المنبرالحر

عملية اعادة اعمار المحافظات المحررة / ابراهيم المشهداني

منذ سنوات عدة والجيش العراقي، بغض النظر عن خيبات هنا وانكسارات هناك، يخوض حربا ضارية ضد الارهاب بمختلف مسمياته ، بديلا عن العالم ، باعتبار ان العراق اصبح وكرا للدبابير وقد ازدادت هذه الحرب ضراوة منذ حزيران عام 2014 وأصبحت العديد من المحافظات ومنها العاصمة بغداد تحت مرمى مدافعه وصواريخه .
لقد كانت تكاليف هذه الحرب باهظة جدا لدرجة ان الحكومة العراقية التي فقدت مصادر تمويلها الرئيسة ولاذت برواتب المتقاعدين والموظفين لتستقطع بعضا من لقمة عيشهم التي لم تكد تكفيهم لأسبوع واحد لتسدد بها تكاليف الرصاص المستورد من الخارج ، وهذا هو الجزء الاول من تكاليف الحرب اما الجزء الاخر منها فيتمثل في مئات المدن التي تحولت بفعل هذه الحرب الى اطلال والجزء الثالث من ثمن الحرب اكثر من ثلاثة ملايين بين نازح ومهجر ومهاجر وهذه الامور بعبارة واحدة خراب للقاعدة التحتية وتفتيت للنسيج الاجتماعي وتوقف للحياة الاقتصادي? وتعطيل للطاقات البشرية .
ومهما يكن من امر هذه الحرب طالت ام قصرت، وأيا كان حجم الخراب الذي أنتجته او مقدار الاموال التي تتطلبه عملية اعادة اعمار المدن المحررة ، فان الدولة معنية بتحمل هذه المسؤولية الشاقة وان تكون هذه المهمة في مقدمة اولوياتها وان ينشغل التفكير كله في عملية اعادة البناء وحساب متطلباتها منذ الان رغم هموم الحرب التي لم تعرف نهايتها بعد، ووضع استراتيجية خاصة بإعادة البناء ويجب ان لا نتوهم ان العراق بأزمته المالية والاقتصادية الراهنة لديه القدرة على اعادة بناء المدن المخربة بما فيها من مستشفيات ومدارس ومؤسسات حكومي? وإصلاح الطرق ومعالجة معامل تصفية المياه وما الى ذلك من دون ان يكون لدول العالم دور اساس في هذه المهمة وخاصة دول الجوار .
ان التقارير المنشورة في الصحافة العراقية تشير الى توجهات دولية لتقديم الدعم للجهود الوطنية في ترميم ما يمكن ترميمه من المدن المحررة من خلال برنامج الامم المتحدة الانمائي عبر اتفاقية مع المصرف الانمائي الالماني تتضمن تقديم 33 مليون دولار، 22 مليون دولار منها تخصص لدعم برنامج الاستجابة وبناء القدرة على مواجهتها و11 مليون دولار تخصص الى صندوق تمويل الاستقرار الفوري لغرض توصيل الخدمات العامة ودعم آليات الحكومة ومؤسساتها الخاصة فيما تقدم ايطاليا مبلغا مقداره اكثر من تسعة ملايين دولار يتعلق جزء منه بتوفير الاس?قرار الفوري والجزء الاخر لتوفير الخدمات وتنشيط الاقتصاد في محافظات صلاح الدين وديالى ونينوى والانبار. ان هذه المساعدات على اهميتها فأنها غير كافية لإعادة البنى المخربة في المحافظات المنكوبة .
ان الحكومة العراقية مدعوة إلى إعطاء تصور واضح ومدروس لممثلي الامم المتحدة في العراق يخص شكل وآليات توفير المساعدات لها بهدف اعادة بناء القاعدة التحتية في المحافظات التي تعرضت إلى الدمار عبر منظومة من الاجراءات وفق خطوات متدرجة لاستكمال خارطة المساعدات المطلوبة وكما يلي :
- تشكيل هيئة مركزية برئاسة رئيس الحكومة تضم ممثلين عن الوزارات كافة وفريقا واسعا من المستشارين بمختلف الاختصاصات وممثلية الامم المتحدة في العراق ، مهمتها اعداد ملفات تفصيلية عن كل محافظة تعرضت إلى الحرب وتحديد حجم الدمار وتخمين المبالغ التي تتطلبها عملية البناء .
- العمل على عقد مؤتمر دولي على غرار مؤتمر مدريد ودبي وعمان للدول المانحة لدراسة حجم المنح والمساعدات التي تستطيع تقديمها للعراق وإعداد صندوق خاص بإعادة الاعمار للمحافظات المتضررة فقط .
- وضع خارطة طريق للكيفية التي تدار بها هذه العملية ودور الدولة والمؤسسات الخاصة بإشراف الامم المتحدة والحفاظ على عملية الصرف من اخطار الهدر والفساد المالي وإبعاد الجهات المتهمة بشبهات الفساد كافة منعا لعودة سيناريو الفساد .
- تفعيل قانون الاستثمار وخلق المناخ الملائم للاستثمار في هذه المحافظات والعمل على مشاركة الدول الكبرى في هذا المشروع على غرار مشروع مارشال بعد الحرب العالمية الثانية الذي لعب دورا كبيرا في اعمار الدول الاوربية التي تعرضت إلى دمار الحرب .