من الحزب

بلاغ عن اعمال الفعالية الفكرية المركزية السابعة التي عقدت ببغداد في 04/ 11/ 2016

بتاريخ 04/11/2016، وبإشراف سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق حميد مجيد موسى (ابو داود)، وبحضور العديد من رفاق اللجنة المركزية، وبمشاركة ما يقارب التسعين رفيقا ورفيقة، التأمت أعمال الفعالية الفكرية المركزية السابعة والتي عقدت تحت عنوان:
(بعض ملامح التحولات في البنية الاجتماعية – الطبقية في العراق بعد 2003)
افتتح اعمال الفعالية الرفيق (ابو هديل)، عضو لجنة العمل الفكري المركزية (لعف)، داعيا الرفاق والرفيقات الحضور الى الوقوف دقيقة حداد تخليدا للشهداء والراحلين، ثم القى كلمة لعف/المركزية والتي جاء فيها:
" الرفيقات والرفاق الاعزاء
باسم رفاقكم في لجنة العمل الفكري المركزية، نرحب بكم ونشكركم على تلبيتكم دعوتنا للمساهمة في اعمال الفعالية الفكرية المركزية السابعة. كما ارحب وباسمكم بالرفيق حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية لحزبنا مشرفا على اعمال فعاليتنا هذه، وبالرفاق اعضاء اللجنة المركزية الحاضرين بيننا، وأود ان اقدم لهم شكرنا، لما لمسناه من دعم ومتابعة مستمرة لنشاط لعف والمختصات الفكرية في جميع المحليات.
الرفيقات والرفاق الاعزاء
تنطلق فعاليتنا الفكرية اليوم تحت عنوان "بعض معالم التحولات في البنية الاجتماعية – الطبقية في العراق بعد عام 2003 "، وكان اختيارنا لهذا العنوان مبنيا على ادراكنا ان هناك حاجة موضوعية ملحة لمعرفة التحولات الاجتماعية التي تعرض لها المجتمع العراقي بعد انهيار النظام الدكتاتوري البغيض وتحول العراق الى مرحلة انتقالية مفتوحة على عدة احتمالات وإمكانيات. وكلنا أمل وثقة بنفس الوقت بان هذه الفعالية ستفضي الى نتائج وتوصيات تكون أحد الروافد التي تستند عليها قيادة الحزب في رسم سياسته في الحقل الاجتماعي.
كما تعرفون، انه ومنذ اكثر من خمسة اشهر اطلقنا ورقة الفعالية ومحاورها الاربعة التي تضمن المحور الاول فيها الجانب النظري والمفاهيمي المتعلق بمفاهيم الطبقة والصراع الطبقي والفئات والشرائح الاجتماعية والخطاب الايديولوجي ودوره في تزييف الصراع الطبقي، ووصلتنا لهذا المحور احدى وعشرون مساهمة فردية. أما المحور الثاني فقد تضمن دراسة ميدانية للتحولات الاجتماعية التي حصلت على الطبقات والفئات الاجتماعية في العراق بعد 2003 ووصلتنا لهذا المحور تسع عشرة مساهمة فردية. والمحور الثالث تضمن دراسة الظواهر والبنى الفرعية وبعض مخرجات التحولات الاجتماعية بعد 2003 كالبطالة والفساد والإرهاب وظواهر اخرى كالعشيرة و والحواسم والفئات المهمشة، ووصلتنا لهذا المحور ثماني عشرة مساهمة. أما المحور الرابع فتضمن آفاق التغيير ورهانات المستقبل ووصلتنا اربع مساهمات. وإضافة الى المساهمات الفردية وصلتنا مساهمات جماعية لخمس محليات.
رفيقاتنا.. رفاقنا الاعزاء
لم يكن غائبا عن بالنا ان موضوع الفعالية معقد ومركب، ويحتاج الى قاعدة معلومات دقيقة ومتنوعة يفتقر لها بلدنا بسبب عدم اجراء تعداد سكاني بعد 2003 لأسباب معروفة. كما ان طبيعة الموضوع تحتاج الى جهد ذهني وإعمال الفكر وتأمل في التغيرات التي تعرض لها المشهد الاجتماعي والطبقي العراقي وهي كبيرة وكثيرة. ولذلك لم يكن مفاجئا لنا ان عدد المساهمات سواء كانت فردية او جماعية كانت اقل من المساهمات في الفعاليات الفكرية المركزية التي سبقتها. ولغرض اغناء المناقشات وتعميقها والخروج بنتائج ملموسة ومفيدة، اثّرنا كما فعلنا في الفعالية السابقة (السادسة) ان نختار لكل محور مجموعة مساهمات فردية لتكون مدخلا لإثارة الحوار حول فقرات المحور بمجموعها.
ختاما، اتمنى لكم يوما فكريا حافلا بمناقشات معمقة، تساهم في كشف وإزاحة الاغطية التي حاولت وتحاول اجهزة التضليل الايديولوجي تأطير الصراعات الحقيقية بها. كما نأمل ان تكون هذه الفعالية حافزا لنا لرصد وتحليل الظواهر الاجتماعية في مجتمع يعج بالمتغيرات".
وبعد الانتهاء من كلمة لعف المركزية قدم الرفيق حميد مجيد موسى (أبو داود) مداخلة ضافية جاء فيها:
" إن هذه الفعالية تكتسب اهمية خاصة لأنها تعقد قبيل انعقاد المؤتمر العاشر للحزب كتتويج لإعمال كبيرة وملموسة على مختلف الصُعد. وهي فعالية مهمة للتهيئة والتحضير لأجواء سليمة في طريق انجاز المؤتمر العاشر الذي نتمنى ان يكلل بالنجاح، وهو مسعى جاد لاستخلاص دروس التجربة و تقويم مسيرتها خلال السنوات الماضية.
احسنت (لعف) في وضع ورقة عمل لهذه الفعالية، فهي ورقة صالحة وجادة وناضجة تستند على معطيات علمية، وتطلق النقاش للمزيد من التعمق في دراسة اللوحة الاجتماعية والتركيبة الطبقية للمجتمع العراقي التي تشوهت بفعل عوامل عديدة وخصوصا الاحتلال الذي اربك اللوحة وضبب الرؤية، وخلق للمتربصين الفرصة للإدلاء بدلوهم، والمساهمة في تشويه وعي المواطن من خلال تجاهل حقيقة ان المجتمع العراقي ليس فقط مجتمع تنوع وإنما هو تركيبة طبقية، فيها من يمتلكون ومن هم معدمون، وهذا التناقض هو تناقض اصيل لا تلغيه الانتماءات الفرعية. ومهمتنا ان نعمق من دراستنا لحقيقة الواقع العراقي اعتمادا على المنهج الماركسي الذي يساعدنا على رسم السياسات السليمة التي تساعد الكادحين لتحقيق آمالهم.
صدقت ورقة الفعالية حين اكدت على اننا لا نريد ان نلوي عنق الواقع ونكيفه وفق قوالب نظرية جامدة، لان الماركسية ومنهجها يؤكد على دراسة التطورات وفق تطورها، ومهمتنا هي المعرفة الأعمق للواقع في ضوء المنهج العلمي، وفي ضوء خبرتنا وتجارب العالم والاستفادة من تلك التجارب، وإزاحة ركام الافكار المغرضة المعبرة عن آراء الطبقات المهيمنة، ودفاعا عن الافكار التي تصب في خدمة مصالح الطبقة العاملة والكادحين عموما.
نحن نعيش مرحلة انتقالية، والتغيرات تقدما وارتدادا على قدم وساق، والصراع بين القوى المعنية محتدم وعلى أشده. فنحن منذ 2003 نكرر المقولة "بان احداث 2003 اسقطت الدكتاتورية وفتحت المجال لتغيرات حقيقية ولكنها لم تتحقق، اي سقط نظام دكتاتوري ولكن لم يتبلور بعد البديل الديمقراطي".
اننا نعيش ظروفا في غاية التعقيد والصعوبة وتبرز خيارات كثيرة واحتمالات ليست جميلة، ولا يمكن تحقيق اهداف المرحلة بدون تضحيات. المشاركون في السلطة يسعون للحصول على أكبر حصة من كيكة السلطة، وهم لا يتورعون عن استخدام أية وسيلة لتحقيق ذلك الهدف، وهم يستعدون لجولة جديدة من الصراع تبدأ بالرغبة للحفاظ على نفس المشهد الذي سبق دخول (داعش)، وتكريس هيمنتها بأشكال جديدة، ولتكبير دور كل منهم على حساب الآخر. وهناك صراع داخل الكتل المتنافسة من اجل المصالح والثروة والنفوذ ويوجد صراع داخل الكتلة الواحدة.
ولابد من الاشارة الى أن الطائفية لا يمكنها ان تلغي حقيقة التناقضات والصراعات الطبقية في المجتمع، والمتنفذون يسعون الى التبرقع والاختباء وراء الطائفية والانتماءات الفرعية للتغطية على التناقضات الحقيقية، لكن حبل الكذب قصير، لأن مسارات الاحداث لها احكام موضوعية لا بد ان تكشف زيف هذه الافكار وتكشف حقيقة التناقض الاقتصادي والسياسي الذي يأخذ طريقه في صراعات حقيقية بين الكادحين بمختلف مكوناتهم وبين من عبثوا بثروة البلد ومن زرعوا عدم الاستقرار والعنف.
إننا نواجه مجموعة من القضايا الملحة، ونحن نعيش لحظة خاصة في هذه المرحلة الانتقالية، لكن تبقى الحرب ضد الارهاب أولوية، لان البلد برمته يتعرض للانهيار والارتداد الى العصور الوسطى، لذا نحن بحاجة ماسة الى لحمة وطنية عامة تمكن القوات المسلحة من الحاق الهزيمة بداعش، وما تحقق يستحق التثمين. ولكن هل المعركة ضد الارهاب تقتصر على الحاق هزيمة عسكرية بداعش، وهل ستنتهي ظاهرة الارهاب وداعش بمجرد تحرير الموصل. لقد سبق ان أكدنا بأن ما سبب سقوط الموصل لم يكن سببا فنيا او اداريا وحسب وإنما هو هزيمة سياسية وفكرية لمنظومة المحاصصة، هزيمة للمتنفذين، للفساد، واجتماعية كانتشار البطالة، وفكرية انتشار الافكار الظلامية، وهي اسباب رئيسية وتمثل أولويات. وإذا اردنا ان لا تتكرر ظاهرة داعش نحن نؤكد على ان المواجهة متكاملة، متعددة الجوانب لاجتثاث جذور تشكل داعش.
ولغرض انجاز مهمة اجتثاث جذور داعش لا بد من اعتماد جملة من التدابير السياسية، خصوصا ونحن نرى المهاترات والمنابزات التي توظف لخدمة الارهاب والفساد والتشوش. وهي من مقومات ظهور الإرهابيين، فلا يمكن انجاز تلك المهمة بدون السعي للتخلص من المحاصصة وتفعيل مبدأ المواطنة، وإلا ستبقى الجذور قائمة ويمكن ان تتجدد مع كل انعطافة سياسية اذا بقى هؤلاء المتنفذون، وهذا مرتبط بالإصلاح والتغيير وإيجاد صيغة للمصالحة. وبسبب نهج الحكام والمنظومة القائمة فلا مصالحة بدون اصلاح حقيقي وهذا يتطلب جملة من الاجراءات الاقتصادية وإعادة النظر بالنهج والسياسة الاقتصادية للبلد وتخليصه من التخلف والنزعة الاستهلاكية، ومن خلال استثمار طاقاته لتوفير فرص عمل وتوفير مستوى عيش لائق. وارتباطا بالمشروع الوطني الديمقراطي والخلاص من تبعية الاقتصاد الريعي، تؤمن للبلد قدرات تعزز من سيادته لأن البلد التابع لا يستطيع ان يحقق الاستقلال والسيادة الحقيقيين.
نحن بحاجة الى مجهود ثقافي فكري واسع، وإن ما حصل ويحصل ليس وليد صدفة، ولا بدون مقدمات فكرية ثقافية في المجتمع الذي اغرق بالمآسي. وان ورقة الفعالية اشارت الى ان ما يجري ليس معزولا عما سبقه من عمليات اجتماعية سياسية، فهو محصلة تراكم. اذن هو مرتبط ارتباطا جذريا بما سبقه من تراكمات على صعيد الانحطاط الفكري والثقافي الذي اشاعته الدكتاتورية، ارتباطا بـ "الحملة الايمانية"، اضافة الى العوامل الاقتصادية والاجتماعية، وان الردة الفكرية عزلت الناس عما يحدث في العالم من تطورات، والتشويش على التفكير العقلاني لصالح وحدانية التفكير أوجد ارضية خصبة للظلامية والتطرف والتقاليد التي لا تنسجم مع التصورات المدنية المنفتحة. ومثال ذلك مشروع داعش الظلامي المتخلف والنهب والفساد وتشكل البرجوازيات المتنوعة. كل ذلك أدى الى نتائج فكرية وثقافية مأساوية في البلد تضع امامنا كشيوعيين ومدنيين وديمقراطيين مهمات اعادة البلد على السكة الطبيعية للتطور، تطور مجتمع مدني. وبدون الوعي لا نستطيع ان نكسب سياسيا وان نغير الاوضاع القادمة. وأمامنا مهمات فكرية وعلينا ان نبدأ بالنفس، فنحن مشروع فكري واع ونحتاج الى تعبئة كل طاقات الحزب نحو نضال فكري مع كل من حولنا وضد الأعداء، وهذه عملية تكتسب تعقيداتها وإنها محاطة بأعداء مقتدرين يملكون امكانيات وفرص، علينا تعبئة الجهود لصراع حقيقي داخل العملية السياسية ومع اعداء العملية السياسية، ولا بد من الأخذ بنظر الاعتبار ان هذا الصراع الداخلي لا ينعزل عن التخل الخارجي.
وإذا لم يكن لدينا الوضوح الفكري المطلوب عند ذاك سنفقد القدرة على القيادة، لذلك فمهماتنا في العمل الفكري كبيرة جدا، فنحن نواجه تحديات كبيرة. سيهزم (داعش) وسينتحر وستعود الموصل ونينوى عموما الى أبنائها، لكن كيف سنحتفل بالانتصار؟ هل بالعودة الى ما سبق ام بأمر جديد يشيع التقدم والمواطنة؟.
وبعد انتهاء الرفيق (ابو داود) من مداخلته، فتح الباب للنقاش فطرح العديد من المشاركين في الفعالية مجموعة من الاسئلة والملاحظات تعلقت بالفدرالية والمشروع الوطني الديمقراطي والموقف من التدخل التركي وظروف ما بعد تحرير الموصل وحول الدور السلبي للبرلمان العراقي، وقد اجاب عليها الرفيق ابو داود مشكورا.
وحال انتهاء الجلسة الافتتاحية وطبقا لبرنامج عمل الفعالية، فقد انطلقت اعمال الجلسة الثانية حيث توزع المشاركون على اربع ورش، لدراسة ورقة العمل بمحاورها الأربعة التي كانت قد عممت على المنظمات في 01/ 06/ 2016. ثم تم طرح آليات عمل الورش و الجدول الزمني المخصص لكل واحدة منها.
وبعد اتمام الورش الاربع عملها انتظم الرفاق والرفيقات في الجلسة الختامية العامة (الثالثة) حيث استمعوا الى تقرير مقرر كل ورشة وتمت مناقشة الافكار التي طرحها مقرر الورشة وهكذا جرى الحوار مع مقرري الورش الاخرى.
تميزت الورش بحوارات غنية عكست تحسنا وتطورا ملموسا في مستوى طروحات رفاقنا ورفيقاتنا كما كان لمشاركة بعض الاصدقاء من الاكاديميين في ورشنا دور جيد في اغناء النقاش.
لقد خرجت الورش الاربع باستنتاجات جيدة وخصوصا في الخيارات المطروحة امامنا كبدائل للنظام الدكتاتوري البغيض. فقد جرى التوصل الى استنتاج قوامه ان خيار ما يسمى بـ "الدولة الدينية" في العراق مستحيل بسبب التنوع الديني والاثني في البلاد وبسبب استحالة قيام مثل هذه " الدولة " اصلا. و كذلك فان خيار دولة على غرار الدول في جنوب شرق اسيا مستحيل ايضا لان سياسة الولايات المتحدة الامريكية في العراق تختلف جذريا عن سياستها مع تلك الدول حيث تسعى امريكا الى ابقاء العراق دولة ريعية توزيعية ضعيفة في قواعدها الإنتاجية ليظل العراق النفطي تابعا لإرادات المركز الرأسمالي. أما الخيار الثالث فهو الخيار الواقعي امام العراقيين وهو اقامة الدولة المدنية ببعد العدالة الاجتماعية وتحقيقه مرتبط بنضال مثابر من قبل اصاب المصلحة الحقيقية بقيام مثل هذه الدولة وهم غالبية ابناء الشعب العراقي.
من جهة اخرى انطلقت المناقشات، في مختلف المحاور، على ضرورة البحث في "جذور" التحولات الفعلية الطبقية – الاجتماعية وتحديد اتجاهاتها الرئيسية الناظمة والفئات التي تبلورت وأصبحت تمارس تأثيرا واضحا على اتجاهات تطور التشكيلة العراقية بعد 2003، ومحاولة التوصل الى إجابات ولو أولية، عن التساؤلات التي طرحتها ورقة العمل في محاولتها لتحريك النقاش والاجتهاد بشأن جملة من القضايا المسطرة في المحاور الاربعة الواردة في الورقة.
وقد جرى التأكيد، في مختلف المحاور، على ضرورة قراءة البنية الاقتصادية/ الاجتماعية في بلادنا ومعرفة تناسب القوى الفعلية السائدة فيها في اللحظة التاريخية الملموسة؛ والرؤية الصحيحة للوحة الطبقية الاجتماعية في صيرورتها، و ادراك و ترتيب تناقضاتها الناظمة و تحديد اطراف تناقضها الرئيسي بطبقاته المختلفة، و تشخيص تناقضاتها الثانوية، فهذا يعد امرا غاية في الاهمية لجهة التخطيط لسياسة سليمة وبناء استراتيجيات معللة، و لتحديد التكتيكات الصحيحة للنضال بعيدا عن أي وصفات جاهزة.
كما توقفت المناقشات عند الاطار النظري المفاهيمي لمقولات تعد مفتاحية في دراسة البنى الاجتماعية وركزت على مفهوم الطبقة الاجتماعية وما الذي يميزه عن مفهوم الفئة الاجتماعية، وكذلك مفهوم الشريحة الاجتماعية وماهي الفروقات الاساسية بين هذه المفاهيم. كما تم التطرق الى مفهوم الصراع الطبقي حيث تمت الإشارة الى ان ظهور انقسام المجتمع الى طبقات والصراع بينها ظهر بظهور الملكية الخاصة لوسائل الانتاج كأساس اقتصادي (ان تاريخ أي مجتمع ليس سوى تاريخ صراعات طبقية).
وعلى المستوى العملي الملموس ومثالنا العراقي بيّنت المناقشات أن التبدلات في الخريطة الطبقية/الاجتماعية ساهمت في تعديل ميزان القوى داخل فئات البرجوازية لصالح الجناح الطفيلي – البيروقراطي والكومبرادوري، وإعادة رسملة الطبقات القديمة. كما تنامى دور البورجوازية الطفيلية التي باتت تضم شرائح "رجال الأعمال الجدد ". وخلال هذه الفترة نشأ التحالف "غير المرئي" بين " النخبة " البيروقراطية الحكومية والسياسية والعسكرية والأمنية العليا وبين الفئة الطفيلية في إطار ديناميات العلاقة الزبائنية بينهما. كما تطرقت الحوارات الى دور المثقف وشرائح اخرى مثل الطلبة والفلاحين ومدى تحالف هذه الشرائح مع الطبقة العاملة وماهية التحالف المطلوب اليوم في العراق لإحداث التغير.
ولم تكن هذه "التبدلات" بمعزل عن تعاظم الريوع النفطية نتيجة زيادة اسعار النفط الخام في السوق العالمية التي ادت الى تنامي سمات الطابع الريعي والخدماتي والتوزيعي للاقتصاد العراقي التي وظّفتها "النخبة السياسية" في توسيع شبكة "الزبائنية" الاقتصادية- الاجتماعية- السياسية، وتطوير آليات الاستيعاب والسيطرة. وقد استفادت بعض الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية بدرجات متفاوتة من هذه الطبيعة المزدوجة للاقتصاد العراقي: الريعية – الخدماتية.
كما توقفت الفعالية الفكرية المركزية السابعة عند أبرز آثار السنوات السابقة، والتي تمثلت بإنتاج فئات اجتماعية مهمشة وانتشار العشوائيات حول المدن، والتي تعتبر الأرض الخصبة للتطرف الديني، وعمل الميلشيات، يتزايد حجمها باستمرار وتتألف من كل المبعدين عن العملية الإنتاجية والاستهلاكية. فهي اليوم تشكل كتلة كبيرة داخل اللوحة الاجتماعية بسبب التنامي المستمر للفقر و البطالة. كما ظهرت المافيات بشكل واسع. وبالإضافة لذلك هناك زيادة كبيرة في عدد الأيتام والأرامل، نتيجة الإعمال الإرهابية والاقتتال الطائفي. كما برزت ظاهرة الطلاق بشكل ملفت للنظر وانحلال العلاقات الزوجية، مما ينذر بمشاكل اجتماعية على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في المراحل القادمة مالم توضع برامج وخطط كفيلة بتقليل من آثارها. ان مجتمع التهميش يمثل المكان الملائم لإنتاج واعادة انتاج فئات واسعة من المهمشين الجدد، و وكرا لتفريخ الانحرافات الاجتماعية بمختلف يافطاتها، والغلو والعنف و الراديكالية نتيجة لانسداد الأفق أمامهم. والمسؤول عنه اولا وأخيرا النظام المحاصصي وسياساته الاقتصادية – الاجتماعية.
كما اولت المناقشات الاهتمام الى ظاهرة الفساد في العراق والذي كانت له جذور في ظل النظام الدكتاتوري السابق، اما بعد 2003 فقد اصبح "مؤسسة راسخة" ولعب دورا كبيرا في تكوين فئات "جديدة" من البرجوازية بكافة إشكالها ترتبط مصالحها بمصالح الرأسمال المعولم، وتسعى لفرض سياسات الليبرالية الجديدة على الاقتصاد العراقي بغض النظر عن ظروف والنتائج التي تتبعها.
وجرى التأكيد في المناقشات على أنه ولمواجهة هذه التحديات الكثيرة تتزايد الحاجة اليوم في ظل معركة فكرية صاخبة، لإعمال العقل الجمعي لحزبنا وللعاملين على الجبهة الفكرية وكل المعنيين بهذا الموضوع من أجل التفكير في هذه القضايا التي تتخذ ابعادا واستحقاقات لا تخص فقط الشيوعيين وإنما جميع قوى اليسار والديمقراطية بل وكل المناضلين والمناضلات من اجل بناء بديل يتجاوز النظام الطائفي - المحاصصي ولا ينحصر في أفقه أو يخضع لآلياته ولائتلافه الطفيلي –البيروقراطي - الكومبرادوري. ذلك لأن مطلب نقد دولة المحاصصات دون التأسيس الصحيح لدولة جديدة، مدنية – ديمقراطية عصرية، هو مطلب أعمى. كما أن الحديث عن دولة جديدة دون الحديث عن نقد دولة المحاصصات هو نقد اعرج.
وبروح الحماسة والهمة العالية أنهت الفعالية الفكرية المركزية السابعة أعمالها بتأكيد المشاركين والمشاركات على بذل الجهود لتوظيف ما توصلت اليه الفعالية من نتائج من أجل تعزيز وتنشيط العمل الفكري في عموم منظماتنا وترقيته ليكون بمستوى التحديات المتجددة دوما.
لجنة العمل الفكري المركزية (لعف)
5/11/2016