فضاءات

ستوكهولم: إحياء أربعينية الفقيد الدكتور حامد أيوب العاني ..مناضل نذر حياته لقضية الفقراء والكادحين / محمد الكحط

كان الرفيق الفقيد الدكتور حامد أيوب العاني (أبو سعد)، من الرفاق الذين زرعوا الحب والأمل والطيبة في كل مكانٍ رسا فيه، فقد جمع بين الخصال الإنسانية الراقية والمواصفات النضالية الفذة، مما أكسبه حب الجميع من أحتك بهم، وها هم يتذكرونه حياً بينهم، بذكرياته وصفحات نضاله المجيدة، كانوا أوفياء له كما هو كان وفياً لهم، أبو سعد مناضل عنيد، وإنسان متميز بسلوكه وبثقافته وتواضعه الجم، فليس غريبا ان يتم استذكاره في أكثر من مكان من قبل رفاقه وأصدقائه، فها هي ستوكهولم، تحيي ذكراه العطرة، فقد أحيت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد وبمبادرة من صديقه الدكتور عبد الحسن الاعرجي، أربعينية الفقيد الكبير في حفلٍ تأبيني يوم الأحد 2/6/2013 في ستوكهولم،  فحضر رفاقه وأصدقاؤه ومحبوه، حيث توسطت القاعة صورته تحيط بها الزهور والشموع، وليفتتح الرفيق جاسم هداد الحفل التأبيني بكلمات معبرة عن خصال الفقيد، قائلا، ((نلتقي لنحيي ذكرى أربعينية رفيق مناضل ترجل من صهوة النضال ، بعد ان أدى ما عليه وزيادة، مناضل جسد صفات الشيوعي في نكران الذات والشجاعة ونبل الأخلاق. مناضل قرن القول بالفعل، ودعنا وأياديه بيضاء، بارا بتعاليم حزبه، محافظا على لقبه الشيوعي من أية شائبة.))، ودعا الجميع للوقوف دقيقة صمت حدادا على روح الفقيد.

 

ومن ثم قرأ الرفيق فيصل الفؤادي نعي المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي للفقيد، بعدها كلمة منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد التي قدمها الرفيق محمد الكحط، ومما جاء فيها: ((كما في مشاوير حياته النضالية، ها هو الرفيق أبو سعد، منهلا لأجيال من الشيوعيين في الإخلاص والمثابرة والخلق والتواضع الشيوعيين، وقد لا يعرف الكثير من الأصدقاء والرفاق عن تلك الخصال الحميدة التي اتسم بها الرفيق حامد أيوب، إلا بعد رحيله جسدا عن محبيه ورفاقه، وحامد أيوب كشيوعي فذ ترك في مسيرته النضالية منارات فخر له ولحزبه الذي نذر له حياته وظل أمينا ومخلصا لمبادئه في أصعب الظروف وأقسى المحن التي مر بها شعبنا وحزبنا.

حامد أيوب، العامل الذي حمل آمال الناس الفقراء في أزقة صوب الكرخ حيث وُلد، نذرً نفسه وحياته من أجل هؤلاء الفقراء، متحديا سجاني قصر النهاية بكل شجاعة، كما حمل آلام الفقراء معه في غربته أيضا.

إننا الذين تعلمنا من مبادئ وسيرة الرفيق أبو سعد، سنظل أوفياء لتلك المبادئ والأخلاق، ولنا الحق بالفخر بأن حزبنا الشيوعي العراقي يزخر حقا بقامات مناضلة، هي محط تقدير واعتزاز الأصدقاء قبل الرفاق في حياتهم، وبعد رحيلهم، وهذا هو الأثر الجميل الذي يخلفه المناضلون الأصلاء لورثة حاملي رايتهم النضالية ومبادئها السامية. رفيقنا الغالي أبا سعد.. لك العرفان من رفاقك بما قدمت ووهبت وضحيت، وبسجاياك الفاضلة تتعطر ذكراك دائما في قلوب من عاش وعمل معك وتعلم على يديك.)).

وجاء دور أصدقائه المقربين، الذين تحدثوا بشجن والألم يعتصر قلوبهم، عن تلك الذكريات والأيام الحلوة والمرة التي قضوها مع الرفيق في محطات الغربة المتعددة، يستذكرون وقفاته ومواقفه وخصاله الجميلة. فكان للدكتور طالب النداف محطات عديدة مع الفقيد ابتدأت من الوطن منذ الستينات، وانتهت حيث أنتهى قلبه عن الخفقان، يستذكر كيف كان يعذبه المجرمون القتلة أمثال ناظم كزار وصدام حسين، وكيف كانت صلابته في مواجهتهم، ووصفه بأنه  كان قاموسا متنقلا ، وشاركته دموعه الحديث فلم يستطع اكمال حديثه،  وأكمل صديقه  المقرب الدكتور عبد الحسين الأعرجي تلك المسيرة في محطات الغربة المختلفة  مستذكرا كيف تعرف عليه لأول مرة والمصاعب التي مروا بها معاً، والخصال التي تميز فيها الفقيد، وانه من يتعرف عليه يسعى الى صداقته، فهو من الشخصيات القليلة جدا التي تأثر بها، مشيدا بأنه لم يبخل بأية مساعدة يستطع تقديمها للآخرين وغالبته دموعه ايضا ولم يستطع اكمال حديثه.

 

وكان آخر المتحدثين الرفيق الدكتور صالح ياسر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وبكلمات حزينة نابعة من القلب، أبن فيها الفقيدومما جاء في كلمته، ((عبر كافة محطات حياته النضالية الممتدة لما يقارب من الستة عقود، في السجون والمعتقلات، في أقبية النضال السري وظروفه الخارقة الصعوبة، في التظاهرات والمعارك الوطنية والقومية الكبرى، في غربته خارج الوطن والمنافي، في كل تلك المواقع كان الرفيق ( أبو سعد) يحمل الحزب في قلبه ولا يساوم، حالما دوما بوطن مفعم بالحياة والأمل والمستقبل. وقد كانت حياته على امتدادها الواسع درسا كبيرا لأجيال عديدة من رفاقه ورفيقاته، درسا كبيرا لكي يعيش المناضل الشيوعي حياته كما يجب أن تعاش، فقد عاش الفقيد الراحل حياة نضالية تليق بلقب الرفيق، حياة كانت معلقة بأهداب المخاطر، خصبة بكل ما تحمله من جسارات واقتحامات وروح تحدي ومقارعة لكل قوى الظلم والطغيان والعسف والقمع والكبت دفاعا عن مصالح الكادحين وشغيلة اليد والفكر. غير أن ما يحز في النفس ان رفيقنا رحل ولكن من دون ان تتكحل عينيه برؤية الوطن، الذي ابتعد عنه قسرا، وظل يحمله في وجدانه أينما رحل وهو الذي حاول مرات عديدة، بعد سقوط الدكتاتورية، أن يزور أهله ورفاقه وأحبته هناك لكن الأمراض لاحقته ومنعته من تحقيق ذلك الحلم.)).

في الختام، شكر عريف الحفل بأسم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد جميع الحضور ومن ساهم في إحياء هذه الذكرى، وتقدم بجزيل الشكر والتقدير للدكتور عبد الحسين الأعرجي، صاحب المبادرة بإقامة هذا الحفل التأبيني، اعتزازا وتقديرا ووفاءاً للعلاقة الصداقية التي ربطت بينهما. وتقدم بالشكر والتقدير للدكتور طالب النداف لمشاركته و للدكتور صالح ياسر لحضوره ومشاركته في هذه الاحتفالية.

مجداً لك أيها لرفيق الفقيد الغالي حامد أيوب، أنك في قلوبنا جميعا نحن رفاقك، سائرون على دربك الذي اخترته.