المنبرالحر

الشراكة والتوافقات السياسية ، وجهان لنهج المحاصصة / د. علي الخالدي

المتتبع لوضع بعض بلدان الشرق اﻷوسط التي تجري فيها صراعات داخلية تعطي إنطباعا ، أن شعوبها لا تملك قرار مصيرها بيدها ، طالما بقيت أنظتها تخضع بهذا الشكل أو ذاك لتوافقات أقليمية ودولية تُفرض على أحزاب وكتل تثقفت بثقافة اﻹعتماد على العامل الخارجي ، هذه الثقافة التي تعتبر من أخطر الثقافات ، التي وُضِعت من قبل أعتى الدول عداءا لحركات التحرر الوطني وأحزابها اليسارية ، ومع هذا تُبُنِيَتْ ، من قبل أحزاب إسلامية ، أغلب قادتها من مزدوجي الجنسية . جيء بهم من دول اللجوء ، فتنافست فيما بينها لتطبيق اجندات تلك الثقافة ، بعد تسلم الحكم ، بعيدا عن رغبة ومصالح شعوبهم ، و أصبحت لهم القدرة كما يعتقدون ، عند إعطائهم الضوء اﻷخضر للتحرك ،وبشكل منفرد على إيجاد بدائل ﻷية إشكالية تواجه نهج وسياسة الحكم ، على الرغم من أن أغلبية قادتها ، لم يشاطروا شعوبهم في ظل اﻷنظمة الشمولية المعاناة والمآسي، وبصورة خاصة ما حصل في الوضع العراقي ، حيث عانى شعبه من النظام الصدامي ، نتيجة حروبه العبثية ، وقمعه السياسي ، مالم تعانية الشعوب اﻷخرى ، ومع هذا يستكثروا عليه وعلى قواه الوطنية ، عداءهم للعامل الخارجي، وبعض أنظمة دول الجوار ، جراء ما إتصفا به من إزدواجية المواقف تجاه حراكه ضد الدكتاتورية.
لقد برزت سياسة المكيال بمكيالين في العراق ، بشكل واضح في مجرى اﻹصلاح والتغيير الذي رافق مرحلة ما بعد سقوط الصنم ، حيث تدخل العامل الخارجي ودول الجوار في كيفية تشكيل الحكومات قادتها أحزاب إسلامية ، تملك قابلية اﻹستجابة لتأثير المساومات الدولية واﻷقليمية في تحديد المستقبل اﻻحق للبلد ، وحرف مسار التغيير عن مساره الحقيقي الذي كانت تنتظره الجماهير بعد إسقاط اﻷنظمة الشمولية ، برفع شعارات دينية ومذهبية تدعو لنصرة هذه الطائفة وتلك ، (وهم الورعين دينيا !!) ، و بوعود براقة أثناء الحملات اﻹنتخابية . بلفوا الجماهير بما وعدوا من توفير مقومات الحياة المرفهة للشعب ، من خلال قواعد تبني نهج المحاصصة الطائفية والقومية المقيت ، الذي تحول إلى مظلة ستر به متبنيه نفخ جيوبهم ، وتراكم ثرواتهم المنقولة والثابتة من سرقة المال العام و السحت الحرام ، مما وسع رفاهية عيشتهم ، التي أصبح التحرش به خط أحمر (إعتادو على نمط معاشي مرتفع ) ، فرفع منسوب غرورهم السيادي سياسيا ، وتناسوا ضائقة العيش التي إتسمت بها حياتهم اليومية قبل إسقاط الصنم ، هاملين عملية اﻹصلاح وكنس رجالات اﻷنظمة الدكتاتورية من المؤسسات ، الذين تحولوا الى طابورا خامس ساعد في تعميم الفساد والمحسولية في أجهزة الدولة.
إستشعرالشعب العراقي المنزلق الخطير الذي وُضع عليه البلد جراء مهزلة نهج المحاصصة ، وأصحاب اﻹستحاق اﻹنتخابي المزيف ، بإعترافهم ، من خلال تطاير روائح الفساد والرشوة والمحسوبية من بين أيديهم ، وخاصة بين صفوف القائمين على قرار ما نعطيها . من ثمارهم عرفتهم الجماهير ، فإنتفضت مطالبة بإيقاف عجلة نهجهم المقيت ، ومطالبة بتغيير حقيقي ، يضع حدا لنهب ثروات البلاد ومحاسبة الفاسدين وتطبيق قانون من أين لك هذا ، وإعادة ما سرقوه للشعب .
وﻹمتصاص النقمة الشعبية عليهم وعلى نهجهم المقيت بدأوا بتجميله ، فتارة أطلقوا عليه الشراكة السياسية ، وتاره أخرى التوافقات السياسية ، واﻹثنان شكلا إستمرارية نهج المحاصصة الطائفية والقومية المقيت . حيث في ظله زِيدَ الوضع بلة ، بأزمة الموصل ومذبحة سبايكر ، وحمى ولا زال متبنيه من مسؤولية تسليم ثلث أرض بلادنا لداعش ، وسبايكر باﻹضافة للفساد والفشل الحكومي ، دون مساءلة قانونية . ولعبور تلك المزالق الخطيرة التي وضعت العراق في الصفوف اﻷمامية من فقدان النزاهة ، وعدم مسايرة التحضر في العالم ، فكان لا بد من تزويق النهج الطائفي واﻹلتفاف على مطاليب الجماهير الجدية بالتغيير الحقيقي .
تفتحت قريحة فكرهم بتشكيل حكومة من التكنوقراط ، بعيدا عن مشاركة الشعب و مقترحات قواه الوطنية ، بعقد مؤتمر وطني عام لقوى شعبنا ، ومكوناته العرقية، يعالج خلل تشكيل حكومة قادرة على التصدي للمشكل الذي وضع به العراق ، وعدم حصر تشكيلتها بين اﻷحزاب والكتل المتحاصصة ، التي ستفصلها من نفس القماش الذي إرتداه نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، الذي عزم الشعب على تمزيق جلبابه ،ونسفه من الجذور ، بإبعاد متبنية كليا من تشكيلة حكومة التكنوقراط ، إذ بدون ذلك تصبح العملية مجرد صيغة تجميلية آخرى لنهج المحاصصة المقيت . تُبقي نفس الطاس ونفس الحمام ، ويبقى طموح الشعب العراقي بالدولة المدنية والديمقراطية والعدالة اﻹجتماعية بعيدا المنال