المنبرالحر

اﻹنتخابات سلاح أمضى من المناشدة لو حُسن إستخدامه / د. علي الخالدي

لقد تزابدت جموع المتظاهرين ، منذ أن تيقن العراقيون بأن هناك آذانا أصيبت بالصمم جراء علو أصوات المناشدة ، وهي تنشد ، تلمس التغيير واﻹصلاح ، وخاصة بعد أن رمى القائمون على مواقع القرار فشلهم في محاربة الفساد والمحسوبية على بعضهم البعض، دون أن ينسوا من سلمهم السلطة بعد إسقاط الصنم . ومن أجل إمتصاص نقمة الجماهير، بدأوا بشن حملة شعواء على نهجهم المحاصصة الطائفية واﻹثنية متهمين إياه أنه كان وراء تغيير مسارهم الوطني ، حتى أن شعاراتهم بنصرة المظلومين والفقراء في حملاتهم اﻹنتخابية ، لم تسلم من ذلك ، ومع هذا يصرون على عدم اﻹعتراف بأن هذا النهج بمعيتهم أحدث هزات قَولبت مقومات الدولة ، فجيروا ثروات البلد لمصالحهم الذاتية وأجندات محسوبيهم في الداخل والخارج.
ومع إقتراب موعد اﻹنتخابات تصاعد ذَمِهم لذلك النهج المقيت ، فإنهالوا على وسائل اﻹعلام ، ليطمأنوا الجماهير ، بأنهم سيتخلون عن مواصلته ، محمليه وزر فشلهم خلال 13عاما من جلوسهم على مقاليد الحكم ، بينما في حقيقة اﻷمر كانوا خلال تلك الفترة قد عملوا فيما بينهم ، على كل ما من شأنه تمتين أواصره ومواصلة إمتداداته في كافة الدوائر اﻹدارية واﻷمنية ، وليومنا هذا تتواصل مساعيهم بوضع العصي في دواليب التغيير واﻹصلاح ، إن بوضع القوانين التي تنصر الشعب على الرف ، أو بالتحايل على بعضها ، كقانون اﻹنتخابات بما يُمَكن من عودة الوجوه الكالحة لتحكم ، على الرغم من معرفتهم المسبقة بأن هيئة اﻹنتخابات غير قادرة على إتخاذ الحياد والشفافية في عملية أجرائها ( اﻹنتخابات) لكثرة اﻷحزمة والحبال التي وثقتها بهم ، ﻷجل تكرار الوجوه السابقة من الفاشلين ، والذين أوصلوا البلاد إلى ما علية اﻵن من مآسي وتداعيات عميقة ، لن تخرجنا منها سوى أصوات المقترعين في اﻹنتخابات القادمة ، لتخلصنا كليا من أسواط أحزابهم التي بَددت ثرواتنا النفطية ، وتنازلت أو سكتت عن خروقات أصابت حقوقنا الجغرافية واﻹقليمية بالصميم من قبل دول الجوار ، و إنتهكت اﻷعراف الدولية لسيادتنا الوطنية وجغرافية البلاد ، بتقديمها المكرمات الحاتمية لتلك الدول.
فعبر اﻹنتخابات القادمة فحسب ، تستطيع الجماهير بعد أن تذوقت اﻷمر طيلة 13عاما ، أن تستخدم عقلها وتصغي لضميرها ، دون الخضوع لسياقات مذهبية وطائفية تعيق تفعيل الروح الوطنية بين أوساط الشعب ، وهي تسعى للإصلاح والتغيير الذي تطمح اليه ، من خلال إنتخاب الصالح وإعتماد المجرب ، ونبذ الطالحين ، الذين قاموا بحجب شمس التمدن ونور التحضر والثقافة ، بتكثير النفوس المريضة التي قامت بإحتباس التنمية والعدالة اﻹجتماعية عن الجماهير ، فبأيدي أدواتهم تلك شنوا حملات مسعورة لملاحقة وتشويه كل ما حققته الجماهير طيلة نضالها الوطني من مكاسب شملت كافة أﻷصعدة ، حيث قامت تلك اﻷيادي بقطف أرواح العلماء وأساتذة الجامعات واﻷطباء وكل من كان يحلم بأحلام وردية بعد سقوط الدكتاتورية ، فحولوها إلى كوابيس يومية . مما يتطلب شحذ الهمة وتعبئة طاقات الجماهير ، وتكريس الجهود ، لتعريف الناس بمن سيكرس درايته وكفاءته لصالح التغيير واﻹصلاح الحقيقي ، بإستغلال كل معطيات الواقع العراقي وكافة اﻷوراق المتاحة سياسيا وإداريا لتعزيز مواقع حاملي الهم العراقي في قوائم إنتخابية ، تأخذ بقناعات الجماهير لتحفيز الروح الوطنية ، ولجم نشاطات فتوة الميليشيات المنفلتة وفضح أعتماد المتحاصصين عليها في حملاتهم اﻹنتخابية ، توازيا مع شن حراك شعبي واسع من أجل قانون إنتخابات جديد ، بعيداً عن طريقة سانت ليغو ، التي إعتمدتها دول سبقتنا كثيرا في تجذير الديمقراطية ، وخطت شعوبها خطوات واسعة في تطورها الحضاري والثقافي ، ومع هذا يُراد لها أن تطبق في عراق اليوم الذي يلعب فيه العامل المادي دورا كبيرا في الرشى لنيل أصوات بسطاء الناس و فقرائهم ، كما حصل في اﻹنتخابات الماضية، سيما وإن نسبة ما هم تحت الفقر زادت ل33% وإذا ما أضيف لذلك أحياء قانون العشائر فان الصورة ستكتمل لدى كل وطني غيور ، بأنه إذا ما أصر على التعديلات العراقية الجديدة لطريقة سانت ليغو في إحتساب اﻷصوات ، فلن يحصل تغيير جوهري في الوجوه التي ستخرجها اﻹنتخابات القادمة ، وفي مثل هكذا معطيات ، إذا لم يتحرك الشارع ويفضح بشكل علني وصريح كل من يريد إعتماد سانت ليغو العراقية النسخة في إحتساب اﻷصوات ، ﻷنه يرمي من وراء ذلك إبعاد اﻷحزاب الوطنية التي تطالب بقبر نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية ، ولتنفرد الكتل وأحزابها اﻹسلامية بالساحة السياسية دون منافسة القوى الرافضة لسرقة أصوات الناخبين لصالحها فالجماهير اذا ما
أرادت تحقيق إنتخابات عادلة وشرعية ، ما عليها إلا التصدي بحزم للتعديلات العراقية لسانت ليغو ، والمطالبة بصياغة قانون إنتخابات عادل ونزيه يجسد الديمقراطية الحقة ، و يتيح حسن إختيار ممثلي الشعب بحق وجدارة ، بهذا فحسب ستطوي صفحات المناشدة وكافة اشكال(الكفاح اﻹحتجاجي ) , وتكون الجماهير قد أحسنت إستعمال سلاح اﻹنتخابات وحققت نصرا آخر الى جانب أنتصارات جيشنا الباسل على الدواعش ، نحو تحقيق اﻹصلاح والتغيير الحقيقي المنشود.