ادب وفن

الأبعاد الثقافية ومستويات الوعي الاجتماعي والانتخابي / عبد العزيز لازم

قال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، أن "الناس تتعلم ليس فقط من احاديث القوى المدنية، بل وحتى من التناقض الذي تبديه القوى المتنفذة بين ما تقوله وما تفعله. وكل ذلك يظهر تفاوتا في الوعي، وعليه فالانتخابات بحاجة الى مراكز لدراسة واستيعاب نتائج تجربتها".
جاء ذلك في ندوة بعنوان "الابعاد الثقافية ومستويات الوعي الاجتماعي والانتخابي"، عقدتها جمعية الثقافة للجميع، الخميس الماضي، على قاعة مقرها في بغداد.
حضر الندوة جمع من المثقفين والناشطين المدنيين، وتحدث فيها اضافة إلى رائد فهمي، كل من الروائية عالية طالب، والمسرحي د.عقيل مهدي.
د. عبد جاسم الذي ادار الندوة، أشار في مستهل حديثه إلى أهمية قيام اساتذة الجامعات بتثقيف طلبتهم على مردودات الانتخابات، وتطوير وعيهم الانتخابي.
فيما لفتت عالية طالب الى ان المجتمع العراقي ما زال يعاني تخلفا في وعيه الانتخابي، وتبرز هنا مسؤولية الحكومة والاعلام ومنظمات المجتمع المدني في تطوير الوعي الانتخابي والاجتماعي لدى المواطن. وأضافت قائلة: "رغم اتساع مساهمة المرأة في الدورة الانتخابية الأخيرة، إلا ان النظرة اليها والى دورها الحقيقي ما زالت قاصرة". واضافت ان "المرأة في نظر اصحاب القرار مجرد ديكور انثوي، لا سيما هناك هجوم قوي شنه بعض الاوساط ضد مشاركة المرأة في الانتخابات". وطالبت المتحدثة بضرورة بذل جهود ملموسة لتطوير وعي الناس اعتبارا من دور الحضانة، معتبرة ان قصور الوعي في المجتمع سينتج سياسيين ناقصي الوعي.
د. عقيل مهدي اشار في حديثه الى اساليب الدعاية الانتخابية التي اعتمدت الكم الهائل من الصور والبوسترات، وهي طريقة اثارت الرعب لدى المواطنين، لان كثرة هذه الصور ولدت اشباعا لدى الناس لدرجة فقدان القدرة على التمييز بين المرشحين. موضحا ان النسق الثقافي الذي غلب على الدعاية الانتخابية عبّر عن نرجسية واضحة، محللا ذلك بأنه انعكاس لطبيعة البيئة التي تذكي فحولة الرجل حين ينتقم من عدوه، خاصة وإن المرأة المرشحة ظهرت بكامل زينتها على نحو مبالغ فيه، وهناك نوع من المراهنة على العادات والسلوكيات القبلية من قبل غالبية المرشحين. ودعا مهدي الى خلق نوع من النسق الثقافي يتولى طرح صورة الانتخابات بشكل حضاري بعيدا عن النرجسية والتخلف.
بعد ذلك اوضح رائد فهمي ان الانتخابات تمثل صورة فوتوغرافية للمجتمع في فترة محددة، وتوفر معلومات لا غنى عنها. لذلك فالمفروض ان تكون الانتخابات مادة غنية لبحوث ودراسات تتناول الموضوع على المستويات السياسية والاجتماعية والجغرافية. "ففي الوقت الذي تعكس فيه الانتخابات حالة من الوعي، ستساهم ايضا في خلق وعي جديد". وأضاف قائلا: "في مثال الانتخابات العراقية ظهرت نشاطات سياسية وثقافية ومجتمعية ستترك اثرها على وعي الناس". ودعا فهمي الى النظر للحركة في تطورها بعيدا عن حالات الإحباط المحتملة. "فلا ينبغي الإنكفاء اذا ظهرت نتائج مغايرة للطموح". ثم أجرى مقارنة بين نتائج انتخابات الدورة الماضية والدورة الحالية، ملاحظا نتائج ايجابية لصالح التفكير المدني، "حيث انحسرت العبارات الدينية والمذهبية عن نشاطات الدعاية الانتخابية"، مشيرا إلى ان معظم مفردات الخطاب هي مفردات مدنية صاحَبَها التأكيد المستمر من قبل جميع القوائم على الدولة المدنية.
وتطرق فهمي إلى تقليص عدد رجال الدين المرشحين في هذه الدورة الانتخابية، وازدياد مشاركة النساء فيها، مبينا ان كل هذه مؤشرات ايجابية لصالح الدولة المدنية، و"هناك شعور بان المرأة تمتلك دورا حساسا في بناء المجتمع وعلينا دراسته بتعمق".
واستخلص من هذه الظواهر ان المجتمع العراقي يشهد حراكا، ويبدو انه يتقبل بصورة أفضل للطروحات المدنية، ويلعب الشباب دورا مهما من هذا الحراك، سواء كناشطين فيه، أم احتلال قضاياهم موقفا أساسيا من مواقع وأهداف التحرك.
التحالف المدني الديمقراطي وظهوره على المشهد السياسي بما يعكسه من حالة نمو التوحد كان من أبرز مظاهر هذه الحملة وسماتها المميزة والنوعية. الانتخابات محطة وهي تشكل حلقة في الصراع المجتمعي الدائر، ومن الضروري ان نعتبر ما تحقق بداية وليس نهاية المطاف، ما يستوجب توحيد هذا التحالف، وتعميقه وتوسيعه، وكشفت الانتخابات عن امكانيات واسعة للتحرك، دللت على بعض الظواهر الثقافية والسلوكية، والتطور يشمل الوعي رغم بطئه.