اعمدة طريق الشعب

حول هبوط مستوى الاحتياطي النقدي / إبراهيم المشهداني

من المعروف إن البنك المركزي هو المسؤول عن رسم السياسة النقدية ومتابعة تنفيذها وتتمثل في تحديد سعر صرف الدينار العراقي بالنسبة للدولار والسيطرة على معدلات التضخم والمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية وكذلك السيطرة على نسبة الاحتياطي النقدي والذي هو عبارة عن مبلغ يحدده البنك ويعدله كلما اقتضى الحال حسب كمية التدفقات النقدية .
ولعل الوظيفة الأخيرة هي الجوهرية هنا ، فمن الواضح أن الاحتياطي النقدي اخذ بالانخفاض منذ عام 2014 وهذا مدعاة لقلق الاقتصاديين المتابعين للشأن النقدي خصوصا إذا ما علمنا أن معدل انخفاض الاحتياطي السنوي بلغ 9 مليار دولار فقد انخفض الاحتياطي من 80 مليار دولار إلى 53 مليار دولار حسب تصريحات محافظ البنك المركزي وكالة وحسب تصريح مستشار البنك المركزي فان الاحتياطي وصل لنفس العام إلى 50 مليار دولار فيما تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أنه قد يصل إلى 43 مليار دولار غير إن ما يثير القلق هو هذا الاختلاف في الأرقام . وإذا ما استمر معدل الانخفاض وفقاً لهذه الوتيرة فان الوضع ، إن لم تتخذ إجراءات عاجلة ، قد ينذر بالإفلاس والغرق في الديون الخارجية التي بلغت حتى الآن 65,5 مليار دولار وإذا أضفنا إليه الديون الداخلية البالغة 30,5 فان مجموع الديون ستبلغ 96 مليار دولار .
وحسب تقدير المحللين الاقتصاديين فان المخاطر الأساسية التي تسبب هذا الانخفاض تتجلى فيما يجري في نافذة بيع العملة التي شابتها عمليات فساد تزكم الأنوف تتمثل بغسيل العملة وتهريب الأموال من قبل الفاسدين عن طريق البنوك الأهلية وشركات الصيرفة خصوصا غير المجازة نتيجة ضعف آليات الرصد خاصة في قيمة الاستيرادات ويحصل هذا في نفس الوقت الذي انخفضت فيه مستويات العملة الأجنبية الداخلة إلى البنك المركزي من خلال وزارة المالية نتيجة انخفاض موارد النفط وترتب على ذلك كله اتساع مساحة المضاربات المالية بسبب الفرق بين سعر الصرف الرسمي في البنك والسعر المتداول في السوق.
ويرى المسؤولون في البنك المركزي إن من العوامل الضاغطة على الاحتياطي النقدي هو ما تقوم به الحكومة من إصدار حوالات أو سندات يقوم البنك المركزي بشرائها بإصدار نقدي لصالح الحكومة دون غطاء يكفي من العملة الأجنبية لذلك فان إصدار الحكومة هذا يتحول إلى طلب على الاستيراد بالدولار كل ذلك نتيجة للعجز الكبير في الموازنات السنوية خاصة وان صندوق النقد الدولي قد وافق على برامج الحكومة الخاصة بتمويل العجز من العملة الصعبة كشرط مسبق لإقراضها. ونعتقد إن الاستقلالية التي وردت في قانون البنك المركزي لا تتيح له الاستقلالية المطلقة عن التنسيق المباشر مع الحكومة ارتباطا مع السياسة المالية وبناء إستراتيجية اقتصادية مستدامة من اجل تنشيط عملية التنمية الاقتصادية التي لم تجر بشكل يعيد التوازن إلى الاقتصاد العراقي. من هنا فان الحفاظ على الاحتياطي النقدي تصبح أولوية لا مناص منها مما يتعين إتباع منظومة من التدابير الاقتصادية على المديين القريب والمتوسط نذكر منها :
• العمل على خفض بيع العملة بما يتناسب مع الكميات النقدية الداخلة إلى البنك المركزي بما فيها ما يدخل عن طريق وزارة المالية والتنسيق والتشاور مع البنك المركزي عند إعداد الموازنات السنوية .
• تدخل الدولة في تحديد الأسعار وضبط إيقاعها ومراقبتها أسوة بما يجري في معظم دول العالم بما فيها الدول الغربية الرأسمالية .
• دخول البنوك الحكومية إلى عملية شراء العملة من نافذة البنك المركزي .
• دعم القطاعات الإنتاجية وصولا إلى تغطية الطلب المحلي واقصار التجارة الخارجية على ما هو ضروري .
• إحكام الرقابة على المصارف الأهلية العراقية والأجنبية باستخدام الأدوات التكنولوجية وضبط التعاملات اليومية في هذه المصارف .
• تفعيل دور مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية لمكافحة شركات الصيرفة غير المجازة أو الأنشطة النقدية الموازية.