مدارات

أسباب وأرقام مفزعة في قراءة الكتاب

صابرين نوري
وكان خير جليس في "أيام زمان" كتاب!
في العراق كنا نسمع المقولة التي تقول:"مصر تؤلّف، ولبنان تطبع، والعراق يقرأ" أي أنَّ العراق هو بلد كثير القراءة والمتابعة لكل علم وجديد من فنون الثقافة، لكننَّا اليوم نجد قلَّة المتابعة للثَّقافة في العراق، فالحرب وما بعد الحرب ما زالت تفتك بالمجتمع العراقي ومنه المثقَّف العراقي، وبعد أن كان العراقيّ يأخذ أسرتَه معتزًّا بِحضارتِه الى متاحف بغداد والرّحلات المدرسيَّة وتنظيم زيارة إلى المتاحِف والمعارض والمهرجانات الثَّقافيَّة، وكان الكثير من الرحلات ينظَّم إلى الأماكن الأثريَّة والثَّقافيَّة في العراق، كسامرَّاء وملوية سامراء، والزقورة وقوس النَّصر في بابل، وآثار بابل، والمدرسة المستنْصريَّة وأسد بابل، وطاق كسرة، وبانوراما القادسيَّة التي تجسّد الفتح الإسلامي للعراق والانتِصار على المجوسيَّة في العراق، كلّ ذلك وغيره صار اليوم مستحيلًا، وصار النشء العراقي الجديد يَجهل ذلك؛ بل ولا يعرفه للأسف الشَّديد, فمراكز الفنون والثَّقافة أشبه بالمغلقة، والآثار الكثير منها نُهِب من قِبل الاحتِلال أو عصابات مغرضة، والمتاحف بعضُها سُرِقت وأُخرى أُحرِقت، ودُور النَّشر توقَّف الكثير منها لأنَّها لا تجِد مَن يشتري ما تطبعه.
يقول الدكتور وليد السامرائي، دكتوراه في الأدب المعاصر من جامعة ليدز ـ بريطانيا: فيما يتعلق بمستوى القراءة في العراق فإننا نعتقد أن ما أصاب القطاع الثقافي لا يمكن فصله عما نزل بالعراق من كوارث على كافة الأصعدة, فلم تعد متابعة الحركة الثقافية من أولويات المثقف العراقي، فضلًا عن المواطن العادي الذي أصبح يخوض معركة البقاء في بلد مهدد كل لحظة باحتراب طائفي، ويفتقر الى معظم الخدمات الأساسية، ويحتل مرتبة متقدمة في سلم الفساد المالي والإداري.
إن العراق الذي كادت الأمية تنعدم فيه إبان العقود الماضية تراجع بشكل ملحوظ نتيجة للظروف السيئة، وازدادت أعداد الأميين، وبدت ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس وعزوفهم عن الدراسة، جلية في الشوارع ومواقع العمل المختلفة.
ومما زاد في انكماش الحركة الثقافية التي تمثل القراءة مظهرًا من مظاهرها المهمة، هو استهداف منابع العلم التي جرت أيام الاحتلال، من حرق للمكتبات العامة، وغلق مكتبات أخرى بوجه العامة، وإزالة الكثير من المراجع العلمية والتاريخية والفكرية من مكتبات أخرى، لكونها لا تتطابق ومناهج وتوجهات طبقة الأحزاب الحاكمة في العراق.
لم يعد المواطن العراقي يحرص على اقتناء الكتاب، ولم يعد مهتمًا بهذا الأمر، فالمواطن العادي يسعى إلى توفير أساسيات العيش التي ليس من بينها الكتاب، بل إن البعض قام ببيع ما احتوت عليه مكتبته المنزلية وبأي ثمن. أما المثقفون فهم عازفون عن الشراء، وهم يرون أمواجًا من الكتب التي تحمل أفكارًا غريبة ودخيلة تغرق مكتبات بيع الكتب، في حين أن الكتب الرصينة والمعتمدة علميًّا والمراجع قد اختفت وخلت منها الأسواق.
وبالرغم من كل هذا فإن قلة قليلة ما زالت تحاول معرفة الجديد من المطبوعات، وذلك من خلال المتابعة على شبكة الانترنت، وتكليف المعارف في الدول الأخرى بشراء هذا الكتاب أو ذاك, وكنتيجة منطقية لهذا الوضع المتردي فإن حركة النشر قد تراجعت أيضًا بعد أن أغلقت العديد من المطابع ودور النشر أبوابها لأسباب أمنية واقتصادية، وحلت محلها مؤسسات لم تكن معروفة تروج لثقافة غريبة عن مزاج العراقيين، وتتعارض مع ما درج عليه جل الطبقة المثقفة الأصيلة في العراق.
إن البيئة التي يعيش فيها المواطن العربي ملتهبة دائمًا بالصراعات وعدم الاستقرار، وتؤثر على الواقع الثقافي، إضافة إلى عدم وجود تنمية شاملة في الكثير من بلداننا العربية. ولعلنا ونحن نقدم تلك الإحصاءات ما بين العالم العربي والغربي لابد من إعادة شاملة لمنهج التطوير التثقيفي للطفل، فعلى سبيل المثال في -سويسرا- يهتمون بالطفل منذ أن يكون عمره أربعة أشهر إلى أن يصير عمره أربع سنوات، ويحرصون على أن ينشأ الطفل في بيئة تحب القراءة وتحب الكتاب، حتى أنهم في معارض الكتاب التي تقام في دول الغرب يكون سعر الكتاب المخصص للأطفال قليل الثمن، أو يتم إهداؤه إلى الطفل مباشرة، وكل هذا من أجل أن يحب الطفل الكتاب، ويحب القراءة, وفي كندا هناك تخفيض للطفل الذي يشتري الكتاب عن طريق جريدة للأطفال توزع عليهم مجانًا في المدارس، ويتابع الطفل شهريًا أحدث كتب الأطفال التي تصدر في كندا وأمريكا, والمحصلة: إذا كنا نلوم الفرد العربي على القراءة القليلة أو عدمها، ففي البدء يجب أن نهيئ بيئة تحب القراءة وتشجع عليها.
ان العزوف عن القراءة مشكلة كبيرة يواجهها المجتمع ولاشك ان يكون ذلك احد الاسباب الرئيسية لتأخر الامة فالقراءة هي مصدر الوعي في المجتمعات وهي نماء للعقول وبناء الثقافات المتنوعة.
أمثلة محزنة
من المسؤول عن هذا التراجع الذي تشهده الساحة الثقافية؟ هل هو الوضع الاقتصادي؟ ام الانشغال بمتطلبات الحياة الاخرى وتفضليها على القراءة؟ وما تأثير الانترنيت ومدوناته ومنتدياته على ظاهرة العزوف عن قراءة الكتب المطبوعة؟
يقول حيدر محمد، طالب جامعي: لا تتوفر لدي الرغبة في القراءة و لم أجد شيئا يجذبني في كتاب حتى اقرأه وانا قبل هذا لا احب القراءة لانها تسبب لي ازعاجا واعتبرها انا مضيعة للوقت "لان اكو اشياء اخرى اعتبرها اساسية بحياتي اكدر اقوم بيهه افضل مما ان ادفن نفسي بل قراءة وانا عشت ببيئة متحب القراءة الكثيرة لذلك لم يلد اي حب للقراءة فقط قراءة الاشياء المهمة مثل المواد الدراسية لانها واجب عليه وان كل الذين اعرفهم لا يحبون القراءة فكيف لي ان احب القراءة ان لم تكن هناك رغبه داخليه عندي او حتى ناس قريبون مني يحبون القراءة حتى احاول ان اقرا مثلهم"!
لينا عامر، طالبة جامعية تقول "ان سبب عزوفي عن قراءة الكتب هو برامج التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص" مضيفة ان "ذهابها الى الجامعة والوقت الذي تستغرقه هناك هو ايضاً احد الاسباب" وتقول "لا افكر بقراءة كتاب واحد ولو كان هناك احد في عائلتي يقرأ كتابا لكنت قرأت لكن لا احد يقرأ الان مشغولون بعملهم".
وتقول آلاء عبد عون، طالبة جامعية"خلي اقرأ ملازمي اول"، هكذا قالت الاء حين سألتها عن سبب عزوفها عن القراءة عازية سبب ذلك الى عدم وجود الوقت الكافي لها حتى تقرأ وتقول لا رغبة لي في القراءة.
ويقول احمد جابر، نجار:"انني كنت أقرأ سابقاً لكن بعدما تزوجت وانجبت اطفالاً لم اجد وقت الفراغ حتى اقرأ وطبيعة عملي لا تجعلني اقرأ اني اعمل نجار اخرج من الصبح اعود في الليل ويوم الجمعه اذهب ازور اهلي اخلص النهار عندهم العمل ماخذ كل وقتي ومع ذلك ان القراءة بل نسبة لي متعة لكن العمل اخذ كل وقتي والان حتى مداشوف اقبال على الكتب وناس تقرا انا حتى اهلي لا احد بهم يحب القراءة ولا حتى زوجتي لذلك لو اكو حافز لدي مثل احد من اصدقائي او شخص مقرب الي يسويلي واهس اقره كان ممكن احاول اقراه".
ويقول خضير فليح الزيدي، روائي :العرب المسلمون يسمون أمة اقرأ وهذه الأمة لا تقرأ هذه أول مفارقة. ثانيا تصنف اليونسكو العرب بانهم يقرأون 15 دقيقة بالسنة وهم في ذيل قائمة الأمم التي تقرأ. ثالثا نحن نعيش في عصر الصورة وهذا الأمر أكل من جرف القراءة الواعية.
لا بد من توفير بيئة مناسبة
‎في الدول المتقدمة حضاريا ثمة محاولات جادة للقراءة في الطائرة أو في المترو أو القطار. مكتبات خاصة وكتب في المحطات وانتشار ممتاز لكتب الجيب. الصغيرة نسبيا وتتماشى نسبيا مع أي رحلة سفر. حتى وصل الأمر الى استغلال وقت الانتظار في الطابور أو في انتظار الطابور في عيادة طبيب الأسنان. الكتاب في الجيب يستله المواطن ليقرأ بكتابه المنتخب. كذلك ثمة كتب في مفاهيم الثقافة العامة فثمة كتاب أو رواية المطبخ أو للمراهقين أو لكبار السن المتقاعدين. للأسف لم نصل إلى هذا النوع من الثقافة. وعلى القائمين على ثقافة القراءة توفير البيئة المناسبة للقراءة قبل الإعلان عن مشاريع إقامة معارض الكتب. والمشكلة الأخرى تكمن في لب الثقافة العربية التي تركز على الأدب فقط بينما مجالات الثقافة تتسع لتشمل كل شؤون الحياة المختلفة. وبالضرورة تحتاج إلى إعادة صياغة مفاهيم القراءة المنتجة وليست المشبعة بالخيال التي تبعد القارئ البسيط والذي هو بحاجة يومية للتزود بثقافة التفاصيل الحياتية غير الأدبية.
الاتكاء على غوغل!
ويقول رياض سالم، شاعر: الـكـتـابُ هــو كـلـمـة الـســر لــولــوج الـتـطــور الـفـكـري عـنـد الانـســان وتـرك الـكـتـاب او الـعـزوف عـنــه بـنـظـري كـمــن يـتــرك الـضـيــاء ويـلـجــأ الـى الـظـــلام عـلى الانـســان ان يـقــرأ مـا يـحـلــو لــه ابـتـداءً مـن الـمــواضـيــع الـتـي يـتـذوقـهـا اْو الـتـي تـتـمـنـاهـا عـواطـفـه واحـاسـيـســه لـيـتـمــرس عـلـيـهـا مـن الـنـاحـيـة البلاغية والـفـهـمـيــة. وعـنـدهـا سـيـجــد نـفـســه قــد دخــل تـلـقـائـيــاً في روضــة الـعـشــق الـمـعــرفـي لـقــراءة مـا هــو اكـثـر تـعـقـيــداً مـن النـحــو والصرف والبلاغة. فللـغــة فـقــه رائــعٌ بالـتـوصـل الى الـمـعـرفــة وســبــر غــور الــروح الـتي كـتـب بـهـا الـكـاتـب طـروحـاتـه او آراءه وافـكــاره. فـنـحـن عـلى سـبيـل الـمـثـال نـجـد هـنـاك كـتـبـاً مـقـدســة "كالـقرآن والـتـوراة والإنجيل والـزبــور وصـحـف إبراهيم وغيرها"، وكـلـهـا مُـنـزلـةٌ من اللـه تـعـالـى - ولكـنـنـا نـتـلــذذ فـقـط بـمـا تـعــودنـا عـلـيــه وعـشـقـنـاه، وتـغـلـغـل في خـلايـا عـقـولـنـا وجـعـلـنـاه نـهـجــاً للأيـمـان بـه.
واذا كانت الكتب باهظة الثمن فالـيــوم بــوجــود "الـغــوغــل" بالإمكان تـصـفــح وقـراءة اي كـتـاب ودراســة كـل الـعـلــوم وبالمجان وهذه نعمة اخرى لأي انسان. انا شـخـصـيـاً رغـم مـكـتـبـتي الـتي جـمـعـتـهـا مـنـذ صـبـاي - لكـنـي اقــرأ كـل لـيـلــة مـن الـســاعــة الـواحـدة وحـتى الـثـالـثـة لـيــلاً.
لا أحب القراءة!
ويقول اسامة محمد صادق مدير دار الابداع للطباعة والنشر: أسباب العزوف عن القراءة كثيرة وهي ليست وليدة اليوم بل لها جذور ففي ما مضى كنا نعزو اسباب العزوف الى الظروف العصيبة التي كان يمر بها البلد من خلال الحروب المتكررة وضعف القدرة الشرائية للكتاب وارتفاع ثمنه كما ان الكتب ذات الجودة العالية بسبب الحصار كانت قليلة جدا وكنا نفضل تأمين سبل العيش على القراءة.
‎وهناك تقرير للتنمية البشرية عام 2011، الصادر عن "مؤسسة الفكر العربي" يشير إلى أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنوياً، بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنوياً، وهذا يوضح الكارثة والفارق الذي اوقعنا انفسنا فيه مع الاخر بسبب البعد عن المعرفة وعن كل ما يدور حولنا من اشياء جاء بها العلم والتقنية وفي الوقت الحاضر ظهر علم جديد ومذهل لكن أسيء استخدامه للأسف الا وهو الانترنت وما رافقه من برامج ومواقع مسلية غير مفيدة فراح الكثيرون ينقادون اليها لبساطة التعامل معها ولانها توفر لهم مجالا كبيرا للقضاء على الفراغ ...طبعا هذا خطر جدا فبدل أن يطور من افكارهم ومهارتهم راح يوقعهم في متاهات وملذات لا تفيد. ولتحسين وضع الكتاب يجب ان نعمل على توعية الطالب في المدرسة و الموظف وربة البيت والمتقاعد. يجب ان نشعرهم ان الكتاب هو الطريق الذي يجب اتخاذه للخلاص من الجهل وظلامه وان تأخرنا عن بقية الدول سببه هجرنا الكتاب.
وتقول الأستاذة الجامعية في كلية الاعلام د. خلود جبار: ان السبب الاول للعزوف عن قراءة الكتب هو ان الاسرة او اغلب افراد الاسرة لا تهوى القراءة او قد يكون السبب هو عدم توفر مكتبة خاصة للكتب في المنزل وان الوضع العام غير مشجع على القراءة بسبب كثرة وسائل الاتصال من تلفزيون واذاعة وفي الوقت الحالي السوشيال ميديا حيث انها سببت عزوفا تاما عن القراءة لأنها تجذب اكثر .وللحد من هذه الظاهرة اقترح نشر مكتبات في كل مكان تحتوي على الاقل روايات وكتبا جذابة للقراء التي تمس معاناتهم ومشاكلهم وتتناول توجهاتهم بشرط ان تكون رخيصة وسهلة المنال .
وتقول الباحثة الاجتماعية ريام محمد: تعد مشكلة العزوف عن القراءة من المشاكل التي يواجهها مجتمعنا بصورة عامة وهذه واحدة من المشاكل العالمية وقد تكون مشكلة العزوف عن القراءة احد الاسباب في تأخر الامة فان قراءة الكتب والاطلاع عليها مصدر للوعي العلمي والفكري وبواسطتها تتوسع المعلومات وهي نمو للعقول وبناء الثقافات المتنوعة وتحث على الرفعة والتقدم والتطور ..فان الكتاب يتعرض منذ سنوات لمنافسة قوية وربما غير متكافئة من وسائل الاتصال المعرفية والتلفزيون والانترنت وغيرها فنجد اغلبية الشباب مالوا الى وسائل الاعلام وقد استهواهم الجانب الترفيهي والترويحي بدلا من الجانب العلمي والثقافي فأحيانا نرى كتابة الطلبة سيئة والخطأ الاملائي شائع بينهم وعدم نطق الكلمات بصورة صحيحة وذلك لغيابهم ونفورهم من المكتبات العامة واهمالهم للكتب وعدم قراءتها حتى اصبحت ظاهرة واضحة. من الاسباب التي تؤدي الى العزوف عن القراءة هو وجود العامل النفسي الذي يجعل الكثير من الشباب يردد "أنا لا احب القراءة" أو "انا متمسك بالعمل وليس لدي الوقت الكافي لقراءة الكتب" أو "لا احد من عائلتي يقرأ كتابا لكي اقرأ". كذلك نرى سرعة الملل والاضطراب وقلة المثابرة فالقراءة تحتاج الى انسان طويل النفس لا ينقطع لأي عارض مهما كانت درجة تأثيره.
كم يقرأ العرب؟
تتفاوت الأرقام بين دراسة وأخرى بالنسبة لمعدّل القراءة في العالم العربي. في دراسة أجرتها شركة سينوفات المتعددة الجنسيات لأبحاث السوق، عام 2008، جاء أن المصريين والمغاربة يقضون أربعين دقيقة يومياً في قراءة الصحف والمجلات مقابل 35 دقيقة في تونس و34 دقيقة في السعودية و31 دقيقة في لبنان. وفي مجال قراءة الكتب، يقرأ اللبنانيون 588 دقيقة في الشهر، وفي مصر 540 دقيقة، وفي المغرب 506 دقائق، وفي السعودية 378 دقيقة. هذه الأرقام تعكس واقعاً إيجابياً أكثر من الأرقام السابقة. ينتج هذا الاختلاف من كون الأرقام الأخيرة تشمل قراءة القرآن الكريم. أما الأرقام السابقة فلا تحسب إلا قراءة الكتب الثقافية وتتغاضى عن قراءة الصحف والمجلات، والكتب الدراسية، وملفات العمل والتقارير، وكتب التسلية.
كم كتاباً ينتج العرب؟
بحسب تقرير اليونسكو المذكور، أنتجت الدول العربية 6500 كتاب عام 1991، بالمقارنة مع 102000 كتاب في أمريكا الشمالية، و42000 كتاب في أمريكا اللاتينية والكاريبي.
وبحسب "تقرير التنمية الثقافية" فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنوياً في العالم العربي لا تتجاوز 5000 عنوان. أما في أميركا، على سبيل المثال، فيصدر سنوياً، حوالي 300 ألف كتاب. هذه الأرقام غير كافية لفهم الهوّة بين العرب وباقي البلدان. فعدد النسخ المطبوعة من كل كتاب عربي هي ألف أو ألفان ويصل، في حالات نادرة، إلى 5 آلاف، بينما تتجاوز نسخ الكتاب المطبوع في الغرب عادةً 50 ألف نسخة.
كم كتاباً يترجم العرب؟
بحسب تقرير اليونسكو، يُترجَم سنوياً في العالم العربي خُمس ما يُترجَم في دولة اليونان الصغيرة. والحصيلة الكلية لما تُرجم إلى العربية منذ عصر الخليفة العبّاسي المأمون إلى العصر الحالي تقارب الـ10000 كتاب، وهذا العدد يساوي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة.
وفي النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة لكل مليون مواطن، على مدى خمس سنوات، هو 4.4 كتاب "أقل من كتاب لكل مليون عربي في السنة"، بينما في هنغاريا كان الرقم 519 كتاباً لكل مليون، وفي إسبانيا 920 كتاباً لكل مليون.
لماذا؟
أشارت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "أليكسو" في بيان إلى أن نسبة الأمية في الدول العربية تبلغ 19.73 بالمئة، وإلى تفاوت كبير بين النساء والرجال إذ تبلغ نسبة النساء من الشريحة الأمية 60.60 بالمئة. إذا أضفنا إلى هذه المعطيات أن الملايين من العرب يعيشون تحت خط الفقر ويهتمون بتلبية حاجاتهم الأساسية لا بشراء الكتب، ستتضح بعض معالم الصورة العامة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فكرة تربط بين الاهتمام بالقراءة وبين طبيعة النظام السياسي. وتقول إنه حيث تزدهر الحريات ترتفع معدلات القراءة. ففي المجتمعات الديمقراطية يعتبر المواطن نفسه شخصاً فاعلاً في الحياة العامة. لذلك يهتم، ولو قليلاً، بالانتاج الثقافي والسياسي. وعليه، كانت معدلات القراءة في الحقبة التي ازدهرت فيها الأيديولوجيات السياسية في العالم العربي بين الفئات المتعلّمة، أكبر بكثير مما هي اليوم. أما الآن، ولأن معظم المواطنين يسلّمون مصائرهم للقدر ويشعرون بلاجدوى انخراطهم في الشأن العام، فإن الاهتمام بالقراءة تراجع.
ومن الملاحظ أن هناك اختلافات في الأرقام الخاصة بمعدل القراءة في الوطن العربي، ويعود ذلك إلى الأدوات المستخدمة في البحث والتحليل، لكن أغلبها تصل إلى نفس النتيجة، وهو إثبات وجود فرق شاسع بين ما يقرؤه المواطن العربي ونظيره في الدول الأوروبية، سواء كانت النتيجة بالدقيقة أو بالصفحة أو بالكتاب، فكلها تؤدي إلى إثبات هذه الهوة الواسعة بين الثقافة العربية والأوروبية.
إنتاج الكتب
أنتجت الدول العربية 6500 كتاب عام 1991، بالمقارنة مع 102000 كتاب في أمريكا الشمالية، و42000 كتاب في أمريكا اللاتينية والكاريبي.
وبحسب "تقرير التنمية الثقافية" الذي أصدرته منظمة اليونسكو فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنوياً في العالم العربي لا يتجاوز الـ5000 عنوان. أما في أمريكا، على سبيل المثال، فيصدر سنوياً نحو 300 ألف كتاب.
وإذا انتقلنا إلى عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب عربي نجد اتساع الهوة، فالكتاب العربي لا يطبع منه إلا ألف أو ألفان، وفي حالات نادرة تصل إلى 5 آلاف، بينما تتجاوز النسخ المطبوعة لكل كتاب في الغرب 50 ألف نسخة، وقد يصل إلى أكثر من هذا العدد.
أسباب وحلول
وهناك العديد من الأسباب التي تقف وراء أزمة القراءة في الدول العربية، أهمها ارتفاع مستوى الأمية، إلى جانب الصعوبات الاقتصادية التي لا توفر للمواطن العربي الوقت والمال للقراءة، إلى جانب نقص انتشار الكتب وعدم تشجيع المناهج الدراسية والتربية الأسرية على القراءة.
هذه تعتبر من الأسباب الرئيسية والواضحة، لكن هناك أيضاً أسباب أخرى تقف وراء تراجع معدلات القراءة في الوطن العربي، منها تنافس الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقضي المواطن العربي وقتاً أطول على هذه المواقع بدلاً من قراءة الكتب، إلى جانب تنافس القنوات الفضائية لأوقات القراءة، فالمواطن العربي يقضي ساعات أطول على هذه القنوات مقارنة بالساعات التي يقضيها في القراءة.
وللخروج من هذه الأزمة لا بد للدول العربية ووزارات الثقافة والشباب والتعليم أن تضع الخطط الاستراتيجية من أجل غرس القراءة في نفوس الصغار والشباب، واتباع البرامج التعليمية التي من شأنها أن تشجع الطلاب على القراءة، أيضاً البرامج التربوية والأسرية التي تشجع الأطفال على القراءة في المنازل، إلى جانب البرامج والمسابقات الخاصة بالشباب لتشجيعهم على القراءة، وذلك للتغلب على هذه الأزمة التي تهدد الوطن العربي ثقافياً وحضارياً وعلمياً.
كارت المكتبة
لاشك أن التطور الحاصل في الغرب من أهم ركائزه حرص المواطن الغربي على القراءة، وليس غريبًا أن ترى أن القراءة تستهوي المواطن الغربي بأعماره المختلفة، ولا تجد غرابة عندما تدخل مستوصفًا أو أي مكان رسمي وتجد رفوف الكتب وكأنك داخل إلى مكتبة. وما يزيد تشجيعهم على القراءة أن الطالب بمجرد تسجيله في المدرسة يمنح كارت المكتبة العامة التي تكون عادة قريبة من مدرسته، لكي يتمكن من استعارة الكثير من الكتب وبشتى التوجهات, وبالمقارنة إذا نظرنا إلى الشعوب العربية نجد بالفعل ما يخيب الآمال في هذا الاتجاه، وأن أمة اقرأ أصبحت اليوم للأسف لا تقرأ، ودليل ذلك ما نجده من أرقام طرحت من قبل مؤسسات بحثية عن مستوى القراءة بين الشرق والغرب، فقد أكدت إحدى دراسات المركز العربي للتنمية أن مستوى قراءة الطفل العربي لا يزيد على 6 دقائق في السنة، ومعدل ما يقرأ 6 ورقات، ومتوسط قراءة الشاب من نصف صفحة إلى نصف كتاب في السنة، ومتوسط القراءة لكل مواطن عربي لا يساوي أكثر من 10 دقائق في السنة مقابل 12 ألف دقيقة للمواطن الأوروبي.
ست دقائق لا غير!
كشف تقرير التنمية الثقافية الذي تصدره مؤسسة الفكر العربي عن تدهور نسبة القراءة بين العرب، مقارنة بالغربيين الذين يقضون ساعات طويلة في القراءة.
وفي الوقت الذي يشكل فيه متوسط قراءة الفرد الأوروبي نحو 200 ساعة سنوياً، تتناقص القراءة لدى الفرد العربي إلى 6 دقائق سنوياً، وعُرض التقرير في مؤتمر "فكر" بدورته العاشرة التي عقدت مؤخراً في دبي بالإمارات العربية المتحدة ووصف هذه النتيجة بـ"المخيفة".
وعلَّق الكاتب السعودي فهد الشقيران قائلاً: "إن العوامل البيئية تؤثر في نسبة القراءة بين العرب، في إشارة إلى أن مستويات الفقر ونسبة الأمية في المجتمعات العربية عالية، مثل اليمن حيث تشكل نسبة الأمية فيها 69 بالمئة، وفي السعودية 13 بالمئة".
وأضاف: "ما زالت استراتيجيات مؤسسات التعليم تقوم على مكافحة الأمية، بينما مؤسسات التعليم الغربية تجاوزت هذا الهدف وأصبحت لديها استراتيجيات أخرى".
وأوضح الشقيران أن بيئة التعليم الناقصة هي السبب في تعطيل علاقة الإنسان بالكتاب، وانتقد أسلوب المناهج الدراسية واصفا إياها بالهشة وأن معلوماتها ناقصة، معتبرا بأنها أول علاقة بين الإنسان والكتاب، بحسب قوله.