المنبرالحر

متى يكون قرار العراق عراقيا؟ / ئاشتي

 
"1"
على شواطئ بحيرات روحك تتجمع كل نوارس الحزن لكي ترثي بقية أمل مازال يتأرجح في تلابيب الروح من زمن تبخرت كل أيامه، فما عادت تنفع به كل الايهابات ولا تسند ظهره كل مقومات النخوة التي تربى عليها، كل شيء أصبح يتلو على جسده وروحه المحتضرة (العديلة) كي يرقد بسلام في ظل دولة ما هي بدولة وفي كنف حكومة لا تعرف تحكم حتى نفسها، وبين الإبحار في سفن اليأس الإجباري والنزعة القيصرية في خداع النفس تجد نفسك مضطرا على التشبث بخيوط الوهم التي ارتبطت بك، حيث لا يتسنى لك ولا لها الاقتراب من حافة النهاية، ونهاية الأشياء مثل بدايتها، تتداخل وتتفكك في زمن غير محدد أحيانا، وفي أحايين أخرى يرجع بك إحساس متميز بعراقيتك، يجعلك تصرخ أنا عراقي.
"2"
أنا عراقي تعيد إليك في ظل ظروف حياتك المعاصرة الف شكوى مثلما تمنحك لحظة صفاء في سمو الانتماء، يثير سخطك ما يسرقه الحكام من ثروات بلادك، وتمتلئ نشوة وفخرا حين ترى الشباب العراقي يفترش الأرض دفاعا عن وطنه، في الأولى ترتفع كل مديات سخطك على هذا الانتماء، وفي الثانية تتمنى أن تقبل أقدام الذين يقاتلون دفاعا عن الوطن، وما بين الأولى وتوابعها والثانية وملحقاتها تجد نفسك أنت العراقي الذي يكره ويعشق وطنه في آن واحد.
"3"
أجل في آن واحد تنزل القرارات نزول المطر في نيسان، وكل قرار يختلف عن الأخر في شكله وفحواه، فتشعر أنك في عراق مشظى حقا، ولا تدري لمن تنتصر للحكومة أم للمليشيات، للأحزاب أم للقوى الإقليمية؟، لعراقك المختبئ بين أضلاعك منذ الطفولة أم للتاريخ المزيف والذي أتى به المزيفون في عربات من صنع أجنبي وبماركة مسجلة، لهذا ضاعت القيم الإنسانية والوطنية وصرنا نبحث عن إنسانيتنا في قرار عراقي.
"4"
والقرار العراقي للأسف لم يعد قرارا عراقيا، فقد ضاع بين مطامح الذين يرغبون والذين لا يرغبون، ما عاد للعراق في عقول ونفوس الذين يتحكمون بالقرار أي أثر، تابعيتهم للقوى الأخرى ألغت العراق من أذهانهم وتفكيرهم، فلم يعد القرار العراقي قرارا عراقيا، بل بات تتجاذبه أمواج بحار أخرى وما وجود القوات التركية على أرض وطننا إلا دليل على هذا الضياع، وما نسمعه من قرارات يذكرنا بالأناشيد العربية بعد الخامس من حزيران 1967
"5"
يبدو حالنا مثل حال السفن التي تصفها الشاعرة الأمريكية أميلي ديكنسون
(السفُنُ التائهةُ، وهي تعبر
لمحت وجهاً
محمولا على المياه
بعينين ما زالتا تتوسلان الخروج
ويدين ضائعتين تستعطفان)