اعمدة طريق الشعب

المزارعون وشعلان كيبل! / عاصي دالي

عادة ما تطبق الحكومات سياسات زراعية تهدف الى تحقيق نتائج محددة على صعيد الأسواق المحلية للمنتجات الزراعية, ومن بين هذه النتائج على سبيل المثال، ضمان مستوى ثابت في استقرار الأسعار وجودة المنتجات، وانتقاء الجيد منها أو الانتفاع بالأرض.
ويعد القطاع الزراعي من القطاعات الرئيسة في الاقتصاد العراقي, وتحتل مساهمته موقعا مهما بعد النفط, وهو يمثل مصدراً لدخل شريحة واسعة من أبناء المجتمع الذين يمتهنون الزراعة او يعيشون في الريف، وقد صمدت الزراعة في مواجهة ظروف الحروب والحصار الاقتصادي التي مر بها البلد. فيمكن القول ان الزراعة هي القطاع الوحيد الذي استمر بالانتاج برغم الظروف المعروفة التي فرضت قيودها على النشاط الاقتصادي في العراق, وكانت المصدر المهم للسلع الغذائية طوال فترة الحصار. وقد وفرت الخضر والفواكه إضافة إلى نسبة لا بأس بها من المواد الغذائية الاستراتيجية مثل القمح والرز, غذاء للمواطنين. فلا بد للنهوض بالزراعة واستثمارها بالشكل الصحيح لأنها تمثل ثروة لا تنضب، وتستطيع ان تمتص البطالة وتعمل على التنمية الاستراتيجية الإنتاجية والاستهلاكية.
ويعاني القطاع الزراعي اليوم، مشكلات عدة، أهمها قلة الدعم من قبل المؤسسات الحكومية، وخاصة في توفير البذور والأسمدة الكيماوية التي تساعد في زيادة الإنتاج. كما إن الفلاح لم يستطع تأمين معيشته وعائلته، وذلك لتكلفة المنتج الزراعي الباهظة, وتجاوز سعر الطن من الأسمدة الكيماوية المليون دينار, وارتفاع أسعار الحراثة والبذور والوقود الذي يستخدم في تشغيل مضخات الماء، من جهة, وانخفاض أسعار المنتج في ذروة الإنتاج، والتي لا تسد كلفتة من جهة ثانية. فحبذا لو أنشأت السلطات المختصة مخازن خاصة لحفظ المنتج الفائض عن حاجة السوق, للأيام التي ينخفض فيها.
لكن السلطات تركت المزارع, وأصبح حاله مثل حال «شعلان كيبل» الذي كان يعمل في أحدى دوائر البريد كمصلح للكيبلات السلكية, الممتدة على أعمدة بين المدن. في أحد الأيام كان شعلان كيبل متسلقا على عمود يمر في منطقة صحراوية, لأجل معالجة القطع فيه، فجاء ذئب واخذ يحفر تحته، فاتصل شعلان بمديره بواسطة التلفون الذي ربطه بسلك الاتصال واخبره عن الذئب، فقال له مديره: «كلّه كخ»، لكن ذلك لم ينفع شعلان فسقط ومزقه الذئب!