المنبرالحر

ما البديل .. ؟ / طه البصري

اعتاد المواطن العراقي ، في السنوات الأخيرة ، على انتقاد كل الطبقة السياسية والمتملثة بالأحزاب الأسلامية
واصبح يمارس هذه العادة اينما ذهب .. في المجالس الشعبية والمقاهي العامة وسيارات الأجرة وحتى في دور العبادة ودوائر الدولة
وحين يصل لحظة الحسم فيمن سيختار في الانتخابات القادمة تجده يتحجج دائماً بعدم وجود البديل (المناسب) والقادر على النهوض بواقعنا المأساوي ونتيجة لذلك تنعدم لديه -حسب رأيه-الخيارات والحلول الآخرى فيعيد انتخاب هؤلاء السياسيين متجاهلاُ عدم كفاءتهم وامانتهم في إدارة شؤون الدولة وتقديم الخدمات الاساسية للمواطنين ..
في الحقيقة ان المواطن لم يبحث عن البديل اطلاقاً .. فالصفات التي يضعها ، في مخيلته ، عن البديل لهذه الطبقة السياسية هي انعكاس طبق الأصل لهم ، فهو يشترط أولاً ان يكون البديل منتمياً الى حزب أسلامي ..
وثانياً (والأهم) ان يكون من ذات الطائفة التي ينتمي إليها ذلك المواطن ، وإلا فسيمتنع عن اختيار اي قائمة او مرشح آخر .. وهكذا يكون انتخابه للشخصيات ، التي ستمثله ، مبني على اساس طائفي لاغير .
وسبب فشل المواطن العراقي في ايجاد شخصيات سياسية وطنية كفوءة ومستقلة هو عدم قدرته على التحرر من القيود الطائفية التي اتقن صناعتها السياسيون الطائفيون وبعض من رجال الدين الداعمون لهم من خلال خطاباتهم وسلوكياتهم الطائفية ، الداعية الى تهميش والغاء الآخر وتكفيره ، ومانتج عنها من الحقد والكراهية الاقتتال الطائفي بين ابناء الوطن الواحد وعلى جميع المستويات .
وفي ظل هذا الخطر المتنامي بات المواطن محكوم عليه سايكلوجيا بالبقاء ضمن الجماعة دفاعاً عن هويته التي اختزلت في مجتمعنا العراقي بالأنتماء الطائفي والقومي
" إذ تظهر الاندفاعات الفورية للهوية بوضوح ، على سبيل المثال ، اثناء الحروب وحملات الاضطهاد وفي سياق النزعات القومية . وفي هذا الخصوص نجد بأن الهوية الجمعية تغلف الفرد وقتيا وبالتالي فإن الفرد يتمثل هذه الهوية ويعيش من اجل الجماعة ويستعد للتضحية في سبيلها . ومثل هذه الظواهر الخاصة بالتقمص تكشف لنا عن قوة الشعور بالأنتماء وفاعليته"[1]
سيبقى المواطن العراقي سجيناَ خلف جدران الطائفية طالما استمر شعوره بالخطر الذي يهدد هويته الاجتماعية ، وسيعيد انتاج نفس الشخصيات السياسية الحالية وان كانت بوجوه اخرى ..
ولاسبيل للنهوض مالم يتم حظر الخطاب الطائفي والسلوكيات التي تبث الكراهية .
وتحقيق المساواة بين مكونات المجتمع العراقي "فتنامي الاتجاهات التعصبية والعدائية بين جماعات المجتمع الواحد إزاء بعضها البعض، نتيجة أفرزتها حقيقة انعدام المساواة بين جماعات المجتمع" [2]
كما على القوى الوطنية المتمثلة بالتيارات العلمانية والمدنية ، والتي نالت هي الأخرى نصيبها من حملات التشويه والتكفير ، ان توحد صفوفها في مواجهة سياسة الاقصاء والتهميش التي تنتهجها تيارات الإسلام السياسي
والبرهنة للمواطن على انها الخيار الوحيد القادر على إخراج العراق من عزلته الحضارية .
--------------------------
1) السلطة والفرد ، برتراند راسل
2) المرجع في علم اانفس السياسي ج2 ،
مجموعة محررين