المنبرالحر

عنترة في المنطقة الخضراء / د. علي الخالدي

إعتاد بعض الآباء العراقيين أن يتفاخروا بإنجازات أبنائهم العلمية وببطولتهم وبفتوتهم كما كان يحصل في مصر أمام الناس وبين افخاذ عشيرتهم ليشعروا بأن لديهم حامي حمى ، ليزدادوا غطرسة وغرورا بما يضفى عليهم من صفات الشجاعة والبطولة والغيرة على حقوق المضطهدين والمغلوبين على أمرهم من أبناء ديرتهم ، بتضخيم تلك المقدامية في التضحية والشجاعة بما يشبه شجاعة إسطورة العرب عنترة بن شداد ، ومن هذه التفاخر ما حكاه رئيس حكومتنا نوري المالكي ، الذي لم يجد سيادته ما يمكنه اﻷفتخار به أمام الشعب العراقي من إنجازات حكومته الموقرة ، فلجأ الى اﻹفتخار ببطولة إبنه البكر أحمد .
لقد فجر المالكي فضيحة أمنية أكثر ما نقول عنها هي إستخفاف بشجاعة ، ومراس قواتنا المسلحة المتدربة على أيدي من لحقت بهم الهزائم في خليج الخنازير بكوبا و حرب فيتنام وفي مقدمتها قوات سوات ، ففي مقابلة تلفزيونية ، حيث قال ، وكأنه يسرد قصة ﻷطفال صغار ، أن هناك طبقة من الفاسدين داخل المنطقة الخضراء سماها طبقة مقاولي الصفقات الخاصة ، وأصحاب شركات أمنية ، تتمتع هذه الطبقة بقدرات فائقة تصل الى رشوة القادة اﻷمنين الفاسدين ، بما يجعلهم أن يرفضوا تطبيق القانون ، وضرب مثلا من أن، في المنطقة الخضراء ، يوجد شخص متمكن على كافة اﻷصعدة نهب مليار دينار أو دولار ، (ﻷ أتذكر )، ولا يريد إرجاعها ، ولديه حمايات غير مرخصة تملك مئات اﻷسلحة المتطورة و بكواتم الصوت . في حوزته مئة سيارة مهربة ، علاقاته ممتدة بكل اﻹتجاهات يستقوي بها ولا أحد يتجرأ أن يقترب من شركته ، وأي جهة أمنية يوكل لها مهمة إعتقاله تأبى تنفيذ اﻷوامر ، ( لا ندري هل تصدر من غيره فهذه طامة وإن كانت منه فالطامة أكبر ) ، وعندما سمع نجله اﻷبن البكر أحمد بذلك تطوع ﻷعتقاله ، بعد أن ينفذ طلبه القاضي بتزويده بالسلاح والرجال ، فزود بما طلب ، وقام أحمد على حد قول رئيس الوزراء ، بدخول شركة المومى اليه ، ونفذ المهمة على أحسن وجه فقد جاء بالسيارات والحمايات الغير مشروعة ، وكل ما يملكه ، وأضحى المقاول ومحيطوه تحت خط الفقر ( مساكين ) مع خمس سكان العراق ، لكن سيادة رئيسنا الذي يسعى لفرض نزعته الدكتاتورية الطائفية لم يخبر المشاهدين الى اين ذهبت تلك الغنائم ، وﻷي حزب أو طائفة ركنت ، وهذا تكرر حسب زعمه أكثر من مرة ، ﻷن القوات اﻷمنية التي يترأسها تخشى تنفيذ أوامر القاء قبض لهكذا شخصيات ، إذن لا غرابة من أن فلول البعث والقاعدة تسرح وتمرح وتقوم بأعمالها اﻹرهابية في وضح النهار والبعض منها على مسامع قواته .
إن الفتوة التي يتمع هذا الشاب البكر ( لا أعرف عمره ) لرئيس وزرائنا المعجزة قد فاقت معجزة عدي عندما أوكلت له قوات حماية بغداد ' فالعشرة أعوام التي قضاها في المنطقة الخضراء بين الحشم والخدم في أحد القصور الرئاسية ، صقلته وربما منحته شهادة دكتوراه وهو لا زال يافعا في العلوم اﻷمنية ، وخبرة عسكرية بهلوانية دونشيكوتية ، قادره أن تمنحه منصب وزير دفاع أو قيادة عليا ﻷي مؤسسة أمنية من المؤسسات المتعددة التي يقودها اﻷب لوحده ، بحيث أصبحت تثقل كاهله وتؤثر على إنجازاته التي شملت كافة اﻷصعدة ، في محاربة الفساد ، وإنهماكه في تعزيز القوات اﻷمنية التي يدير شؤونها كافة ولكثرتها ، وتعدد مهامها ، التي كلفت خزينة الدولة الترونات من الدولارات ، ومع هذا فشلت الى الآن على الرغم من صرف الملياردات من الدولارات على اﻷيفادات ، واﻷسلحة السكراب و، إتفاقيات صفقات اﻷسلحة المشبوهة ، ومع هذا لم نر أن نزيف الدم قد قل إنهماره في مدن العراق ، وشوارع بغداد ، بل إزداد شراسة في الظرف الراهن ، بينما قواتنا اﻷمنية تحت قيادة وليها البار ، قد ، إستبسلت في قمع تظاهرات الشباب من أجل حقوق مشروعة في رغيف خبز نظيف وفرصة عمل وتحقيق حلم التخلص من موروثات الدكتاتورية التي أضحى الناس وللأسف يتغنون برحمتها بما تقوم به اﻷحزاب الطائفية وألثنية في عراق ما بعد سقوط الصنم.

فإذا كانت قوات القائد العام للقوات المسلحة التي تبلغ أكثر من مليون ، لا تأتمر بأوامره وتخشى اﻷحتكاك بناهبي المال العام ، وعاجزة عن إعتقال أصحاب الملفات التي ضاع قسم منها ( كما قال ) وبقي القسم الآخر يتخمر في مكتبه لذر الرماد في العيون ، ولتبقى مادة دسمة لتهديد شراكائه في حكومة المحاصصة ، فكيف يتوقع منها أن تقابل ، وبجدية مخططات فلول البعث والقاعدة التي تحصد العشرات من أبناء شعبنا في عموم الساحة العراقية ، ومع هذا يطالب بولاية ثالثة ، ليستمر النظام القائم في فرض اﻷستبداد والتآخر ، وليبقى العراق محط إستغلال وأطماع دول الجوار .نعم يستطيع يستطيع تحقيق ذلك وينال رضا بقية أفراد طائفته ،إذا عين إبنه وزيرا للدفاع والداخلية وأﻷمن الوطني ، ويكتفى هو برئاسة الوزراء التي ستكون حصينه ، لا يجرأ أحد التحرش بها و لا بشخصه ، على غرار ما حصل لرئيس وزراء ليبيا ، ﻷن العراق بعد لم يصل لمستوى ليبيا بفضل حرص ودعم دول الجوار له . ، ولطالما بقي عنتر أحد سكان المنطقة الخضراء ، ووصيا على أستقرارها وأمنها فستبقى دار السيد مأمونه ، الى أن يستيقظ شعبنا من التخدير الطائفي الذي حقن به بعد التغيير.