اعمدة طريق الشعب

الرواية العراقية / أحمد خلف

ربما يتذكر القارئ المتابع اننا كتبنا في احدى المرات عن الرواية العراقية وما يمكن ان يدفعها الى دائرة الضوء اكثر, قلنا ما معناه : ان ما تحتاجه الرواية العراقية هو ان تُقرأ من قبل النقاد والدارسين العرب والا تهمل من قبل القارئ العربي .. وقلنا ايضا بصدد ترويجها والعناية بها , ان يتحدث ويدافع عنها كتابُها ومؤلفوها لا ان يصمتوا كلما شن أحدهم هجوما عليها أو أهملها عن عمد أو من غير عمد, والرواية العراقية أصبحت ظاهرة بفضل العديد من كتابها الشباب او القدامى فقد رفدها هؤلاء واولئك بالكثير من النصوص التي استوفت الشروط الفنية والموضوعية , بل بعض الروايات تجاوزت مستويات عالية الجودة في الرواية العربية والعالمية وغدا الروائي العراقي يحظى باحترام وعناية الأوساط الثقافية العربية بما فيها المؤتمرات والندوات وحتى اللقاءات الصغيرة المكثفة , فإننا نلمس حضورا للرواية العراقية , رغم ان البعض من الروائيين او نقادها يغض الطرف عن الكثير من الإساءات التي تلحق بها وبكتّابها , اذا ما تبرع ذلك الناقد او الروائي للهجوم عليها وعلى البلد او الناس في بلده ترضية لبعض الاجندات الاقليمية ونحن نعرف جيدا امر تلك الامتثالات , ولكن ليس هذا مجال الحديث عنها. ان ما تعانيه الرواية العراقية من اهمال مقصود من البعض او نوع من استعلائية غير مبررة من قبل الناقد العربي اذا ما تم تكليفه من مؤسسة قومية للكتابة عن الرواية العربية , كما حصل مع الروائي الجزائري واسيني الأعرج وموقفه الغريب من الرواية العراقية جاعلا اياها في مستوى واحد مع الرواية الصومالية في الانتاج والاهمية , وكذلك ردود الافعال الإيجابية التي صدرت من بعض الروائيين العراقيين ونقاد الرواية, مما دفع واسيني الأعرج الى تصحيح موقفه من تلك المقالة التي كتبها , ولم يضع امامه وثائق او دراسات منصفة تخص الرواية العربية في معظم الاقطار وليس في العراق فقط , ولو فعل لاستطاع ان يتجاوز الكثير من الهفوات والهنات في كلامه عن الرواية العربية وليس العراقية فقط ..
وهذا الذي نقوله هنا يذكرني بحالة مطابقة للذي فعله واسيني الأعرج في الثمانينيات من القرن الماضي احد نقاد الادب القصصي والروائي العربي عندما اصدر كتابا عن الرواية العربية ولم يذكر للرواية العراقية سوى روائي واحد يعيش خارج العراق هو غائب طعمة فرمان , لكن كتاب الناقد العربي وقع بيد استاذنا الراحل علي جواد الطاهر الذي تصدى الى عدم معرفة الناقد بأبرز الروائيين العراقيين مثل محمود احمد السيد الى الوقت الحاضر في تلك المرحلة الثمانينية من القرن العشرين .. وتكرر اهمال الرواية العراقية في اكثر من مناسبة كان من الضروري ان تقدَّم بصورة لائقة بها وبمؤلفيها القدامى والجدد ويبدو الا حلّ امام الروائي العراقي الا اقتحام تلك الحصون المغلقة عليه كالندوات والمؤتمرات والجوائز ذات البعد القومي, ولكن كيف السبيل مع من يرى في تجربته وخبرته العميقة انه جدير بأن يغدو حكما في تلك الجوائز لا ان يشترك فيها.