من الحزب

رائد فهمي: التأخر في تنفيذ المادة 140 سببه غياب الإرادة السياسية

متابعة "طريق الشعب"

قال الرفيق رائد فهمي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ورئيس لجنة المادة 140 الأسبق، أن عدم استكمال تنفيذ المادة (140) من الدستور حتى الآن يعود في جانب منه إلى أسباب تنظيمية وإدارية، أي لعوامل غير سياسية، مؤكداً أن التأخر في التنفيذ يعود بالدرجة الأساس، إلى عدم وجود الإرادة السياسية اللازمة لدى جميع لأطراف والقوى السياسية المعنية.
جاء ذلك في معرض رده على أسئلة وجهها له مراسل موقع "ميليت" الالكتروني الناطق باللغة الكردية.
وفي ما يلي نص الحوار:
س/ باعتبارك كنت سابقاَ رئيساَ للجنة المادة 140 ما هي قراءتك للمادة، هناك من يقول بأن المادة انتهت دستورياَ. اذا كانت فعلا منتهية كيف السبيل لانعاشها قانونياَ طالما الحكومة ملتزمة بتطبيق المراحل الأخرى وان كانت بطيئة، واذا كانت غير منتهية فكيف السبيل للاسراع بتطبيق المراحل الأخرى؟
- فيما يتعلق بانتهاء المدة الدستورية للمادة 140 والمحددة ب 31/12/2007، فاني اتفق مع رأي رجال قانون متخصصين بالتمييز ما بين مدة الإسقاط كما هو الأمر في القانون المدني ، وبين المدد التي ترد في النصوص الدستورية لغرض التنظيم. والمدة المحددة دستوريا لانجاز المادة 140 تقع ضمن الحالة الثانية، وبالتالي لا يزال الغرض الذي وضعت من أجله ونص عليه الدستور قائماً.
وعدم استكمال تنفيذ المادة حتى الآن يعود في جانب منه إلى أسباب تنظيمية وادارية، اي لعوامل غير سياسية، على سبيل المثال ظلت لجنة تنفيذ المادة المادة 140 عدة شهور بدور رئيس بعد استقالة الاستاذ هاشم الشبلي ، وزير العدل الأسبق ورئيس اللجنة خلال النصف الأول من عام 2007، كما أن حجم العمل وطبيعة المشاكل المطلوب حلها خلال مرحلة التطبيع كبير جدا واستغرق وقتا طويلا، ولم ينجز حتى الآن بسبب عدم تخصيص الأموال الكافية للتعويضات.
ولكن العامل الأكثر أهمية في بطء التنفيذ والمراوحة في مرحلة التطبيع ، إذ يجدر التذكير أن المادة الدستورية تنص على ثلاث مراحل : التطبيع، الإحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، يعود بالدرجة الأساسية، حسب رأيي، إلى عدم وجود الارادة السياسية اللازمة لدى جميع الأطراف والقوى السياسية المعنية للمضي قدما في تنفيذ المادة وبذل الجهد الضروري واعتماد الحوار والمرونة والسعي إلى بناء جسور الثقة المتبادلة لتهيئة افضل الأجواء للتوصل إلى حلول، فلدي قناعة تامة ان توفر الارادة والنية الصادقة والرغبة لحل المشاكل من شأنه تذليل العقبات التي تواجهها.
أما كيفية الاسراع في التطبيق للانتقال إلى المراحل الأخرى، فهناك خارطة طريق وخطوات واضحة تنفيذية وإجرائية وضعتها لجنة تنفيذ المادة 140 في ضوء ما ورد في الدستور وهي باختصار :
1. استكمال متطلبات انجاز مرحلة التطبيع بتأمين المبالغ اللازمة للتعويضات، وفي حال استمرار وتيرة المبالغ المخصصة سنويا للسنوات الماضية التي تتراوح بحدود 150 مليون دولار سنويا (حوالي 170 مليار دينار)، فان توفير المبالغ المطلوبة سيستغرق أكثر من عشر سنوات. فإما ان يتم اعطاء الأولوية لتعويض ألمشمولين في كركوك، وهو قد لا يجد قبولا من المشمولين في المحافظات الأخرى وممثليها السياسيين، أو ان تقوم الدولة باصدار سندات إلى المشمولين تلتزم الدولة بتسديدها لاحقا او اقتراح حلول أخرى.
2. مناقشة وإقرار قانون الغاء التغييرات في الحدود الادارية التي أجريت من قبل النظام الدكتاتوري السابق لأغراض سياسية ولتغيير الطابع الديموغرافي لكركوك والمناطق المتنازع عليها. وقد رفعت رئاسة الجمهورية في الدورة السابقة مشروع القانون إلى مجلس النواب، وتم حفظه في ادراج رئاسة المجلس دون وضعه على جدول الأعمال . مشروع القانون يواجه بالرفض من قبل نواب وقوى سياسية من دون معرفة مضامينه، لذا اقترح أن يعقد المجلس جلسة استماع لعرض مشروع القانون ومناقشته من قبل طيف واسع من النواب وممثلي الكتل السياسية ومتخصصين في ?لقانون والدستور ، وممثلي أهالي المناطق المتنازع عليها إضافة إلى مسؤولين حكوميين. فبدون تمرير هذا القانون يبقى السؤال ما هي حدود كركوك، والمناطق المتنازع عليها الواجب اعتمادها لاجراء الاستفتاء ، هل الحدود الحالية أم الحدود قبل قرارات الاستقطاع والالحاق والضم لأقضية ونواحي اجريت من قبل النظام السابق؟ وإذا ما توفرت قناعات باعتماد الحدود الحالية، فيجب معالجة الأمر دستوريا وقانونيا.
3. الغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل ذات العلاقة من قبل مجلس النواب وقرارت لجنة شؤون الشمال في النظام السابق من قبل مجلس الوزراء.
4. الانتهاء من حل المنازعات بشأن ملكية الاراضي والعقود الزراعية، وقد قطعت اللجنة شوطا كبيرا في حل مشكلة العقود الزراعية، ولكن لا تزال المشاكل قائمة فيما يتعلق باستعادة الاراضي التي تم الاستيلاء عليها او انتزاعها مقابل اسعار دون قيمتها من أهاليها وصرف التعويضات لهم.
أن انجاز هذه الخطوات يتح إمكانية إجراء الإحصاء لأهالي كركوك ، تمهيدا للاستفتاء.

تأييد الكرد بقوة في تنفيذ المادة 140 وبالمقابل اعتراض بعض من العرب والتركمان على تنفيذها، لماذا هذا التخوف اذا كان تقرير مصير المحافظة يتم وفق الدستور وبالطريقة القانونية وبارادة ساكنيها؟

هذه المخاوف تعكس اجواء عدم الثقة بين ممثلي مكونات وأطياف اهالي كركوك، وللموروث التاريخي الذي تخللته احداث نزاع الكرد وصدام وجرى تكريسها في الوعي العام للمكونات وتناقلها من جيل لآخر، وقد جرى توظيف سياسي لعناصر التوجس والاحداث السلبية في العلاقة بين المكونات التي جرت في فترات ماضية بهدف إذكاء روح التعصب القومي وخلق حواجز نفسية بين ابناء مختلف اطياف أهالي كركوك.
ولم تبذل جهود ومساعي كافية على المستويين السياسي والثقافي والتوعوي، لتنقية وإزالة هذه الحواجز النفسية، بل كثيرا ما جرى العكس هو تغذيتها لأغراض الكسب السياسي. اضافة إلى ذلك هناك ممارسات من مختلف الأطراف تنطوي على تجاوزات و ذات طابع ثأري تكرس المخاوف ما بين المكونات. ولكن اجزم بان الغالبية العظمى من أبناء كركوك، على إختلاف مكوناتهم تنشد العيش بسلام ووئام وبصورة متآخية، ولكن مشاريع واجندات سياسية لا تجد مصلحة في ذلك.
ومن المخاوف التي يحملها اهالي كركوك العرب والتركمان، أن نسبة الكرد في كركوك قد ارتفعت بصورة غير طبيعية بعد عودة المهجرين، ويشككون بحقيقة كون بعض الذين عادوا واستقروا في كركوك هم من اهاليها حقا. ويمكن تطمين هذه المخاوف باجراء التعداد السكاني ، ولكن هناك معارضة من هذه المكونات لأنها تخشى ان تخرج النتائج لغير صالحها ، وبالتالي ستكون نتائج الاستفتاء محسومة سلفا.ولمعالجة هذه المخاوف ، يجب التوضيح ان المشاركة في الاستفتاء لتقرير مصير كركوك سيقتصر على اهالي كركوك الاصليين وليس جميع المقيمين فيها، وينبغي في الوقت ?فسه اعطاء تطمينات، وخاصة من الطرف الكردي، تؤكد الرغبة في تحقيق المشاركة في ادارة شؤون كركوك من جميع اطيافها ومكوناتها، ورفض منطق وممارسة التهميش والاقصاء، والالتزام بمبدأ المواطنة المتساوية إزاء جميع أهالي كركوك.

المادة 140 خاصة بكركوك أم لكل المحافظات العراقية الأخرى ؟ بدليل المرحلين من المحافظات الأخرى يستلمون ايضا التعويضات ماردك؟

المادة 140 لا تخص كركوك وحدها وإنما جميع المناطق المتنازع عليها، وجرى شمول من تعرض للتهجير والملاحقة لأسباب مشابهة لما ورد في المادة 140 والمادة 58 من قانون إدارة الدولة، وعلى هذا الأساس يتم صرف تعويضات لمن تشمله هذه المعايير والشروط، وتم تشكيل مكاتب في عدد من المحافظات لاستلام الطلبات وتحديد المشمولين باحكام المادة.
مسالة تقرير مصير كركوك خاصة بأبناء المحافظة وحدهم أم الآخرين في المحافظات الأخرى لهم الحق في تقرير مصير المدينة؟

كان الرأي في لجنة تنفيذ المادة 140 أن يقتصر الاشتراك في استفتاء تقرير مصير كركوك على أهالي كركوك "الأصليين"، وهؤلاء يٌعرفون بالمشمولين باحصاء علم 1957 وما سبقه، مع بعض التعديلات لشمول من كان غائبا او تعذر شموله بالاحصاء لأسباب مبررة.
ولهذا فضرورة لفت الانتباه ان التعداد السكاني العام لا يفي بالغرض، لأنه يحصر من هو موجود ويقيم في كركوك ( أو المناطق المتنازع عليها الأخرى) يوم التعداد، دون تحديد لأهالي كركوك الأصليين. ولتحديدهم يجب الانطلاق من احصاء عام 57 حيث تشارك الاسر والأفراد الذين يمتلكون وثائق ثبوتية بذلك مع اضافة ذريتهم وحذف المتوفين واجراء بعض التعديلات الأخرى. ويمكن أن يتم ذلك دون الحاجة إلى نتائج التعداد العام للسكان، وقد اتخذت لجنة تنفيذ المادة 140 خطوات مهمة تحقيقا لهذا الغرض.