المنبرالحر

تجربة كروية جديدة .. أكاديميات ومدارس لرعاية المواهب في كرة القدم وضرورة الاهتمام بها / منعم جابر

تغير الأحوال والظروف فرض أسلوباً جديدا في الساحة الكروية لرعاية المواهب والأشبال والبراعم لصناعة نجوم مستقبل الكرة العراقية، حيث كانت الفرق الأهلية والشعبية هي أساس كرة القدم أيام زمان، وهي المصنع الأول لإعداد النجوم وصناعتهم وهذا ما حصل منذ أكثر من قرن من الزمان، يوم دخلت كرة القدم إلى العراق كلعبة جديدة مارسها بعض الطلبة العائدين من الأستانة عاصمة الدولة العثمانية مطلع القرن الماضي، حسب رأي بعض مؤرخي كرة القدم. بينما يرى البعض الآخر أنها دخلت عام 1914 مع جنود الاحتلال البريطاني ومن ثغر العراق البصرة.
فمن خلال الفرق الشعبية التي ضمت شباب المناطق الشعبية وتجمعاتهم وقيادة بعض المشجعين والمربين من رؤساء تلك الفرق انطلقت اللعبة وبرزت أسماء كبيرة يومها واحتضنت المؤسسات أفضل نجومها فكانت فرق الشيخلية والفضل والكرادة والعاصفة والطليعة واتحاد الكرخ والنهضة الكاظمي وأنوار بغداد، إضافة إلى فرق بعض المحافظات: آسيا البصري والفتيان الديواني والفضلي النجفي والطف الكربلائي والفيحاء الحلي وجيمن السليماني وبشكتاش الكركوكلي وبروسك الاربيلي وغيرها من مئات الفرق التي قدمت أفضل مبدعيها ونجومها ليكونوا أساس بناء وتطور الكرة العراقية.
غياب الفرق الشعبية خسارة للكرة العراقية
الا ان هذا النموذج (العراقي) اي الفرق الشعبية تعرضت الى الضعف والاهمال وبالتالي غيابها عن الساحة العراقية بشكل قسري تقريبا ايام سيطرة الدولة على كل شيء وادى هذا الغياب الى ضعف القاعدة الكروية، وانتشرت الاندية الرياضية، الا انها لم تستطع ان تستقطب الآلاف من شباب كرة القدم!
وظلت بعض الفرق تحاول العيش، ولكن، ومع التغيير العاصف الذي حل بالوطن في 9 نيسان 2003، وانفتاح السوق والمنهج الاقتصادي الجديد شكل خطوة اولى لواقع رياضي جديد خاصة بعد ازمة انخفاض اسعار النفط وقلة الموارد المالية واعتماد التقشف كسياسة اقتصادية رسمية، كل ذلك اضعف الدعم الحكومي للرياضة وبالتالي برزت اشكال جديدة لرعاية المواهب الكروية لتعويض ما كان موجودا في الساحة العراقية، فكانت تجربة جديدة اعتمدتها الكثير من بلدان العالم الا وهي تأسيس مراكز تخصصية او اكاديميات لرعاية الصغار والسير بهم نحو النجومية.
نجوم الكرة العراقية يؤسسون مراكز تدريبية
هنا تحرك بعض نجوم الكرة السابقين ممن احترفوا كرة القدم في الخارج واطلعوا على تجارب دول اخرى فكانت تجربة غانم عريبي ونخبة من زملائه ودخول قصي منير في تجربة مماثلة وعمل الحارس الدولي السابق ابراهيم سالم وكذلك الحارس نور صبري على الخط رغم مواصلته اللعب حتى الآن، فالبعض ارادها اكاديمية وفق نظرة واسعة والبعض سماها مدرسة كروية وغيره اعتمدها مركزاً تدريبياً والى آخرها من التسميات.
بلا شك انها خطوة مهمة وجهد رياضي وكروي متميز من هؤلاء النجوم الذين سيساهمون بفي رعاية المواهب والاشراف على الشباب وتربيتهم، وهذا عمل وطني واخلاقي خاصة اذا ما ابتعد قليلا عن الجشع والربحية العالية، لأن اغلب هواة اللعبة وعشاقها هم من عوائل فقيرة وكادحة، وفعلا بدأت هذه المؤسسات برغم عمرها القصير باستقطاب المئات من البراعم والاشبال وتفتح امامهم آفاق المستقبل في عالم كرة القدم.
ما المطلوب لإنجاح هذه التجربة..؟
كما قلنا انها خطوة ايجابية وجهد متميز للمختصين باللعبة من نجوم كرة القدم وكل الخيرين الحريصين على صحة بنائها، لكن المطلوب وضع الضوابط والشروط التي تساهم في انجاح هذه التجربة وتجاوز الاخطاء وسرعة التأسيس، ونجد نحن القريبين من كرة القدم ضرورة مراعاة النقاط التالية:
• لا بد لهذه المؤسسات من نظام خاص بها ومرجعية تعتمد عليها لضمان مسيرتها بشكل اصولي وان لا تترك للمزاج والرغبة الشخصية.
• ومن خلال نظامها لا بد من مجلس ادارة لقيادتها ومدير مفوض وان يكون حامل اجازة تأسيسها نجما كرويا بمواصفات خاصة او اكاديميا متخصصا لضمان وجود العارفين والمتخصصين من اجل قطع الطريق على الطارئين وقناصي فرص الربح.
• يجب مساعدة ادارة هذه المؤسسات ومفاتحة الجهات المختصة لمنح المؤسسة مساحة ارض لا تقل عن 10 آلاف م2 بصيغة الايجار الطويل لضمان ديمومة استمرار هذه التجربة ووجود ملعب نظامي وبعض المنشآت الضرورية.
• لا بد لمشروع كهذا من اجازة عمل اصولية ومن جهة محددة.
ان هذه التجربة الجديدة بالنسبة للعراق معتمدة في الكثير من بلدان العالم وعلينا ان نستفيد ممن سبقنا وان نقطع الطريق على كل من هب ودب كي لا يحشر انفه في هذا المجال الجديد.