مجتمع مدني

في ضيافة التيار الديمقراطي في الدنمارك / د. علي الخالدي

هناك معايشات بعضها حلوة وأخرى مرة تفرض بصماتها على الذاكرة ولا تنسى ، ومن هذه المعايشات اﻷيام الحلوة التي قضيناها في ضيافة زملائنا أعضاء التيار الديمقراطي في الدنمارك ، وما قُدم من تسهيلات ﻷقامة مندوبي نتسيقيات دول أوروبية وكندا ، الذين لبوا دعوة اللقاء التشاوري الثالث ، الذي إنعقد تحت شعار العراق يستحق اﻷفضل في كوبنهاجن عاصمة الدنمارك في 13- 17/ 10/2014.
ألهب الترحيب والحفاوة التي إستقبل بها المندوبون المشاعر ، إن كان على مستوى التحضير وتوفير وسائل الراحة للمندوبين من مسكن ومأكل ، وتنظيم سير أعمال اللقاء كلها مجتمعة ، دلت على جهود فائقة بذلوها ، وقفت وراء تسهيل نجاح أعمال اللقاء في المدة المحددة ، بشكل ملفت للنظر تعجز الكلمات عن وصفه .
فما أن خرجنا من مطار مالمو السويد (لعدم وجود خط مباشر بين بودابست و كوبنهاجن ) لمحنا شابة عراقية المظهر والمحاسن ، ترفع كارتونة كتب عليها وفد هنغاريا ، أخبرت زميلي ثامر الزيدي ، عن بعد أن تلك الشابة هي من ينتظرنا ، عرفتنا بأسمها نيران ، في الطريق الى محطة القطار كانت تجري أتصالات مع غرفة عمليات إستقبال الضيوف ، وعند وصولنا الى كوبنهاجن كان زميلنا أﻷنصاري عبد الله ينتظرنا بسيارته ، لينقلنا جميعا الى بيته للراحة ومن ثم التحرك لقاعة اللقاء ، حيث جرت مراسيم اﻹفتتاح ( راجع ريبوتاج اللقاء نشر في مواقع الكترونية).)
سارت أعمال اللقاء بروح المودة والتآخي بين الوفود وكأننا نعرف بعضنا البعض ، أعادت لي ذكريات مشابه للقاءات لمنظماتنا الطلابية في الخارج ، لكن من أثار إستغرابي أن مجمل القائمين على هذا اللقاء ، قد فضض العمر رؤوسهم أو أقتلع ما تبقى عليها من بصيلات الشعر ، ومع هذا أظهروا روح الشباب في تحركهم والطيبة العراقية في مضافهم وكلامهم . وأصبغت الطبخات العراقية التي كنا نتناولها في الوجبات الثلاث رونقا عراقيا بعيدا عن اﻷجواء اﻷوروبية ، وكأننا بين أهلنا ، فقد تطوع العديد من زميلاتنا بتحضير الغذاء على ثلاث وجبات . وللذة وطيبة اﻷكل تناول البعض أكثر من صحن ، وهم يكيلون المديح لزميلاتنا على فن طبخهم ، حيث أعادوا لهم مذاق وطعم طبيخ أمهاتم بعد غيابه عنهم.
أن كل النشاطات كانت تطوعية ، على مدى ثلاثة أيام ، تعرفنا خلالها على تجارب التنسيقات ، راكمت لدينا الدراية والمعرفة في كيفية التصدي لمعاناة شعبنا ومحنته الحالية في طرحها على الشعوب التي نعيش بين ظهرانيهم ، رصدها المتشاورون ، ووضعوها في قرارات وتوصيات خرج بها اللقاء التشاوري يسمو عليها القلق من المصير الذي أوصلوا شعبنا اليه ، والذي يحفز على ضرورة تقديم الدعم ﻷجل التغيير ، الذي يسعى اليه شعبنا ، المغلوب على أمره وصولا لبناء عراق تسوده العدالة اﻹجتماعية.

في مساء اليوم الثاني شنفت سمعنا فرقة بابل في الحفل الذي أقيم على شرف المندوبين ، فيه وزعت شهادات تقدير للمساهمين في اللقاء .إنتهى اللقاء وشد الزملاء رحالهم الى حيث من أتوا محملين بمهام ينبغي النهوض بها ، تساعد شعبنا على الخروج من محنته ، وبالنسبة لوفدنا عند المساء قادنا الزميل عبد الله لزيارة معالم كوبنهاكن منها القصر الملكي ، وتمثال حورية البحر (هذين المكانين كانتا مكتظة بالسواح ).
عند وصولنا محطة قطار مالمو أطلت علينا الزميلة نيران لتأخذنا ، الى بيت لنقضي ليلتنا ، في الصباح أجرينا جولة في مالمو ، ولاحظنا أن أحد الشوارع يكاد يكون أخا لشارع الشيخ عمر في بغداد فعلى جانبه تمتد محلات تصليح السيارات ، أغلب مالكيه من العراقيين ، دعانا أحدهم عندما سمعنا نتحث اللهجة العراقية لشرب الشاي ، ودار بيننا حديث هموم العراقي في الخارج . أثار إنتباهنا العديد من المحجبات وخلفهم أطفال يرطنون بلغة لا نفهمها يتراكضون مريحين خلفها ، قارنا ذلك بين أطفال العراق الذين تركوا مقاعد دراستهم ليبحثوا في النفايات ، ما يمكن بيعه ﻷعالة عوائلهم وبينهم . وفي الموعد المحدد ودعتنا اﻷخت نيران بمثل ما إستقبلتنا به من حفاوة وتكريم . فهل تفي كلمات الشكر وتقنعنا أنها كانت كافية لرد على ما قدمه لنا زملاؤنا من حسن أستضافة وتوديع؟.