اضافة الى وظيفتها في رعاية مصالح رعاياها القاطنين في تلك البلدان.
كما أن للسفارات برامج عمل تحددها ظروف البلدان التي تمثلها،وظروف العراق في هذا الوقت بالذات تفترض أداءاًنوعياًلسفاراته،يتناسب مع حجم ونوع التحديات التي تواجهه وهو يخوض صراعاًمصيريا ضد عصابات الارهاب،بالتزامن مع واقعاًاقتصادياًصعباً،نتيجة انخفاض اسعار النفط الذي يمثل المورد الاساس لثرواته.
بالتزامن مع توجه الحكومة العراقية لضغط النفقات،وبالرغم من اشكالته القانونية والاجرائية التي لانريد الخوض فيها الآن،تقوم السفارة العراقية في المغرب برعاية(عرض للأزياء) في الأول من اكتوبرالماضي،بمناسبة(يوم المرأة المغربية)!.
حضور العرض،وزراء مغاربة وسفراء عرب مع زوجاتهم،وسيدات مجتمع مغربيات واعلاميون،ويقوم راعي العرض السفيرالعراقي(حازم اليوسفي) بمعية زوجته مصممة الأزياء(شرمين قصاب)،بتكريم المشاركين فيه،ومن ضمنهم مخرج العرض نوزاد شيخاني المقيم في المانيا،بشهادة تقديرية من السفارة العراقية و(خنجر)مغربي من التراث الأمازيغي!.
السفيرالعراقي صرح في المناسبة قائلا(من ضمن واجبات السفارة من سفير وحرم السفير وكادر السفارة في أي بلد هو إعطاء صورة عن البلد الذي يمثله ومن أوليات واجبنا ان نعكس صورة العراق)، وكأن المطلوب منه ومن طاقم سفارته الآن هو تقديم عرض أزياء من تصميم زوجته،يستضيف فيه نخبه من ضيوف السفارة،في سهرة تستنزف المال العراقي،تحت يافطة عكس صورة العراق،وهو يعرف أن صورة العراق الآن تمثل شعب يقاتل فلول الارهاب المدعومة من اعداء العراق،ومن ضمنهم بلدان شارك سفراؤها في حفل(سفارته)!.)
هكذا يفهم سفير العراق في المغرب واجباته في هذه المرحلة،في الوقت الذي يقدم الشعب العراقي قوافلاً يومية من الشهداء من أجل تحريرالأرض العراقية من عصابات الارهاب،وفي الوقت الذي تعم المدن العراقية تظاهرات الاحتجاج على الفساد والفاسدين،وفي الوقت الذي تجتهد الحكومة في ضغط النفقات،وفي وقت يتطوع العراقيون لمساندة القوات الأمنية في معاركها الشرسة ضد داعش،وفي وقت معاناة النازحين العراقيين في المخيمات،وفي وقت سرطان هجرة الشباب العراقي باتجاه المجهول،وفي وقت الوضع الشائك في كردستان!.
الطبيعي أن تكون أنشطة السفارات معروضة على وزارة الخارجية للموافقة عليها ورصد الميزانيات لها قبل التنفيذ،واذا كان هذا(النشاط)حاصلاً على موافقة وزارة الخارجية فتلك مصيبةً،وان كان اجتهاداً للسفير فالمصيبةُ أعظمُ، وفي الحالتين لابد أن يكون للوزارة ولهيئة النزاهة وللحكومة وللبرلمان موقفاً منه،وقبل موقف هذه العناوين الحكومية وبعده،لابد أن يكون لساحات الاحتجاج بصمتها المضافة في ملف السفارات العراقية في الخارج!.