المنبرالحر

مهام جديدة ستزعزع النهج الطائفي/ د. علي الخالدي

أثار التأخير في منح إجازة العمل للحزب الشيوعي العراقي قلقا مشروعا لدى كل من يريد أن يتمتع الحزب بإستحقاقه الوطني ، المعمد بدماء وتضحيات المئات من أعضائه ومناصريه عبر نضالهم المطلبي البعيد عن الذاتية ونكران الذات ، من أجل تحقيق ما يستحقه العراقيون من حياة حرة كريمة ، يتمتع بها المواطن بحقوقه الوطنية ، فنال إحترام وتقدير الجماهير الشعبية ، التي كانت تتوق اليها بعد إسقاط الدكتاتورية في ألتاسع من أبريل 2003 ، لكن تلك اﻷماني سرعان ما إصطدمت ، بواقع جديد أملته مساعدات مادية ولوجستية العامل الخارجي ودول الجوار ، لمتبني نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية المقيت ، كي ينفردوا بمسار العملية السياسية . ويحرفوا مسارها الحقيقي في القضاء على موروثات الدكتاتورية ، وكنس رجالاتها من أجهزة الدولة ، الذين مع اﻷحزاب اﻹسلامية هرعوا لتبني النهج الطائفي ، فأوصلوا البلاد الى ما نحن عليه من مآسي وويلات أبتدأت بتفكيك النسيج اﻹجتماعي والحضاري الموروث . حيث قام المتحاصصيون ، بوضع معوقات وعراقيل أمام إصدار القوانين تصون المواطنة وتعزز دورها في عملية البناء واﻹصلاح . ومما زاد الطين بلة هو عدم ردع من قام بذلك ، مما زاد من معاناة الشعب وتقديم المزيد من التضحيات الجسام على مختلف الصعد أنهكت كاهله ، وصلت لحد ، عدم التصدي لتدنيس داعش لعدد من مدننا ، والتي تقوم قواتنا المسلحة الباسلة بمعارك ضارية لتحريرها وعودة الحياة الطبيعية لواقعها    كان باﻹمكان تجاوز كل ما حل بالشعب والوطن ، لو إستجاب متبنو النهج الطائفي لموضوعات حاملي الهم العراقي ، لشروط وضع العملية السياسية على سكتها الصحيحة ، لكنهم وجدوا باﻹنفراد بالعملية السياسية ، فرصة ، لتجيير مردودات إسقاط النظام لمصالح حزبية وذاتية ، من خلال الفساد والسحت الحرام ، معرقلين مساعي أصدار قوانين تحاربهما . بل مضوا قدما بتلقي مقومات تغذيتهما من دول الجوار والعامل الخارجي كل حسب مذهبه ، واضعين مسارات حادة الإلتواء لطريق التغيير الحقيقي واﻹصلاح , ليبقى العراق آخر الصف .
قد تولد الظروف الجديدة المتمخضة عن منح اﻹجازة الرسمية لكافة اﻷحزاب الحاملة للهم العراقي ، إمكانية إيجاد سبل للتعاون المشترك بينهم للخروج من اﻷزمات . يتطلب حراك جماهيري أكثر جذريتا ، ورؤى سياسية متماهية ، وما تفرضه الظروف الذاتية والموضوعية التي وُضع بها الشعب والوطن ويعيشاها حاليا . ودون ذلك ، ستبقى اﻷفكار جامدة ﻻ تقبل التحرك نحو مفاهيم التنسيق والتعاون بين القوى الطامحة للتغيير واﻹصلاح الحقيقي ، ومشوشة متخلفة في مواجهة ما يحيكه متبني النهج الطائفي في الخفاء ، لمواصلة نهجهم المقيت . فليس من المعقول تبني سذاجة مفاهيم طيبة الراسمالية وديمقراطيتها في تحرير الشعوب , ويُعارض التقرب من قوى وطنية بحجة مذهبيتها ، أو يتم دعم خصصة الكهرباء بإسم اﻹقتصاد الحر ، وإقتصاد السوق وراس المال ، ويجري السكوت عن ضياع ما يقارب من 900 مليار دوﻻر، ﻻ يعرف أحد اين ذهبت . و تُهمل ضرورة حشد الجهود من أجل مقارعة الفساد وإشاعة المحسوبية ، لتبقى اﻷلسن تلوك ، بجدية التظاهر أيام الجمع ، ويهمل الحديث عن ما حققته من نتائج على مستوى الفكر السياسي والثقافة ، و أهمية ما طرحته من شعارات غدت مطاليب ملحة لحالة وطنية نادرة على الصعيد الوطني واﻹقليمي .
لقد رُفعت رايات التظاهر عاليا ولم تنكس ، رغم القمع واﻹرهاب الذي تعرض له المتظاهرون من أجل إضعاف مشاركة الجماهير فيها ، شملت سد الطرق الموصلة لساحات التجمع خاصة بعد أن يئسوا من إستعمال القوة المفرطة ﻹسكات صوت المتظاهرين . علاوة على مواصلة الجهود للتحايل على رفع قاسم حساب اﻷصوات في سانت ليغو المعدل الى 1،9 ، هادفين من وراء ذلك إقصاء القوائم الصغيرة خارج العملية اﻹنتخابية . من كل ذلك فإن الدعوة إلى التنسيق مع القوى التي تعمل من أجل التغيير واﻹصلاح الحقيقي ، أمر ﻻ مفر منه ، لخلق موازين سياسية ، تجعل اﻹنتخابات نزيهة وشفافة ، على قاعدة تحالفات مبنية على أسس وطنية عامة، عابرة للطائفية ، قادرة على كنس الفاسدين ، وغير اﻷكفاء من العملية السياسية القادمة ، والمضي قدما في زعزعة نهج المحاصصة والخلاص من ما سببه من فساد وفشل في أدارة الدولة, ليصبح الطريق سالكا نحو بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة في الوطن الحبيب