المنبرالحر

ابونا غبطة البطريرك روفائيل ساكو أصبت الحقيقة / د. علي الخالدي

هللت قوى مسيحية لما أقدمت عليه اﻹدارة اﻷمريكية من تقديم كرم غير بريء ، بتسليح ميليشيا مسيحية لتحرير بلداتهم من تنظيم داعش ، ولم تتعض من الشواهد التأريخية فيما يتعلق بأهداف المساعدات والكرم الحاتمي اﻷمريكي ، بينما رفضه البطريرك روفائيل ساكو ، معتبرا إياه خطوة غير مباركة وغير بريئة ، تتعارض مبدئيا مع تعاليم الرب ، لكونها ستشكل خطورة على البلاد ، و مؤكدا على إن محاربة داعش تتم عبر أمداد القوات النظامية المركزية والبيشمركة بالسلاح وبالمشورة.
أن موقفه هذا يدل كما عودنا على حرصه المتناهي في مواصلة جهوده المضنية ، ليبقى مجد الكنيسة صلبا قائما على صخرة صلدة لن تقوى عليها جيوش الشر والعدوان ، مؤكدا على بذل كل ما من شأنه نشر رسالة السلم والمحبة بين مكونات النسيج العراقي ، معتبرا إياها من مسؤوليته الربانية والوطنية العالية تجاه مصالح الشعب والوطن . وكما نقلت تصريحه جريدة طريق الشعب يوم اﻷثنين المصادف 23 من الشهر الحالي . دعا فيه الشبيبة المسيحية الى اﻹنخراط في صفوف جيشنا الباسل . ذلك إن تشكيل ميليشيات ، تُسلح وتتلقى الدعم من قبل بعض دول الجوار القريبة والبعيدة ، يُعتبر تجسيدا وتجييشا للطائفية ، ويعقد اﻷوضاع كما أثبتت الواقع ، عندما هب العديد من المتصيدين بالماء العكر للركض وراء تشكيل ميليشيات بذريعة اﻹستجابة لتنفيذ فتوة المرجعية الدينية في النجف ، فتحولت الى ميليشيات منفلتة تجوب شوارع المدن ، ترعب الناس دون ردع ، وتعمل باشكال ملتوية ﻹبقاء نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية ، محافظا على المكاسب والمغانم التي جناها من وقف وراء تشكيلها و مثيرة بذلك نشاطاتها وأفعالها الحساسية والكراهية بين الطائف ، وهي تجبر المواطنين وباﻹكراه اﻹلتزام بما ينسجم وتحقيق شرائعها ومآربها، على الضد من ما تدعو اليه قوى شعبنا الوطنية والعلمانية بأن تحقيق وحدة مكونات شعبنا وتحقيق أمانيها يقوم على التخلي عن نهج المحاصصة الطائفية وتوحيد الجهود من أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية ، ودستور علماني يفصل الدين عن الحكم ، يعيش في كنفها الجميع تحت سلطة القانون ، عندها لن يحتاج أحد و ﻻ حتى الراكضون وراء المناصب لحماية أنفسهم من المجموعة اﻷخرى ، كما ستكفل الدولة المدنية حماية وبقاء اﻷقليات العرقية في أرض أجدادهم . ﻷن الكل ستتوفر له شروط حقوق المواطنة العراقية
مما يؤسف له أن موقف اﻷب ساكو الوطني الغيور على مصالح ابنائه لم يؤخذ على محمل الجد من قبل المعنيين ووسائل إعلامهم المقروءة والمرئية ، لكونه عرى خطورة تواجد ميليشيات بجانب القوات المسلحة النظامية ، في وقت يخوض جيشنا الباسل وقواتنا اﻷمنية، معركة التحرير المحتاجة بحق للدعم واﻹسناد الشعبي والمعنوي والتسليحي ، وليس الإلتهاء بكيفية إستعمال القوة المفرطة التي أدت الى سقوط شهداء على أبواب المنطقة الخضراء من بين صفوف المتظاهرين ، وإستعمال القوة المفرطة في ساحة التحرير ، لتفريق تظاهرة من أجل دعم معركة التحرير . كيف سيبرر إتخاذ مثل تلك اﻹجراءات القمعية للتاريخ واﻷجيال القادمة ، والتصدي بقوة لمن يستجب لحكمة العقل الوطني العراقي ، ويطالب بالتغيير واﻹصلاح من أجل رفعة الوطن وتآخي مكوناته
لقد نبه إبن الشعب البار ساكو النائمين ، وبصورة غير مباشرة على وسادة الكراهية والتطاحن بين مكونات شعبنا ، على أن تكف عقول البعض عن اﻹزدواجية حين يكرسون النهج الطائفي ، ثم يصرخون منددين بالمحاصصة الطائفية ، في ذات الوقت يعملون على جعل أرادتهم طيارات ورقية خيوطها بيد دول الجوار التي تربطهم بها علاقات مذهبية ، حتى ﻻ يتمتع العراقيون باﻷستقرار في أجواء المحبة والعدالة اﻹجتماعية.