المنبرالحر

من يريد تخريب الوطن ؟! / محمد عبد الرحمن

من المؤكد انهم ليسوا من الوطنيين والديمقراطيين والمدنيين، الصادقين في حبهم لوطنهم ، والمتطلعين الى اليوم الذي يتخلص فيه من ازماته وينحو صوب الامان والاستقرار والتقدموالرخاء والازدهار .
كما انهم ليسوا ممن يريدون قولا وفعلا الخلاص من الارهاب ومنظماته، وبضمنها احقرها داعش، ام الموبقات التي احتلت ثلث اراضي وطننا بفعل الفاسدين والمرتشين، والفاشلين في ادارة شؤون الحكم اتحاديا وعلى صعيد الحكومات المحلية .
وهم قطعا لا يمتون بصلة الى الفقراء والكادحين، والمجاهدين من اجل تأمين لقمة عيشهم اليومي ، الاوفياء لعرق جباههم .
ومن المستحيل ان يكونوا من المتصدين بعزيمة وتصميم وبشعور وطني عال للفاسدين والمفسدين ، او من اصحاب الحرص الاكيد على المال العام ، وممن يتفاخرون عن حق بكونهم من اصحاب الايادي البيضاء وبسجلهم الناصع كالثلج الذي هطل اخيرا على عراقنا، واظهر على نحو ساطع عجز الحكام عن حماية مواطنيهم في هذا الشتاء الاستثنائي ، وخصوصا من النازحين ، الذين منهم من قضى نحبه ،ومنهم الكثير الذي ينتظر مصيره المجهول ، في ظل اللامبالاة وانعدام الاحساس بالمسؤولية.
ولا احد يتصور ان يكونوا من المثقفين والاكاديميين ، الذين انحازوا بصدق وضمير حي الى قضايا الوطن والشعب ، وجعلوها هما يوميا لهم .
ولا هم من السياسيين والمتخصصين الذين ما برحوا يحذرون من عواقب الاصرار على النهج الخاطيء الذي سار عليه الحكام منذ 2003 ، ويشددون على ضرورة التخلص من المحاصصة الطائفية والاثنية ، الحامية للفساد وشبكاته المتغلغلة في مفاصل الدولة ، والمطالبين حتى قبل ان " تقع الفاس بالراس " ، بعدم الاعتماد اساسا على عائدات النفط ، وبضمان تعدد مصادر الدخل الوطني وتخليصه من طابعه الريعي ، وتطوير الصناعة والزراعة وعموم الانتاج.
ومن المستبعد ان يكونوا من المنتجين الحقيقين ، وممن يحرصون على تطوير المنتج الوطني ويدعون ، عن وعي وصدق ، الى حمايته وتفعيل القوانين ذات العلاقة.
وبحكم المؤكد انهم ليسوا من الذي يحجون لى ساحة التحرير وساحات العزة والكرامة في مدن ومحافظات الوطن الاخرى ، منادين باعلى اصواتهم بالاصلاح والتغيير. او ممن لهم صولاتهم ضد السراق والمرتشين واصحاب الامتيازات ، ومن المنادين بتأمين الخدمات للناس. وهم الذين عاهدوا انفسهم ان لا يسكتوا على ما يرتكب بحق الوطن من جرائم ، وان يعروا المسؤولين عن ذلك .
كذلك ليس بين من مر ذكرهم اعلاه من ساهم في زيادة نسبة الفساد لتغدو 75 بالمائة في سنة 2015 ، بعد ان كانت 67 بالمائة في العام 2014. ولا ضمنهم من اعاق فتح ملفات كبار الفاسدين ، وملفات القضايا الاخرى المهمة مثل جريمة سقوط الموصل ، وجريمة سبايكر ، وملف سقوط الرمادي ، والجريمة الكبرى في اختفاء اموال موازنة 2014 التي بلغت تقديراتها 140 مليار دولار .
هؤلاء لا يريدون ، لا الان ولا في المستقبل ، تخريب الوطن والحاق الاذى به وبابنائه .
بل ان من يرد يخربون ، بقصد او بدونه ، هم المتنفذون الفاسدون ، والمتمسكون بالمحاصصة المقيتة ، والمرتشون ، واصحاب الشهادات المزورة ، والارهاب وتشكيلاته على اختلاف الوانها ، والمليشيات الوقحة ، واصحاب الجريمة المنظمة والخطف والسطو المسلح ، ومن يعملون ليل نهار من اجل مصالحهم الخاصة الانانية الضيقة على حساب قضايا الوطن والشعب العليا .
ان من يريدون التخريب هم من تتوجب محاربتهم والتصدي الفاعل لهم، وتنحيتهم عن مواقع المسؤولية. وهم معروفون ، ولا تخفى هوياتهم على احد.
وبذلك، وعبر عملية الاصلاح الحقة ، تتم اعادة هيبة الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية ، والتقدم على طريق بناء دولة المؤسسات والقانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية .