اعمدة طريق الشعب

قتل امكانية التجديد! / حسين الذكر

قبل عقود كروية مضت، حينما لم يكن في العراق، الا ملعب الشعب الدولي، بحلته التي يمكن ان تكون دولية وبشكل لائق، حينما كان العراق يبلغ عدد سكانه عشرة مليون نسمة او اقل، حينما كان اللاعب لا يستلم الا راتبه البسيط، الذي قد لا يكفل عيشته الشخصية والعائلية، بأحسن الاحول، حينما كان الدوري العراقي وانديته تزدحم بالجماهير من كل المحافظات، حينما كان العمل في الاندية والاتحاد لا يدر على العاملين اي امتيازات، اذ لا مال ولا سفرات ولا تصريحات ولا علاقات عنكبوتية ... ولا هم يحزنون .. حينذاك كان لدى العراق،اربعة منتخبات قادرة على تمثيل المنتخب الوطني وجميع لاعبيها يمتلكون الموهبة والقدرة على حسن الاداء، فضلا عن لاعبي منتخب الشباب والاولمبي والناشئين والفئات العمرية الزاخرة بالعطاء والمبشرة بالخير، كل فريق من هذه الفرق له استقلاليته الخاصة واسماء لاعبيه المعروفين، المتحفزين كلهم للتنافس الشريف من اجل الحصول على مقعد في المنتخب الوطني الاول، لتمثيل العراق بشرف دون اي تداخل او تلاعب .. بصورة تجعل التنافس مشروع والمقعد مكفول، لمن يستحق ومن لا تسنح له الفرص عليه ان يطور مستواه كطريق وحيد لتمثيل المنتخبات، حيث لا تهديد ولا دفع ولا وساطات ولا موبايلات ولا علاقات.
بعد 2003 وفي ظل التغيرات الجوهرية التي طرأت عل البنية السياسية العراقية وتحوله من الحكم الشمولي الى انفلات وعبثية فاضحة وان كانت، تحت عنوان الديمقراطية، ادت الى ضياع كل شيء وتلخبط الامور، حدا اصبحت مخزية تاهت فيها المقاييس ولم يعد هناك شيء ايجابي، الا وتشخصن وتمصلح، ضمن حدود الغنيمة والاستحواذ بعناوين شتى ما انزل الله بها من سلطان، الا سلطان التحزب والتعصب، الذي جعل كرتنا في أسوء حال، بعد كل الاموال المصروفة والملاعب المشيدة والاندية العديدة والدوريات المتعددة والدورات والمدربين واللاعبين والكليات والجامعات والمعاهد والاعلام والجماهير والدعم اللامحدود .. غير ذلك الكثير، الذي ضاع وهدر، حينما اصبحت المناصب، توهب من قبل قوى ليس لها تاريخ في الرياضة والكرة ، بعد ان وجدوا مكانا يلتهمون فيه كل شيء ويستحوذون على ما ليس لهم بلا وجع قلب وبلا خشية ولا قانون ولا مساءلة ولا نزاهة ولا رقابة ولا هم يحزنون .
برغم كل التجديد اللاحق بالبنية والواقع الكروي في العراق الجديد، الا ان امكانية تعويض اللاعبين، اصبحت عسيرة، جعل تشكيل منتخبات جديدة عسيرا، في ظل تلاعب بالاعمار والاسماء واستحواذ على المنتخبات بعلم المؤسسات وبعض المدربين الباحثين عن انتصار شخصي على حساب الوطن والحقيقية الكروية، التي بات يعلمها القاصي والداني، افتضح امرها للاعلام والجماهير والحكومة والمعنين في الداخل والخارج، لدرجة صار اللاعب المحظوظ او المحمي من قبل المدرب او الاتحاد ( لغاية في نفس يعقوب )، يلعب لكل المنتخبات العراقية، دون ان يسمح لاحد غيره، بتأدية دوره، او يأخذ مكانه المحمي بكل انواع الترغيب والتهديد، بالنتيجة صار الحال من سيء إلى أسوأ والتصنيف يفضح مسؤولينا الكرويين برغم كل التبجحات فالاجيال تقتل والمنتخب عاجز عن الاتيان بجيل جديد، حينما اصبح الجيل الواحد ممثل لكل الاجيال .