مدارات

وكيل وزير الزراعة صبحي الجميلي في حوار مع (البينة الجديدة): اتخذنا إجراءات لمواجهة شح المياه التي تعرقل الزراعة / حوار وسام نجم

هل من المنطقي ان ارض السواد ، وهي التسمية التي سمي بها العراق بسبب ان القادم الى هذه الارض المعطاء يراها سوداء من كثافة الاخضرار بما زرع على ضفاف النهرين يبدو اسود ، ونعيد السؤال: هل يعقل ان ارض السواد تعاني شحة بالمياه ؟ الامر الذي يعرقل تطور الزراعة في هذا البلد العظيم .
عن طبيعة العراقيل التي تقف بوجه الزراعة في العراق وغيرها من الاسئلة وضعتها (البينة الجديدة) امام وكيل وزير الزراعة صبحي الجميلي عبر الحوار التالي :
هناك تحديات كبيرة تواجه الزراعة فيما يتعلق بشحة المياه، ما هي اجراءاتكم بهذا الخصوص؟
- التحديات التي تواجه القطاع الزراعي عديدة. شح المياه اصبح حقيقة لا بد ان نتعامل معها بغض النظر عن السنة الأخيرة التي صاحبتها أمطار وسيول في غير وقتها، وسببت أضرارا وخسائر. حيث ان هناك اسبابا متعددة ومختلفة لشح المياه؛ أبرزها يرتبط بالمشاريع التي تقام في الدول المتشاطئة مع العراق، وعدم وصول الحصص الكافية للعراق إلى نهري دجلة والفرات، إضافة إلى الجفاف الذي مرت به البلاد لفترة طويلة، واثر ذلك على المساحات المزروعة وتقلصها، وأيضا اثرّ بشكل واضح في المساحات المزروعة بالشلب، ولذلك فإن وزارة الزراعة قامت بمجموعة من الاجراءات، اضافة الى ما تنهض به وزارة الموارد المائية التي هي الجهة القطاعية المسؤولة عن قضايا المياه، حيث قامت باتخاذ إجراءات لتحسين استخدام المياه، وادخال تقنيات الري الحديثة. وبدأنا بمشروع كبير وضخم ضمن مبادرة الحكومة لمثل هذه التقنيات ومن المؤمل ان يغطي (3) ملايين دونم كمرحلة اولى، فضلا عن تقديم آلات الرش بدعم من الحكومة ويصل الى 50%، ومن المؤمل ان يصل الى نسب متزايدة خلال السنوات اللاحقة، إعتمادا على الانتاج الذي يحصل، هذا في ما يتعلق بالاجراءات المتخذة لحسن استخدام المياه وترشيده واستخدام تقنيات الري الحديثة. وان لا تكون هناك ضائعات، والحاجة قائمة الى الري المغلق، وان تكون هناك عمليات استصلاح وبزل جيدة، اضافة الى التفكير بامكانية استخدام المياه الجوفية، على قلتها ومحدودية المتجدد منها، حيث هناك ضوابط في كيفية استخدامها وكذلك الحدود التي يمكن فيها استخدام مياه المجاري والمياه العادمة بعد ان يتم التعامل معها وإعادة استخدامها مرة أخرى، فهناك توجه موجود لدى الوزارة بالحد من تأثيرات شح ظاهرة المياه. وعن تأثير شح المياه في المناطق التي لا تتوفر فيها مياه؛ شجعت الوزارة على حفر الآبار وقدمت قروضا مجانية في هذا المجال، ومن دون اية تحميلات مالية.
  سمعنا الكثير عن مشروع حزام بغداد الأخضر، إلى أين وصل هذا المشروع؟
- الوزارة من جهتها تقدم الدعم الفني واللوجستي لمن يرغب في إنشاء الأحزمة الخضراء. إذ ان هناك لجنة نحن أعضاء فيها، إضافة إلى مجلس ومحافظة بغداد. ولكن تنفيذ هذه المشاريع يرتبط بتخصيصات الأقاليم. هناك مشاريع نهضنا بها سابقا ونفذت، منها؛ طريق يا حسين في كربلاء المقدسة، وفي النجف الاشرف وغيرهما من المشاريع الجاهزة التي نفذتها الوزارة وما زال قسم منها في طور التنفيذ.
  هل تقدمون دعماً مادياً لأصحاب الأراضي الزراعية؟
- الدعم الذي تقدمه الوزارة للمزارعين والفلاحين له اشكال متعددة، وهناك دعم تقدمه الوزارة والحكومة للجانبين النباتي والحيواني؛ فعلى سبيل المثال نقدم الأسمدة باسعار معينة بعد شرائها من وزارة الصناعة وتباع للفلاحين بفرق كبير يصل الى نصف القيمة. وهناك دعم عن طريق البذور، حيث تشتري الدولة البذور بسعر وتدخله في عمليات تنقية وتوزعه على الفلاحين بأسعار مدعومة من الدولة، كذلك تقوم الوزارة بحملات مكافحة الآفات الزراعية، كما انها تقوم بحملات في مجال الصحة الحيوانية. والدولة من بدورها تقدم دعماً للمزارعين والمنتجين عبر شراء المحصول المنتج كالحنطة والشعير والرز بسعر اعلى من السعر الدولي . وفي الفترة الاخيرة (السنوات الثلاث الاخيرة) قمنا بتسلم التمور بسعر تشجيعي، ثم تحسن السعر في السوق بعد ان شعر الفلاح بان هناك سعرا تشجيعيا من الدولة، وهناك أشكالا مختلفة من الدعم تقدمها الدولة سواء كانت بدعم المدخلات أم المخرجات.
  ما هي خططكم المستقبلية؟
- كثيرة ومتعددة هي الخطط، الان على سبيل المثال بدأنا مناقشة الخطة الاستثمارية لعام 2014 ولدينا الكثير من المشاريع والخطط للنهوض بالقطاع الزراعي؛ فتطور هذا القطاع يمكن ان نستدل عليه من بعض المؤشرات، منها ان نسبة مساهمته في الناتج المحلي، وصل الى 8% وهي نسبة جيدة، وهذا يعني ان هناك تطوراً يحصل في هذا القطاع وتراكماً فيه، ولدينا مشاريع إعادة البنى التحتية، ونشر زراعة الأصناف خصوصا الحنطة والشعير المتحملة للملوحة والجفاف. ومشاريع تطوير الثروة الحيوانية و مشاريع البيطرة وتحسين انتاج البذور والرتب العليا منها، وادخال اصناف جديدة. وبدأنا بمشروع مهم منذ فترة وهو مشروع القرى العصرية في كل المحافظات لأجل ان تكون هناك قريتان عصريتان مخصصتان للمهندسين الزراعيين والاطباء البيطريين وخريجي المعاهد الزراعية. وسوف تقدم هذه القرى سكنا وأراضي لاستغلالها. ومن هذا السياق انتهينا من بناء ثلاث قرى كاملة في محافظات كربلاء الديوانية والسماوة، وهي الآن جاهزة وبعد ان تقر تعليمات قانون القرى العصرية نبدأ بالتوزيع. ومن المشاريع المهمة الأخرى للوزارة التوسع بشبكة المخازن المبردة. وأيضا هناك البحث العلمي الذي ما زال العمل عليه متواصلاً في الوزارة، وهو جانب مهم في خططنا، مثل كيف نستطيع ان نوفر مبيدات صديقة للبيئة، ولا تضر الإنسان. وهناك بحوث وتجارب عن كيف نشجع الزراعة العضوية، والعديد من المشاريع التي نأمل ان تساهم في دفع القطاع الزراعي وزيادة إنتاجيته وتوسعه وزيادة الدخل الوطني، وايضا تحسين مساهمة القطاع الزراعي في الامن الغذائي الوطني الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني العراقي.
  ما ابرز المشكلات التي تواجهها الوزارة؟
- هناك العديد من المشاكل والتحديات، منها شح المياه الذي هو إحدى الصعوبات التي تواجه الزراعة والقطاع الزراعي، وهذه ليست مشكلة وزارة الزراعة وإنما مشكلة عامة في البلد. والمتمثلة بكيفية الحصول على حصة افضل من الموارد المائية عبر التفاوض مع الدول المتشاطئة مع العراق، وهذا يشكل تحديا كبيرا؛ ففي فصل الشتاء، الاراضي المروية التي نشملها بالزراعة هي 13 مليون دونم، وفي الصيف من 2,5  3 ملايين دونم، وهنا يظهر الفرق الكبير ودور المحدد المائي وكيف يؤثر على الزراعة. والتحدي الاخر الذي يواجهنا هو التربة والملوحة فيها، ولو انها واحدة من أعمال وجهد وزارة الموارد المائية، التي تقوم باستصلاح الأراضي سنويا، ولكن ما زالت الحاجة كبيرة الى عملية استصلاح الاراضي والتخلص من الملوحة وتحسين إنتاجية الارض ووقف التدهور في الاراضي الزراعية وإدخال أراض جديدة الى الاستثمار الزراعي. كما نواجه ايضا مشكلة انخفاض الانتاجية وهناك اجراءات لمعالجتها عبر ادخال تقنيات الري وادخال اصناف جديدة من البذور وحيوانات بجودة عالية في الإنتاج. والشيء الآخر تحسين هذه الإنتاجية. ولكن ضمن المحددات الموجودة في القطاع الزراعي وخصوصا المياه والأرض، لربما يصعب التوسع الأفقي، لذلك نذهب الى التوسع العمودي، وهذا لا يتم الا بتحسين الإنتاجية ورفع غلة الدونم وكفاءة إنتاج حيوان المزرعة ورفع كفاءة استخدام المياه. وايضا احد التحديات الاخرى هو البنى التحتية وتطويرها وابقاء المزارعين والمنتجين في الريف وكيفية تحقيق تنمية ريفية مستدامة، وهذه واحدة من العناوين الكبيرة في الخطة الجديدة للحكومة والدولة؛ خطة التنمية الوطنية 2014- 2017.
وهنا اود ان أشير الى ان القطاع الزراعي يتميز بخصوصية عالية، لانه يتعامل مع المتغيرات المناخية، مع كائنات حية. وهذا القطاع من اكثر القطاعات التي يعتمد على وزارات اخرى، فالكهرباء والنفط والصناعة التي تنتج لنا الاسمدة والمبيدات والطاقة كلها تؤثر في عمل وزارة الزراعة، ولذلك فمن ميزات القطاع الزراعي انه يتداخل ويعتمد على القطاعات الأخرى، وبقدر ما تنهض بمهماتها وبواجباتها، بالتأكيد سيكون له مردود ايجابي على القطاع الزراعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
عن "البينة الجديدة"
(بتصرف)