المنبرالحر

مهاجرو الدول اﻹسلامية ومطاليبهم التعجيزية / د. على الخالدي

تتمتع بلدان بعض الدول اﻹسلامية بتعدد اﻷديان والمذاهب واﻷعراف ، ومع هذا فإن الكثير من حكامها يتجاهلون هذه الميزة ، ويؤكدون في ما يصدروه من قوانين وتعاليم لتنظم الحياة اﻹجتماعية في أقطارهم بما يتناسب وشرائعهم المذهبية ، مع إستبعاد بعض الدول مراعاة مشاعر معتنقي بقية الديانات الذين سبق تواجدهم بقرون كاليهودية والمسيحية والصابئة المندائية واﻷيزيديين ، فالكثير من دساتير تلك الدول ، تُكتب بعيدا عن تواجد ممثلي أو حتى دون إستشارة مرجعياتها الدينية ، ومع هذا يُطلب منهم اﻹلتزام بتعاليم شريعتهم ، وعدم خدشها من قريب أو بعيد ، ناهيك عن الضغوط التي تمارس بحقهم عند ممارستهم لشعائرهم الدينية ، وإلتضييق عليهم ومحاربتهم في طريقة الحصول على مصادر رزقهم على الرغم من قانونيتها ، متناسين أنهم ينهضوا بواجباتهم الوطنية في تنمية البلد إقتصاديا وعلميا ، بكل شفافية ونزاهة.
كل تلك المنغصات كانت وراء الهجرة اﻹضطرارية لكثير من معتنقي الديانة غير اﻹسلامية ، تاركين أرض أجدادهم وما ورثوه من حضارة ﻻ زالت تتمتع بمقوماتها العالمية . و لغياب الديمقراطية والعدالة اﻹجتماعية في أغلب اﻷقطاراﻹسلامية ، ومن جحيم دكتاتورية أنظمتها هرب أيضا ، الكثير من العلمانيين وأصحاب الكفاءات العلمية ولجأ الى الغرب ، الذي تلقفهم وإحتضنهم ، مما عجل من سرعة تكيفهم في المجتمعات الجديدة ، و حصولهم على عمل يتماهى وكفاءاتهم المهنية والعلمية، وبذلك أتيح لهم الحصول على جنسية البلد من دون معوقات . بعد إسقاط الدكتاتورية في العراق مثلا إستعد الكثير منهم التوجه إلى بلدهم اﻷم ، لكن حكومة المحاصصة وضعت كل ما من شأنه إعاقة عودتهم لخدمة وطنهم وشعبهم.
في اﻷونة اﻷخيرة تصاعد زخم الهجرة وتعددت مبرراتها ، لكن ما ترسخ لدى الغرب أن أغلبية طالبي اللجوء من متبني الدين اﻹسلامي ، الذين لم تُظهر تسلكاتهم معاناة ما سبقوهم، حتى من الناحية اﻹقتصادية ، حيث حسب قول البعض منهم ، أن ما يدفع للمهرب بإمكانه أن يفتح لهم مصدر رزق في بلدهم ، أو البقاء فيه والمساهمة بالحراك الجماهيري من أجل التغيير واﻹصلاح . كما أن ما يحملوه من أجهزة إتصال حديثة قل من يملكها من مواطني البلد المضيف . وما يقوم البعض منهم من أفعال غير ﻻئقة ، تدلل إن غرض الهجرة تختفي وراءه دوافع أخرى ، منها ما يُعتقد نشر اﻹسلام الذي ولد تخوفا لدى الكثير من السكان المحليين ، سيما وإنهم يطالبون اﻹقامة بأماكن محددة ، وفي مجمعات متقاربة بالمدن الكبرى ، رافضين الذهاب للريف والمدن الصغيرة . ﻷجل التقوقع فيها وعدم اﻹختلاط بالسكان المحليين . بعد أن يتمسكنوا ، تنهال مطاليبهم على المعنيين بتهيئة مستلزمات ممارسة شعائرهم الدينية ، ورغبتهم بمساواتهم مع ناسهم بالحقوق دون الواجبات ، فهم يكتفون بما توفره معونة الضمان اﻹجتماعي ، إذ يرفضوا بما يكلفوا به من عمل . أما مطالبتهم بإعتماد وثيقة زواجهم الديني الذي يجري في الحسينيات أو الجوامع الذي ﻻ يعترف بها قانونيا ، وإن لم تُقترن بوثيقة الزواج المدني لدى الدوائر المختصة قبل زواجهم الديني ، ( الزواج في الكنيسة لا يعترف به إذا جرى قبل المدني ). مما يشكل عقبة أمام اﻹعتراف به قانونيا ، وبما يترتب علته من حقوق الزوجين عند اﻹنفصال . وعندما
يسعى المهاجر المسلم للحصول على أجازة لفتح محل في منطقة سكنه فهو يُحدد إختصاص بيع ما هو حلال ، بينما منح الرخصة يتم على أساس تلبية حاجات الساكنين في المنطقة.
تطلب الجاليات اﻹسلامية المساعدة لفتح مراكز دينية ثقافية ، باﻹضافة لما يتلقوه من بعض الدول اﻹسلامية من مساعدات ﻷجل ذلك ، ويحلو لهم أن يؤسسوا مدارس خاصة بهم ، يجري فيها تعليم أﻷطفال الكراهية للأديان اﻷخرى ، دون دعوتهم الى التعلم منها ، والتكيف مع المحيط الذي يعيشون فيه ، واﻹلتزام بعدم خدش تقاليد وأعراف سكان البلد . ظهر أن وراء الكثير من هكذا طلبات جهات إسلامية متشددة دينيا
بعض رعايا اﻷقطار اﻹسلامية ، كحكامهم يمتلكون فكرا جامدا متخلفا يروج لنظرية المؤامرة . منهم من يندفع لنصرة المنظمات اﻹرهابية ، ويدعمها ماديا ومعنويا ، ومنهم المعادي لنيل المرأة لحقوقها . ويلزم زوجته بالحجاب ويكثر من إنتقاد عادات وتقاليد المجتمعات اﻷوروبية وخاصة ما يتعلق بتحرر المرأة ، و ينفعل للمظاهر السائدة بالغرب فيما يخص تحرر المرأة ، ومن هنا تيقنت شعوب البلدان الغربية ، أن من يقف وراء هجمة الهجرة غير الشرعية الحالية متشددون إسلاميون . لذا إقتصر تسجيل المهاجر على من يملك من وثائق ، وإن هجرته لدواعي الهروب من اﻹرهاب أو من جحيم الحكام المعادي لقيم العصرنة والتحضر . حتى أن أغلبية شعوبهم بدأت تتطلع الى عامل خارجي حتى لو كان كافرا من الغرب لينقذهم من ما هم عليه !!! . لكنهم يتخوفون من ذلك بعد تجربة العراق وليبيا.
إن إيقاف الهجرة غير الشرعية والمنفلتة ، ﻻ يتم معالجتها ، إلا بتقديم مساعدات إقتصادية لغرض تنمية البلدان التي تنطلق منها ، وإجبار حكامها على توفير مستلزمات صيانة كرامة شعبوهم ، وبتشديد الرقابة على الحدود ، التي أضحت محط تفهم اﻹتحاد اﻷوروبي.