المنبرالحر

أيتها المرجعيات...إنها ثقافة سلفية ليس إﻻ / د. علي الخالدي

في أكثر دول الشرق اﻷوسط ، يتبنى اﻷخوان المسلمون ، وأحزاب التشدد اﻹسلامي الفكر السلفي بتشجيع ، من أعتى الدول معاداة لحركات التحرر الوطني بصورة عامة ، ولليسار بصورة خاصة . لذا لا غرابة من أن تمدهم هذه الدول بالمساعدات المادية واللوجستية ، للسير قدما في تواصل عرقلة إشاعة الديمقراطية ، وتنفيذ خططها التي لا تبتعد عن معاداة حراك وتشويه فكر القوى الوطنية ، أمام بسطاء الناس ، وعرقلة المساعي الهادفة ﻹحداث تغيير حقيقي يُعضد من مهام بناء الدولة المدنية ديمقراطيا ، ويوصل البلد الى التنمية ومجاراة التحضر
لقد شوهدت هذه الظواهر في تسلكات الكثير من اﻷحزاب اﻷسلامية المتشددة ،والمتسترة بمسميات متعددة ، والتي جيء بها ﻹستلام السلطة في العديد من بلدان الشرق اﻷوسط ، أو مساعدتها لقلب اﻷنظمة ذات التوجه الوطني المعادي لتطلعات الدول اﻹستعمارية ، بإقامة أنظمة ذات توجه معاد لقيم التمدن ، تستأثر بثروات وموارد شعوبها ، ولا تبخل في سبيل ذلك مغازلة إستغفال شعوبها بوضع عناصر متزمتة دينيا في مواقع القرار السياسي ، تعمل على نشر ثقافة مكارم أطاعة أولي اﻷمر بين الناس ، بإعتبارها قيما توصل من يلتزم بها إلى الجنة في حياته اﻷخروية ، ومن يتمرد عليها فمصيره جهنم وباس المصير ، غاسلين بذلك أدمغة ضعيفي اﻷيمان ، وبصورة خاصة الشباب منهم بإغراءات دنيوية وأخروية ، كي يتطوعوا بأعمال إرهابية وإنتحارية ، يحصدوا بها حياة العشرات من اﻷبرياء ، كما شاهدناه ونشاهده في بعض بلدان المنطقة .
فهذه اﻷحزاب تسخر مراكزها الدينية المتعددة ، بشكل منظور, بنشاطات على مرأى الجميع دون معارضة ، (مخافة إﻹتهام بالكفر ) . و تثور حفيظة البعض منها و تشتشيظ غضبا وسخطا ، عند بناء معبد أو كنيسة ، و عند مشاطرة متبني الديانة غير اﻹسلامية اﻹحتفال بمناسباتهم . عبر اﻹصرار على تشريع قوانين تلزم الناس بتطبيق إجنداتهم بإسم الدين ، غير عابئين بما ستؤول اليه هذه اﻹجراءات واﻷفعال من تهشيم للبنية اﻹجتماعية ، وإفقار الشعوب من روح اﻹنتماء الوطني ، بالضغط بكل ما تتاح لهم من وسائل لجعل أجنداتهم مُسَيِرة لنهج النظام ، ليضمنوا عدم المسائلة من الناحية القانونية ، بإعتبارهم قادة أحزاب دينية غير خاضعة للمكاشفة ولا المحاسبة من قبل قواعدهم ، ولكونهم ورعين دينيا يطبقون تعاليم الشريعة ، فمسؤوليتهم أمام الله فحسب ، لذا إبتدعوا أحقية سحب سلطة التكفير من الله والرسل ، وشرعنوها لتكون بأيديهم وحدهم . مما شكل ذلك أولى خطوات اﻹبتعاد عن الدين وتشويه خطابه ، ناهيك على ما يظهروه من هوس وتنافس فيما بينهم ، باﻹستحواذ على كل ما هو ثابت ومتحرك من الملكية العامة ، معتمدين على دعم طبقة جديدة ( البرجوازية الهجينة ) التي تكونت بفعل حاجتهم الى الدعم من ضعاف النفوس الذين يقتاتون على فتاتهم ، ليلحقوا الدمار والخراب في البنى التحتية للبلد ، وإشاعة الفساد والمحسوبية في كافة مفاصل الدولة ، كما شوهد ذلك في كل من العراق ومصر وتونس ، وما يراد له أن يحصل في سوريا وليبيا واليمن
لم يعد ينطلي على الناس لبس التدين ، و وضع العمامة التي تنزع في الخارج ، ونقش الزبيبة في الجباه والتحدث بإسم الدين ، بينما يراكمون ثرواتهم المنقولة وغير المنقولة ، ويتكبرون على العامة ، بعد أن إعتادت على رؤويتهم بين صفوفهم ، وعند تعشعشهم في مواقع القرار ، يعزلوا أنفسهم عن الشعب ويتحصنوا في منطقة بحراسة مشددة ، ونظرهم غير بعيد عن إتساع رقعة الفقر، وتحرك المليشيات السائبة التي تخوف الناس وترعبهم لما لها من إمكانية شن حملات اﻹستيلاْء على ممتلكات المكونات العرقية غير اﻹسلامية ، ويُجري التستر على تلك اﻹنتهاكات ، بكيل الوعود التي لا ترى النور ، تنطلي على المكونات العرقية ومراجعها السياسية
من كل ما تقدم يتوجب على المرجعيات اﻹسلامية التي تدعي الحفاظ على القيم اﻷسلامية ، ومن كافة تنوعاتها ، إصدار فتاوى صريحة تحرم ما أشرنا اليه ، وتكفر كل من تسول له نفسه بنشر ثقافة السبي والنهب واﻹجرام وقطع الرؤوس ، وعدم اﻹكتفاء بالقول ، إنها تصرفات لا تتماهى مع التعاليم اﻹسلامية . وأن يعملوا على كل ما من شأنه إصلاح طريقة التعامل مع مرجعيات المكونات العرقية غير اﻷسلامية ، وتكفير كل من يدعو ويقوم باﻷذى المادي والمعنوي بحقها ، واللجوء الى منطق العقل والحوار والتشاور معها ، بغية التصدي سويتا ﻹيقاف تلك العمليات التي تسيء الى اﻹسلام ، قبل اﻹساءة للقائم بها . فكتاب معالم في الطريق ﻷكبر مرجعية إخوانية في مصر السيد قطب ، أصبح دستورا ﻹبن لادن وبالتالي للقاعدة وداعش , والنصرة ، وهذا الكتاب مشحون بأفكار تكفير المذاهب اﻷسلامية بعضها على بعض . ويبرر إستباحة دماء المسلم (ناهيك عن غير المسلم) ، وتحليل قتله إذا أتى على ناقصة من نواقص اﻹسلام السلفي العشرة ، وبذلك يسرق السلفي سلطة الله ويطوعها لتكون ممارسته اليومية في الدنيا بحق من لا يلتحق به ، مما يتطلب إتخاذ مواقف حادة ، بما فيها إصدار فتاوى صريحة تدين هذا المسلسل المسيء للرسالات السماوية.