المنبرالحر

أزمة معامل الطابوق وانعكاساتها / ابراهيم المشهداني

في مقال سابق دعونا الى دراسة مشاكل قطاع الصناعة الخاص بمواد البناء ومن ضمنها مادة الطابوق وهي المادة الأساسية في حل إشكالية السكن وإعادة اعمار القاعدة التحتية للمدن المخربة من القوى الإرهابية الى جانب مواد الاسمنت والحديد وغيرهما في إطار استراتيجية متكاملة لإنعاش قطاع البناء والتشييد .
ويبدو ان هذه الإشكالية لم تتعلق فقط بغياب التنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص من قبل وزارة الصناعة ولكن غياب هذا التنسيق يشمل ايضا الوزارات الحكومية فمشكلة الوقود وهي من مهمات وزارة النفط لم يقتصر تاثيرها على انتاج الطاقة الكهربائية فقط وإنما تنصرف امتداداتها ايضا على القطاع الصناعي الخاص ففي مطلع هذا الشهر تنقل الأخبار أن أصحاب معامل الطابوق في واسط نظموا وقفة احتجاجية على تقليص حصص الوقود المدعومة من وزارة النفط الى ربع الكمية المخصصة لهم شهريا، فالخط الإنتاجي الواحد مثلا يتطلب 330 الف لتر من النفط الأسود، مما ترتب عليه توقف 70 معملا من معامل طابوق واسط توقفا كليا اضاف الى توقف جزئي في المعامل الاخرى متسببا بتسريح اكثر من عشرة آلاف عامل .
ويبدو ان اشكالية نقص الوقود لم تقتصر على معامل طابوق واسط وإنما عمت كافة معامل الطابوق في العراق، بما فيها العاصمة بغداد ففي الثالث من آذار الجاري اعلن اصحاب هذه المعامل عن ايقاف العمل في معاملهم لحين استجابة الحكومة لمطالبهم بتخفيض اسعار النفط الاسود وتجهيزهم بالكميات الكافية لسد الحاجة وإلا فان استمرار هذه المشكلة سيتسبب بتسريح مليون عامل .
ان هذه المشكلة، تحدث في وقت يتزايد المخزون من النفط المنتج في البلاد بسبب انخفاض الطلب العالمي، وبالتالي انخفاض أسعار النفط الى الثلث قياسا بأسعار عام 2014 والمفروض تبعا لذلك، زيادة حصص القطاعات الإنتاجية المحلية، وان تدعم أسعارها كي يتماشى مع انخفاض الأسعار في السوق العالمية مع سياسة دعم القطاعات السلعية المحلية، وتنشيط عملية التنمية الاقتصادية في القطاعين الحكومي والخاص تماهيا مع البرنامج الحكومي المعلن عام 2014، مع الأخذ بنظر الاعتبار متطلبات الاستعدادات الحكومية لإعادة اعمار القاعدة التحتية للمدن التي خربت من قبل الدواعش، وتنفيذ البرنامج الحكومي لحل مشكلة السكن وبناء الوحدات السكنية الاقتصادية دعما للفقراء عن طريق الاقتراض من صندوق الإسكان، اذ ان تقليص الحصص من النفط الأسود كما تقدم، لا يستقيم مع متطلبات تنفيذ البرنامج الحكومي المعلن .
لهذه الأسباب ومن اجل إظهار الجدية في حل إشكالية السكن، تتعين مراجعة الاستراتيجية المتعلقة بقطاع التشييد والبناء ومتطلبات تنميته من خلال منظومة من الإجراءات ومن بينها :
• التنسيق الكامل بين وزارات الدولة، وتوحيد السياسات المشتركة وخاصة قطاع البناء والتشييد الحكومي والقطاع الخاص، عن طريق تزويد المعامل المنتجة لمواد البناء بالكميات الكافية من الوقود المدعومة والطاقة الكهربائية، وتقليص كلف الإنتاج .
• حماية المنتجات الوطنية من مادة الطابوق والاسمنت وحديد التسليح والثرمستون والسيراميك، من المواد المماثلة المستوردة، وتشجيعها على زيادة الإنتاج وسد الطلب المحلي وتطوير مواصفاتها للاحتفاظ بالاحتياطي النقدي وتمكينها من دخول الأسواق الخارجية .
• العمل على تشجيعها في إدخال التكنولوجيا وتوسيع طاقتها الإنتاجية واستيعاب الأيدي العاملة العاطلة وخاصة المتخصصة في هذا النوع من الانتاج .
• ايلاء اهتمام اكبر بالثروة المعدنية المطمورة تحت الأرض ومسح المناطق الجيولوجية والتوزيع الجغرافي والجيو فيزيائي ومعرفة مواطن الصخور الرسوبية والنارية والصخور الجيرية والجبسية وامتداداتها على طريق حركة تصنيعية عمرانية فاعلة.