مدارات

حلقة نقاشية دعت إليها "طريق الشعب" وشاركت فيها نخبة من المعنيين بشأن تنظيم رواتب وأجور العاملين وحماية أموال الشعب وثرواته

احتل موضوع الرواتب والاجور والامتيازات التي يتمتع بها كبار المسؤولين في الدولة، وبشكل خاص في الرئاسات والدوائر المرتبطة بها والعاملين فيها، وكذلك اعضاء مجلس النواب والمجالس المحلية المنتخبة، مكان الصدارة في الحركات الاحتجاجية التي عمّت معظم محافظات ومدن العراق خلال الأشهر الأخيرة. والغضب المتنامي الذي عبرت عنه هذه الحركات والأعمال الاحتجاجية كان يعكس تعمق التفاوتات الصارخة في مستويات الرواتب والأجور على صعيد الوظيفة العامة وفي مرافق المؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية ولا سيما أن هذه الامتيازات التي تتمتع

 بها الفئات العليا في الدولة لم تقترن بحسن الأداء وبتحقيق انجازات، وانما رافقتها وتائر متدنية في تنفيذ المشاريع وتوفير الخدمات وانشاء البنى التحتية، إلى جانب استشراء الفساد وتحوله إلى منظومة معطلة وكابحة لأي تطور ممكن. وارتباطا بهذه التطورات وادراكا لأهميتها ودلالالتها وضرورة التوصل إلى معالجات عاجلة وعادلة ورصينة ومتكاملة، بادرت هيئة تحرير طريق الشعب إلى اعداد ورقة عمل شملت مجال اعادة النظر في سلم الرواتب والأجور في الدولة وفي القطاع الخاص وكذلك في التشريعات والأنظمة الواجب اصدارها وتعديلها لغرض تحقيق مستوى ا?ضل من العدالة الاجتماعية وإزالة المظاهر الصادمة لهدر المال العام وسوء التصرف به، وللاستجابة للحاجات الأساسية لملايين من ابناء شعبنا الذين يعيشون دون خط الفقر وقريبا منه. وعرضت هيئة تحرير الجريدة الورقة للمناقشة في حلقة نقاشية عقدتها يوم 31 تشرين الاول الماضي وشاركت فيها نخبة من المختصين وممثلي منظمات المجمنع المدني والنقابات ومن الاعلاميين. تم اغناء الورقة بمساهماتهم من اضافة وتعديل وتدقيق، ونحن ننشر اليوم الورقة بصيغتها المعدلة ونضعها في متناول الرأي العام وممثليه، املا في ان يتم اتخاذ اجراءات وخطوات عملية?وملموسة من الحكومة ومن مجلس النواب باتجاه اصدار التشريعات اللازمة، وفي مقدمتها قانون التقاعد الموحد وقانون العمل والتامينات الأجتماعية ومنح الطلبة وغيرها.
ورقة العمل

تشهد مختلف المدن والمحافظات العراقية حركات احتجاج شعبية متنامية ترفع مطالب مشروعة برفع الغبن عن الملايين من ابناء شعبنا نتيجة غياب الخدمات وعدم تمتعهم بابسط شروط الحياة الكريمة من عمل ودخل وسكن وتوافرهم على حد ادنى من البنى التحية الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، وباصدار التشريعات واتخاذ الاجراءات اللازمة لايقاف الهدر في المال العام وسوء التصرف به. وتركز الغضب الشعبي على الفوارق الصارخة في مستويات الرواتب والاجور والرواتب التقاعدية والمنافع بين تلك التي تتمتع بها الرئاسات واصحاب الدرجات الخاصة واعضاء مجلس النواب وبين عموم العاملين، ?خصوصا الموظفين والعاملين ضمن الدرجات الدنيا من السلم الوظيفي، ناهيك عن المستوى البائس لمبالغ الحماية الاجتماعية, وقد فاقت الفجوة بين الحد الأعلى والحد الأدنى للراتب أكثر من 50 ضعفا، وهي نسبة بين الأعلى في العالم وتمثل مؤشرا خطيرا لعمق الفجوة في المداخيل ولغياب العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل.
وازاء تعمق الهوة بين الذين يملكون والذين لا يملكون، وبين الذين يتقاضون رواتب فلكية والذين لا يحصلون على مداخيل توفر لهم الحد الادنى من العيش الكريم، بات ملحا الاستجابة الجادة للمطالب الشعبية عبر التحرك السريع لاصدار القرارات والقوانين الهادفة الى معالجة هذا الواقع المختل القائم حاليا، ضمن برنامج متكامل وتصور شامل يتناسب مع الظروف المرحلية الاقتصادية والاجتماعية السائدة، وذلك باتخاذ الخطوات الاجراءات التالية:-
1- الأسراع في وضع سلم جديد وعادل لرواتب واجور لعموم موظفي الدولة على اسس علمية سليمة يزيل مظاهر التفاوت الحاد وعدم التوازن القائمة حاليا، كتلك القائمة بين رواتب الرئاسات الثلاث العاملين فيها وأعضاء مجلس النواب وبعض الوزارات التي لها امتيازات خاصة، وبين رواتب العاملين في عموم مؤسسات الدولة الأخرى.
2- على السلم الجديد تنظيم الحد الادنى والحد الاقصى للاجور بما يقترب من المعايير العالمية التي تقل فيها نسبة الحد الاقصى للاجور إلى الحد الأدنى عن 15 ضعفا، وعلى أن يأخذ بعين الاعتبار ايضا الخبرة وطبيعة العمل وتوفير الدافعية اضافة إلى سنوات الخدمة والشهادة لدى العاملين.
3- أن لا تقل اجور العاملين بأجر يومي في مؤسسات الدولة عن 400 الف دينار شهريا، ومراجعته دوريا للأخذ بعين الاعتبار معدلات التضخم وارتفاع معدلات نمو الدخل الوطني وبما يقود الى توفير حياة كريمة للمواطنين.
4- ومن اجل معالجة اكثر شمولا للاختلالات في مختلف جوانب واقع الوظيفة العامة حاليا، لا بد من اصدار قانون خدمة مدنية جديد يستوعب المواقع الحالي واصلاحه على اسس سليمة.
5- تشريع مشروع القانون الجديد الموحد للتقاعد واعتماد (500) الف دينار كحد أدنى وتخليصه من المفاهيم والنصوص المبهمة كالخدمة الجهادية، ورفع النسبة التراكمية في احتساب الراتب التقاعدي إلى أكثر من 2.5 بالمائة سنويا عن كل سنة خدمة.
6- ولأجل الاسراع في تشريع مشروع القانون الذي تم اقراره من قبل مجلس شورى الدولة ومجلس الوزراء، وحصل توافق عليه ولتلبية الحاجة الملحة للمتقاعدين، يمكن التصويت عليه فورا، وبشكل منفصل عن الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب والدرجات الخاصة التي لا تزال موضع نقاش واختلاف ليصار إلى الحاقها بالقانون المشرع بعد توصل مجلس النواب إلى قرار بشأنها، و الذي نسعى من اجل الا يجري التسويف والمماطلة في انجازه.
ولأجل المعالجة الشاملة لمختلف مجالات وابواب الهدر في المال العام التي تتضمنها بنود الموازنة العامة للدولة، ينبغي أن يقترن السعي إلى إزالة الامتيازات الفائقة وغير المبررة التي تتمتع بها الرئاسات وموظفو الدرجات الخاصة وأعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات، باتخاذ قرارات واجراءات لمراجعة مختلف بنود الانفاق الحكومي ونظام المخصصات وحزمة الامتيازات الممنوحة للفئات السالفة الذكر، إضافة إلى إتخاذ اجراءات حازمة لمكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين والمفسدين. ولكي تتوصل المعالجات والاجراءات والقرارات إلى الهدف المنشود في ?حقيق مزيد من الانصاف والعدالة في المجتمع وفي التصرف بالمال العام والحفاظ عليه من الهدر والاستحواذ، ينبغي ان تكون الاجراءات والخطوات التي يتم الاقدام عليها من تشريعات وأنظمة وقرارات ذات طابع شامل ومتكامل ومتوازن يكون اطارها:
أ‌- تقليص كلفة الإدارة الحكومية عموماً مع تحسين نوعيتها.
ب‌- تقليص النفقات التشغيلية لصالح الأستثمارية.
ت‌- محاربة الفساد المالي والإداري والسياسي الذي ينخر في جسم الدولة واقتصاد البلد وهو الظهير الأقوى للارهاب، وتفعيل الاجراءات والقوانين والقرارات الخاصة بذلك.
ولهذا الغرض ندعو إلى التالي:
1- تخفيض رواتب أعضاء مجلس النواب واصحاب الدرجات الخاصة بنسبة لا تقل عن الخمسين بالمائة.
2- اعادة النظر بنظام (قانون) تقاعد اعضاء مجلس النواب واعتماد مبدأ "المكافأة" بدلا عن الراتب لمن يشغل مواقع تمثيلية لإرادة الناخبين في المجالس التشريعية على صعيدي مجلس النواب ومجالس المحافظات، إسوة بما هو موجود في عدد من دول العالم.
3- اعتبار سنوات عضوية مجلس النواب سنوات خدمة تضاف إلى الخدمة الفعلية العامة الاخرى واخضاعها إلى قانون التقاعد الموحد مع الأخذ بنظر الاعتبار العمر ايضا.
4- التأكد من تفرغ النائب لعمل مجلس النواب وعدم اشتغاله أو توسطه في اي مشروع استثماري او في مهنة اخرى.
5- تقليص عدد الحمايات المخصص لكل نائب إلى 15 بدلاً من 30 حماية وربطهم ورواتبهم بوزارة الداخلية أو الدفاع، ويعاد النظر في هذه الاعداد باستمرار ارتباطا بتطورات الوضع الأمني.
6- اعادة النظر بكل المخصصات المفرطة لكبار الموظفين واعضاء مجلس النواب (النثريات الخاصة / المنافع الأجتماعية / التأثيث الترفي / توزيع الأراضي بدون ضوابط / السيارات الفارهة والمدرعة / الأيفادات...الخ والتي تشكل عبئا كبيراعلى ميزانية الدولة وتحد من حسن انفاقها، كما ينبغي مراعاة ذلك في عموم تخمينات الموازنة وبالذات في تقدير مجلس النواب.
7- الضرب بقوة على ايدي الفاسدين من كبار المسؤولين في الدولة، واحالة كبار المسؤولين المتهمين بقضايا فساد إلى القضاء.
8- تعزيز رقابة الدولة على الانشطة الاقتصادية الطفيلية التي تسرق مليارات الدولارات سنويا من ثروات الشعب.
9- التوجه إلى استخدام الاداة الضريبية لأغراض التوزيع وإعادة التوزيع العادل للدخل والثروة، عوضا عن التغيير في التعديل في مستويات رواتب واجور الوظيفة بعد وضع السلم الجديد للرواتب والأجور.
10- مراعاة حقوق عمال وموظفي القطاع الخاص ورفع الحد الأدنى للاجور ومراقبة الالتزام به.
11- مراقبة عمليات الإثراء غير المشروع، ووضع الضوابط واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع استغلال النفوذ للتطاول على المال العام والتصرف والاستحواذ على ممتلكات وعقارات الدولة من قبل كبار المتنفذين في الدولة وشركائهم والمحسوبين والمنسوبين لهم.
12- اصدار التشريعات والضوابط الفعالة للتصدي لمظاهر التكديس الفائق غير المشروع للثروات من قبل فئات طفيلية بيروقراطية راكمت اموالها نتيجة نشاطات المضاربة والاحتكار والتهريب والتزوير والابتزاز والتجاوز على المواصفات ومعايير الجودة والسلامة والحصول على المقاولات العامة بطرق غير مشروعة.
وتظل جميع هذه الاجراءات قاصرة ما لم يتم اصدار التشريعات الضرورية لأنشاء نظام متكامل وشامل للضمان الاجتماعي بما يوفر حياة كريمة لعموم المواطنين، وعيشاً لائقا للشرائح الفقيرة والهشة في المجتمع، وعلى وفق ما تنص عليه المادة 30 من الدستور.
ومن القوانين المهمة في هذا الصدد التي على مجلس النواب اعطاؤها الأولوية في المناقشة ومن ثم التشريع قانون التأمينات الاجتماعية، قانون العمل. ولأجل تجاوز المعالجات الجزئية والمشتتة لا بد من بلورة سياسة اجتماعية للدولة تعتمد العائلة كوحدة اجتماعية ليس الفرد تحقيقا لمزيد من الانصتف والعدالة.
إن دليل مصداقية مجلسي الوزراء والنواب هو ما ستتضمنه ميزانية عام 2014 من تخمينات وقانون واجراءات بصدد ما ورد اعلاه.
المشاركون في الحلقة

• أ. جمعة الحلفي / اعلامي
• أ. فوزي بريسم/ صناعي وناشط مدني
• أ. كامل مدحت/ ناشط سياسي
• د. احمد ابراهيم / صناعي وناشط مدني
• أ. زهير ضياء الدين/ قانوني وناشط مدني
• أ. مضر السباهي/ رئيس ابحاث في المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي
• أ. توفيق المانع/ خبير اقتصادي
• د. حسان عاكف/ الحزب الشيوعي العراقي
• د. صبحي الجميلي / الحزب الشيوعي العراقي
• أ. فرحان قاسم/ عضو مجلس محافظة بغداد
• أ. هادي لفتة/ قائد نقابي
• د. احمد بريهي العلي/ نائب سابق لمحافظ البنك المركزي وخبير اقتصادي
• أ. ابراهيم المشهداني/ خبير اقتصادي
• د. صباح التميمي/ عضوة مجلس محافظة بغداد
• أ. رعد الجبوري / اعلامي
• عفيفة ثابت / ناشطة نسوية
• أ. مفيد الجزائري / رئيس تحرير "طريق الشعب"
• أ. رائد فهمي / الحزب الشيوعي العراقي
• أ. جاسم الحلفي / الحزب الشيوعي العراقي
• د. مظهر محمد صالح / النائب السابق لمحافظ البنك المركزي العراقي وخبير اقتصادي