اعمدة طريق الشعب

قروض بلا حائط صد / قيس قاسم العجرش

استلم الجانب الحكومي العراقي مؤخراً قرضاً من فرنسا قيمته بحدود 500 مليار دينار عراقي. هذا القرض، جاء ضمن سلسلة قروض دولية حصل عليها العراق وسيحصل لسد العجز في الموازنة البالغ 17 مليار دولار.
منذ عام 2011، وهناك عجز في الموازنة ينطلق مع انطلاق قانون الموازنة نفسها، أي أنه عجز ابتدائي يعرف به كل شخص في البرلمان والحكومة حتى قبل اقرار القانون الخاص بالموازنة.
ووجود العَجز بحد ذاته أمر ليس بالجديد، فكل موازنات دول العالم يمرّ بها شيء من العَجز، فتلجأ الى الاقتراض، أو الى إصدار سنداتٍ للدَين الداخلي، أو الى تقليل النفقات الحكومية في محاولة لرَتق هذا الشّق الإقتصادي المُعرقل للتنمية.
لكن، ما هي التأثيرات السلبية لوجود عجز ابتدائي؟
أولاً، سيساهم هذا العجز في ظهور(تضخّم)، يعني تتراجع قيمة العُملة العراقية المتداولة بين المواطنين العراقيين، وبذلك تتآكل مُدّخراتهم. يعني أن السلع والخدمات التي كان يحصل عليها المواطن العراقي نظير صرف راتبه البالغ 500 الف دينار، ستتطلب منه هذه المرة 550 الف دينار مثلاً، يعني زيادة بالكُلفة تتحملها الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل.
وبما أن البنك المركزي لا يريد أن تحدث حالة التضخّم هذه، فإنه يعمد الى بيع الدولار من الاحتياطيات في السوق المحلية العراقية(البيع الى المصارف الأهلية حصراً). وهو يتحكّم بسعر الصرف من خلال كمية الضّخ هذه.
وقد نجح البنك المركزي في الحفاظ على استقرار الدينار، لكن على حساب تراجع موجوداته من العُملة الاجنبية التي انخفضت الى النِصف خلال سنوات العجز.
وماذا لو تراجعت الموجودات؟
هذا يعني أن استقرار العُملة العراقية هو استقرار وقتي، مُعرّض في أي لحظة الى الانهيار. وهو بدوره يعني زيادة الأعباء المعيشية على الناس الذين يعيشون على مُرتباتهم الحكومية.
في المقابل، فإن من مصلحة الحكومة أن يرتفع سعر الدولار قليلاً(قليلاً فقط)، من أجل أن تخفف من أعباء مدفوعاتها للرواتب الشهرية(بما أنها تدفع الرواتب بالدينار الذي تشتريه بالدولار) ، فلو أن سعر الدولار صار 1500 دينار مثلاً، فإن الحكومة ستوفر فرقاً تصل قيمته الى 10 مليارات دولار من ميزان مدفوعاتها. وهو ما يعني سد 60في المائة من العَجز المخطط له.
لكن هذه كلها عمليات احتيال على البناء الحقيقي للاقتصاد، لأن الموظّف الحكومي في الغالب هو موظف غير منتج، والأمر ليس ذنبه إنما لأنّ القطّاع العام الحكومي يواجه ركوداً وتراجعاً في غياب الخُطط الحقيقية للانتاج.
لهذه الأسباب كلّها، فإن القروض ليست أكثر من ترقيع...ترقيع مجرد!