فضاءات

د. علي حسين الجابري في قراءة فلسفية عن الإنسان العراقي / غالي العطواني

عقدت مجلة "الثقافة الجديدة"، الخميس الماضي، ندوة فكرية – فلسفية ضيّفت فيها أستاذ قسم الفلسفة في كلية الآداب – الجامعة المستنصرية د. علي حسين الجابري، الذي تحدث في موضوعة عنوانها "واقع الإنسان في العراق بين بيروقراطية الأمس وأدهوقراطية اليوم.. (قراءة فلسفية)".
حضر الندوة التي عقدت على قاعة منتدى "بيتنا الثقافي" في ساحة الأندلس، جمع من المثقفين والأدباء والإعلاميين، وأدارها الشاعر والإعلامي إبراهيم الخياط، الذي قدم سيرة الضيف، وأشار إلى انه باحث ومفكر له إسهامات رصينة على صعيد الفلسفة وتاريخها وفي الأدب والفكر العربي المعاصر، وانه أشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه أو ناقشها، وله قرابة 50 كتابا، من بينها "فلسفة التاريخ في الفكر العربي"، "دراسة في الاجتماع البشري"، "محمود البريكان بين فلسفة الصمت وصمت الفلسفة"، وغيرها. كما انه كتب زهاء 200 بحث في مختلف المجالات الفكرية والفلسفية والأدبية والاجتماعية.
بعد ذلك تحدث د. الجابري عن واقع الإنسان في العراق، لا سيما بعد التغيير 2003، مبيّنا ان الوقائع تشير إلى ان الحاضر مترع بالماضي، وان ذلك يدفع إلى مجهولية المستقبل، ومضيفا: "ما لم يتخلَ المجتمع العراقي عن الماضي وسلبياته، سيبقى أسيرا فكريا لدى ذلك الماضي".
وتحدث الضيف عن الخوف والشعور بعدم الأمان لدى العراقيين، مشيرا إلى ان الخوف لا يأتي من البدن، بل من القلب في إشارة سريعة من القلب إلى الدماغ أمدها 6 ثوان فقط، "ولهذا ترسل أمريكا رسالة مفادها "إنكم في خطر" وإعلامها يطبل لذلك، وهنا يشعر الجميع بالخطر من خلال قلوبهم"، لافتا إلى ان "الموت يتنقل في الأسواق والشوارع، وان الانسان العراقي لا يستطيع أن يبدع طالما هو يشعر بعدم الأمن والأمان".
ومضى د. الجابري في حديثه إلى القول: "إن الماكينة الإعلامية والحربية الأمريكية تهدف إلى إنهاء سمة الإبداع في شخصية الفرد العراقي"، مشيرا إلى ان المثلث الخطر الذي تؤكده هذه الماكينة هو: "التهجير، التدمير، والتخدير"، مقابل ذلك هناك مثلث خطر آخر، وهو "العشيرة، الطائفة، وعدم الانتماء إلى الوطن".
وأضاف قائلا: "نحن أمام عاصفة هوجاء، تجعلك أمام طريقين لا تعرف أيهما تسلك، أحدهما إلى القمة، والآخر إلى الهاوية، وبذلك تريد العولمة للطبقة الوسطى أن تكون بين القمة والهاوية".
وأوضح د. الجابري ان العراق الآن ليس صاحب قرار، وان الشعب العراقي لم يكن صاحب قرار في تاريخه الحديث، سوى في 5 سنوات من زمن ثورة 14 تموز 1958، مختتما حديثه بالإشارة إلى ان الخروج من المأزق لا يتم إلا بالتلاحم الوطني، والانتماء إلى المواطنة، وانهاء الطائفية والعشائرية وكل السبل التي تؤدي إلى التفكك الاجتماعي.