المنبرالحر

ثقافة الإنتخابات وسياسة ما نعطيها / د. علي الخالدي

مرة أخرى تطل علينا الإنتخابات وهي مربوطة بأساليب ملتوية تصب في مواصلة وتعضيد ربط الدين بالحكم ، وكأن بلاوينا ومصائبنا التي تعايشت وإيانا خلال13عام ، لم تكن من نتاج نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية ، الذي تمسكت به الأحزاب الإسلامية خلال تحكمها وﻻ زات بالحكم ، على الرغم من أنه أيقضت الكثير ممن تخدر بما رفعوه من شعارات لنصرة الطائفة والمذهب ، إﻻ أن المعنيين صموا آذانهم وأغمضوا عيونهم حتى ﻻ يسمعوا وﻻ يروا تَظور وأنات المواطنين جراء تلك الويلات والمآسي، التي أثقلت كاهلهم . كم تمنينا على الأحزاب الإسامية ، أن تغربل مواقفها الظروف القاسية والحياة التعيسة التي صاحبت حياة الناس ، وأن تضعهم أمام ثقافة واقعية تتفهم عواقب سعيها لإحتكارالحكم ، ومعالجة الظروف التي يمر بها الشعب والوطن بخطوات منطلقة من معايير صادرة عن ضمائرﻻ تتزن مع أجواء هيمنتها المطلقة مذهبيا وطائفيا وإثنيا على الحكم ، تلك الهيمنة التي أدخلتنا بمرحلة كارثية بمعنى الكلمة. ضيعت نيات مخلصة للحوار، وقمعت حرية النقد وحولتها إلى محرقة لكل الإتجاهات التي تنادي بفتح المجال لإشراك الآخرين مسؤولية إدارة الحكم ، والعدول عن نهجهم المحاصصاتي وكل ما يعيق تقليل القاسم المشترك لحساب الأصوا ت ضماننا لحقوق القوائم الصغيرة . وذلك بتشكيل هيأة مستقلة حقا تشرف على الإنتخابات وتعدل قانونها الجائر، وأن ﻵ تعتبر ذلك خطوط حمراء ، من منطلق إيمانهم بأنها الوسيلة الوحيدة الضامنة لتواصل هيمنتهم على الحكم ، مبررن المصادقة على القاسم المشترك الإنتخابي 1.7 بأنه سيعيق صعود ممثلين كتل صغيرة الى مواقع القرار، أعتبروها بيضة القبان في أعاقة إنجازاتهم لصالح الشعب ، كما قال ممثل احدى الكتل الكبيرة ، لكنه نسي أن ينسب هروب محافظين الى الخارج وتعرض آخرين للسجن ولمحاكمات بتهم فساد مالي وإداري ، أزكم الأنوف ، بأنهم ينتمون لجماعة بيضة القبان . منذ أن وطدت قوى الإسلام السياسي هيمنتها على البلاد ، معتبرة أن ما سلبته من ثروات البلاد ، بمثابة جزية يدفعها الشعب، لقاء مكوثهم في الغربة وحصولهم خلالها على جنسية وطن ثاني يلجأون اليه عندما يستيقظ من خدروه بشعارات نصرة المذهب والطائفة ، وبما ُنشر من أفكارأخروية غيرواقعية ﻻ تمت للمذهب والدين بأي صلة أثرت على فكر وعقلية الكثير من بسطاء الناس ، بالإضافة لتماديهم في خلق وعي ذاتي ومباديء معادية لممارسة الديمقراطية التي أكدها الدستور لحل كل التناقضات ، وخاصة عند بهرجة الشعارات والإجراءات التي تؤدي الى تصعيد التجييش الطائفي والمذهبي بين مكونات الشعب .
فالحرب السجالية بين الأحزاب الحاكمة حاليا ، والتي إتسمت بكيل الإتهامات والنعوت الجاهزة المواكبة لتصاعد الحراك الوطني ، متخذة الشكل العلني ، بجانب فنون التسقيط والإدعاء والتعالي التي صاحبت معارضتهم لكل تغييروإصلاح ، من أجل إبقاء صيغة تواصل مجيء نفس الوجوه لمواقع القرار، لكبح إرادة المواطن بإختيارمن ليس له إمتدادات طائفية ومذهبية ، ومن يملك دراية كفيلة بفتح أفاق التغيير الفعلي، وبإيجاد أنجع السبل لتصحيح مسار العملية السياسية ، بالإرتباط مع ما تقوم به القوى الوطنية من تحريرالفكر وتوسيع دائرة النقاش بين إنتماءات ووجوه مختلفة ، يصنعها الحراك الجماهيري الذي تنهض به عناصر المجتمع المدني وحاملي الهم العراقي ، الذين نعتهم احد قادة الكتل الكبيرة بنعوت غيرﻻئقة بهم سياسيا . ومع ما ُوضع من معوقات أمام الناخب العراقي ، لتدخل اليأس والقنوط من جدوى صبغ الإصبع ، وإختيار الصالح وعدم الإنصياع لمغريات الطالح ، فيحول دون سقوط نتائج الإنتخابات بأيدي من يفعلها لصالحه ضد مصالح العامة . إنهم يراهنوا على عزوف الناخب عن الإدلاء بصوته بالإنتخابات تحت وطأة الضغوط المختلفة ، كي يخرج مصير الوطن من أيدي أبناءه وخبازيه ليصبح بايدي أولئك الذين يظهرون مهارة في تغليب مصالحهم الخاصة على العامة كما أظهروه لنا خلال 13 عاما من حكمهم
إنهم يدركوا أن اﻷنتخابات القادمة إذا سادتها النزاهة ، ستصبح الحقل العملي الذي يقوم بإنتاج سلطة شرعية ، تكون في تداول مستمر ومعبرة عن طموحات كافة مكونات شعبنا السياسية ، فبشفافيتها المعادية للمناورة والتلاعب تنتج برلمان مرتبط بوعي وضميرالناخب، وهذا بحد ذاته ثمرة إنعكاس لأديولوجيات غير مرتبطة بطغيان سياسة تدمرالروابط الوطنية ، وتعمل على تراجع قيمها ومبادئها الوطنية من خلال أغلبية برلمانية يسيرها رؤوساء الكتل الكبيرة ، لإضفاء نوع من الشرعية السياسية غيرالعقلانية لمبداء جماعة ما نعطيها
فالواقع الحالي يضيع جوهر الإنتخابات ما لم يجري رفضه من خلال التحشيد المستند على أسس إبداعية وحلول عملية جديدة تعيد تركيب هذا الواقع ليتم خوضها بحرية. لذا فإن ما تتطلبه المعركة الإنتخابية القادمة ، هو تجميع كافة القوى التي تحمل الهم العراقي لأجل تثبيت أسس الديمقراطية التي جاء بها الدستور، وتحطيم ذاتية الأحزاب المسيطرة على الإنتخابات ووسائل إجراءها ، بدعوة الأمم المتحدة بالإشراف عليها ، وتفادي ما قد يصاحبها من خروقات ، تسيء لقضايا العدالة كالحرية والديمقراطية وإحترام الرأي الآخر ومشروعية التعددية ، وإختيار الصالح ونبذ الطالح كما دعت اليه المرجعيات الدينية .
أن ربط مقاطعة الإنتخابات هو تشبث بالشعارات المحاولة إخراجها عن مسارها الحقيقي ، فخوضها أمر ضروري وتقديمه على كل ما هو ذاتي ، كي يُقطع الطريق أمام من يتصدى للتغيير والإصلاح ، وإيقاف مواصلة سياسة عاقرة من العجز والفشل والبيروقراطية المقيتة . فرؤساء الكتل يجدو متعة في إعادة إنتاج نموذجهم ، الذي جسد إنتصار التخلف وهروب التطور والتنمية عن الشعب والوطن ، طيلة 13 عاما ، على الرغم من أستيقاظ من خدر بشعارات هوائية، بفعل رنين جرس الإنذار، الذي يعلن بصوت عالي عدم إخفاء فساد وفشل من تبني نهج المحاصصة المقيت . فلتكتمل أفراحنا بإنتصارات قواتنا الباسلة ، وبأعادة كرامتنا التي هدرت ، بمشاركتنا جمعيا وبحماس يتماهى مع حماس تخلصنا من الدكتاتورية ، من أجل أن يتمتع الجميع بمباهج التغيير والإصلاح . فلنقطع الطريق على من يقف ضد ذلك بصبغ خنصرنا