ادب وفن

الإعداد الموسيقي لقصيدة "أنشودة المطر" / واثق غازي

ضمن منهاجه الثقافي ضيّف اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة الكاتب نجاح الجبيلي لتقديم محاضرة بعنوان:"الإعداد الموسيقي لقصيدة أنشودة المطر".
استهل المحاضر الجلسة بالترحيب بالحضور وقال أن احتفاءنا بالشاعر الكبير السياب سيكون بطريقة أخرى إذ سنصغي إليها بصوت غنائي بمصاحبة الموسيقى.. سوف نسمع كلماتها وهي تنطلق من حنجرة أميمة الخليل الطرية وتتسلل من أنامل رامي خليفة الرقيقة وبإبداع المؤلف الموسيقي اللبناني عبد الله المصري.
انقسمت المحاضرة إلى قسمين "بصري" عبر عرض فيديو "بروموشن" للقصيدة السمفونية التي ألفها المؤلف اللبناني عبد الله المصري بعنوان "مطر" عن قصيدة "أنشودة المطر" وغنتها المطربة أميمة الخليل بمصاحبة البيانو لرامي خليفة والأوركسترا الروسي، "ونظري" شرح فيه الجبيلي الحيثيات الفنية، قائلا:" حظيت قصائد السياب وبالأخص الطويلة منها بالكثير من الاعدادات الموسيقية نظراً لموضوعتها الأثيرة لدى المستمع وما تحمل من معان لها أبعاد إنسانية وتطرح أسئلة كونية تتعلق بالبشرية ومصيرها، كما تحمل الهم الرومانسي والأسى والعذاب، ومن القصائد المغناة موسيقياً قصيدة "سفر أيوب" لسعدون جابر وقصيدة "غريب على الخليج" للراحل فؤاد سالم وغيرها".
وأضاف:" أعدت القصيدة في مرتين المرة الأولى من قبل المطرب السعودي محمد عبدة الذي أعد النص وغير ترتيبه بما يناسب اللحن فنقلها إلى قصيدة ثيمتها معاناة الطفل ولم يلغ فكرة المطر كوسيلة للتعبير عن هذه المعاناة وتتكون الأغنية من مقدمة موسيقية وأربعة مقاطع "كوبليهات" وهي من مقام الكرد". ثم قدم مقطع من أغنية محمد عبدة للاستماع.
وعرّج على الاعداد الموسيقي للقصيدة من قبل المؤلف الموسيقي عبد الله المصري وقال:" لحنت "أنشودة المطر" كقصيدة سمفونية تتألف من ثلاث حركات من مطلعها إلى البيت الذي يقول فيه الشاعر:" يا خليج يا واهب المحار والردى".
وحلل المحاضر الحركات الثلاث للسمفونية بقوله:" يستغرق العمل 35 دقيقة إذ يبدأ بالحركة الأولى "15 دقيقة" إذ تأخذنا آلات الأوركسترا إلى أعماق الجمل الشعرية في حين تصاحب آلة البيانو النص الشعري بصوت أميمة الخليل التي تنجح في الأداء و تشدد على الكلمات"، وعن الحركة الثانية قال:" تعد عقدة القصيدة الدرامية بما تحمله من صور بمعزل عن الكلمات مع نسيج موسيقي يعتمد على المقاطع السابقة وكأنها عملية تَثاؤب شعري موسيقي كما في الجملة الشعرية المُغنّاة:"كأنَّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام"، وفي هذه الحركة تتراءى الرِّقّة الكلامية، مع بطء موسيقيٍّ في نهاية الحركة".
وحلل الحركة الثالثة قائلاً:" وتبدأ الحركة الثالثة "10 دقائق" من المقطع الشعري: "أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر"؟، إذ يجري تدفق إيقاع الكلمات الداخلي، ويعيد البيانو، الكلمات المُغنّاة بحُرّية أكبر، ليصبح كما لو أنه الأنا الداخلي للصوت، فينشأ حوار بين الصوت بصورته الشعرية وصوت البيانو الفَرِح والطفولي، والذي يُمثِّل الأنا المنعكسة من القصيدة".
وأشاد المحاضر بهذا العمل كونه محطة مهمة في المسيرة الفنية للمؤلف عبد الله المصري والمغنية أميمة الخليل التي نجحت في تنويع طبقاتها الصوتية كونها "ميتسو سوبرانو" ومزجها بين التنويعات الشرقية والأواليات الأوبرالية بشكل فريد.وأشار المحاضر إلى أن كلا العملين "أغنية محمد عبدة و سمفونية مطر"، تخلى عن إدراج المقاطع الشعرية التي ترد فيها كلمة "العراق"- التي وردت حوالي خمس مرات ربما كانا يريدان للقصيدة أن تتجاوز محليتها لتكون كونية تجسد معاناة الإنسان.
وختم الجبيلي محاضرته مخاطباً الحضور كما خاطب مارسيل خليفة كادر العمل:" أصدقائي عرشكم مغمور بالنور بأمل وفرح ٍ أتجه إليه بيدين مفتوحتين".
بعد ذلك فتح باب المناقشات والتعقيبات إذ قال الاستاذ أحمد الجاسم ": في الواقع أحسست أنّ هناك مناخاً في هذا العمل لا علاقة له بقصيدة السياب إذا اعتبرنا أنفسنا بصريين أو خليجيين وعرفنا من هو السياب وأين يقيم وما هي الأغراض التي أرادها في قصيدته"؟.
فيما قال الدكتور محمد الأسدي أن "للفنان الحق في الخروج من الطابع المحلي إلى الطابع الكوني ولا يُجبر على أن يجسد القصيدة بشكل حرفي، فالنص حين يكون يخرج من يد مؤلفه يصبح ملكاً للمبدع الذي يشتغل عليه". وعقب الفنان والناقد التشكيلي خالد خضير قائلاً:"ان الأنماط التي قدمت في المحاضرة تعاني الغربة، كونها ألقيت في وسط غير متخصص، "لهذا أعتقد أنه كان يجب أن يدعو المحاضر نفسه نقادا متخصصين هم أقدر من الآخرين وقال الروائي باسم القطراني:" إن مشكلة المكان هي دائماً موجودة حين يحّول العمل الأدبي إلى عمل فني، والمعد لهذا العمل له الحرية الكاملة في التصرف به لأنه سوف يصبح إبداعاً خاصاً له".