المنبرالحر

اشكالية السكن بين الحلول المرحلية والإستراتيجية الشاملة / ابراهيم المشهداني

في اجتماعه يوم الثلاثاء الثامن من آذار الجاري ، قرر مجلس الوزراء موافقته على مقترح وزارة التخطيط المتعلق بضوابط توزيع المساكن الاقتصادية والأكشاك على الفقراء ، لغرض دعم المواطنين في الحصول على وحدات سكنية والمساهمة في حل مشكلة السكن ، وبالتواتر مع هذا القرار فقد صادق رئيس الوزراء يوم الاربعاء الموافق 9 آذار على آليات إقراض صندوق الإسكان الخاصة بقروض البنك المركزي البالغة خمسة تريليون دينار عراقي ، ومعايير الإقراض .
وبالإطلاع على تفاصيل القرار والتوصيات فمن الإنصاف التعامل معهما بمنظور ايجابي باعتبارهما خطوة على طريق حل أزمة السكن الخانقة والتي تفاقمت في العقود الثلاثة الأخيرة بشكل أدى إلى تفجر أزمة اجتماعية أثقلت كاهل المواطنين وكتمت على أنفسهم ، غير أن السؤال الملح ما هو حجم هذا الانجاز اذا اخذنا بعين الاعتبار الازمة المالية الخانقة والأفق المجهول للاقتصاد العراقي في غياب استرتيجية تنموية واضحة . فإذا اخذنا بالاعتبار تقديرات خطة التنمية الاقتصادية للسنوات 2010 – 2014 التي تشير الى ان العراق بحاجة الى 2,800 مليون وحدة سكنية او اذا اعتمدنا فرضية استراتيجية التنمية الاقتصادية للاعوام 2007—2010 التي قدرت الحاجة الى النهوض بقطاع التشييد نحو 62 تريليون دينار عراقي اي بنسبة 27,7 في المئة من اجمالي الانفاق الاستثماري الكلي لمجمل القطاعات البالغ 187 مليار دولار مما يدلل على عظم مشكلة السكن في العراق ، لوجدنا ان الاجراءات المتخذة حتى الان ليست سوى خطوة وليست حلا شاملا لمشكلة اخذت دهورا من الزمن . كما ان الدولة وهي المكلفة دستوريا بموجب المادة 30 / ثانيا من الدستور من بين التزامات عديدة توفير السكن ، فإذا افترضنا في كل ذلك ، ان عملية الاقراض ستتم بسلاسة وبشفافية من دون ان تلتف عليها المافيات المعششة بكل مفاصل الدولة العراقية ولكنها بدون ان تكون اجهزة الرقابة حاضرة وجادة بتمام يقضتها وحرفيتها في كافة المراحل الاجرائية التي يتم فيها الإقراض ، خاصة وان لدينا من تجارب لجان الكشف العقاري ما يدعونا إلى الشك في تلك اللجان التي ستجري كشوفاتها ضمن هذا القرض وغيره من القروض التي تمنحها المصارف الاخرى المتخصصة وبالتالي فان كل ما خطط له سيذهب مع الريح ..
اننا نعتقد ان الفجوة كبيرة بين الطلب على الوحدات السكنية من شرائح المجتمع الراقدة تحت خط الفقر او حوله وبين قرار المجلس وآليات الإقراض سواء كانت الوحدات السكنية الاقتصادية كما سماها القرار او الاشكال الاخرى من الوحدات من جهة ، وبين ما يمكن ان توفره الدولة سواء بموجب قرار المجلس او تعليمات الاقراض من جهة اخرى ، لهذا نعتقد ان التعامل الجذري مع اشكالية السكن تتطلب الانطلاق من مشروع استراتيجي على المستويات القصيرة والمتوسطة والطويلة وعدم اختزالها في قرارات جزئية لا تؤدي الى معالجة المشكلة بل تراكمها وتعمق من الازمة في ظل اوضاع اقتصادية وسياسية وامنية معقدة مقترحين ما يلي :
• اتباع سياسة اسكانية تجمع بين مشاريع اسكانية تمولها الدولة للفئات واطئة الدخل والتركيز على بناء المجمعات السكنية ذات النمط العمودي وتفعيل دور القطاع الخاص في هذه السياسة عن طريق الاستثمار بالاعتماد على التمويل الحكومي والمصارف الاهلية واعادة بناء الجهاز المصرفي بعيدا عن المضاربات او الاقتصار على التمويل التجاري فقط بل الانتقال الى قطاع الاستثمار .
• تفعيل قطاع البناء والتشييد عبر اعداد دراسات هندسية مستفيضة ومسح شامل وتحديد الاماكن المناسبة للبناء وتوفير الخدمات الاساسية والاستفادة من الخبرات المحلية والأجنبية في تحديد المواصفات التكنولوجية اللازمة في التصميم .
• دراسة المشاكل التي يعانيها قطاع الصناعة الخاص بمواد البناء الاساسية كالاسمنت والحديد والطابوق وحماية هذه الصناعة من المنافسة الاجنبية وتاهيل مصانع الحديد والصلب وتحديثها تكنولوجيا .
• معالجة مشكلة التمويل التي تمثل اكبر التحديات ، عن طريق ايجاد مخارج واقعية من خلال القروض طويلة الاجل تمتد لمدة 30 سنة وتفعيل دور المصرف العقاري وصندوق الاسكان وتنشيط دور القطاع التعاوني والمختلط.