المنبرالحر

قلق مشروع / اسماعيل كريم عزيز

لعل الدهشة ومرارة الخيبة التي أثارها نسيان أعضاء مجلس النواب وهم يشرّعون قانون الإنتخابات الأخير، لأبناء الجاليات العراقية في الخارج، ليست بأكثر مما تعيشه هذه الجاليات اليوم من قلق حول الضبابية التي لما تزل تكتنف مساهمتها في الإنتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في نيسان القادم..
ويأتي هذا القلق الشديد من عدم قيام المفوضية العليا للإنتخابات، وهي المكلفة رسميا بالأمر، بأصدار أية تعليمات توضح آلية مشاركة الملايين من المقيمين في بقاع الأرض المختلفة في هذا الإستحقاق الوطني والدستوري البالغ الإهمية رغم قصر الفترة المتبقية من جهة، وأيضاً من ما تركته أخطاء وخطايا القيميين على تجربة الإنتخابات السابقة (2010) من خشية وألم من جهة مكملة..
تلك الإخطاء التي أستهلت بعدم إعتماد الحيادية والكفاءة المهنية عند إختيار المشرفين على الإنتخابات أو إختيار مواقع المراكز والمحطات الإنتخابية، وذلك بأوامر مباشرة أو غير مباشرة من الكتل الكبيرة الحاكمة والمتنفذه، مما أضّر بحجم المشاركة في التصويت وبمصداقية النتائج، خاصة مع بعد المراكز عن مناطق إقامة العراقيين بكثافة، وقيام بعض منتسبي المفوضية بممارسات جافة وغير لائقة مع الناخبين (لاسيما حين أفتضح جهل بعضهم من أن خانقين مدينة عراقية وأن الأنبار محافظة وليست قضاءً تابعاً لتكريت.).
كما أدى تبني آليات محددة الى إلحاق الغبن بنسبة كبيرة من ناخبي الخارج، كالفوضى التي رافقت الكيفية التي يتم فيها التأكد من عراقية الناخب وعدم الإعتراف بالوثائق، في تناس متعمد وإنتقائي لما أدت اليه سنوات الغربة ومصاعب المنافي القسرية من فقدان او تلف للمستمسكات الرسمية، وكحصر التصويت لمرشحين لا يعرفهم الناخب، لا لشيء الا لكونهم مرشحو المحافظة التي للناخب قيد في سجلات نفوسها، وتناسي ما سببه إنقطاع صلات هؤلاء بمناطقهم الأصلية من صعوبة في تقييم مرشحيها..
وبديهي أن يؤدي الإختيار غير الأمين للعديد من العاملين على إنجاز هذه الحملة الى غياب الشفافية في إدارتها وما رافق ذلك من فساد مالي أزكم الأنوف وصار ذريعة لمن يريد إقصاء ناخبي الخارج من المشاركة..
إن تخفيف مشاعر الإحباط الموجودة اصلاً والناجمة عن إشكاليات قانون الإنتخابات والتجاذبات السياسية التي رافقت إقراره والتي انعكست سلباً على أمزجة اوساط واسعة من الجاليات العراقية، ولتوسيع دائرة المشاركة يدعو ناخبو الخارج الى إسراع المفوضية بحل هذه المشاكل وفي مقدمتها مشكلة آلية التصويت، وتقترح منظماتهم المدنية إعتبارهم دائرة إنتخابية واحدة أو منحهم الحق في إختيار المحافظة التي يصوتون لها، إسوة بما عاملت به إخوتهم مهجّري الداخل، وذلك لضمان إنتخابات نزيهة وعادلة..
إن ناخبي الخارج، ممن عاشوا مجتمعات منظمة وديمقراطية، بأنتظار أجراءات المفوضية بسرعة ودقة تجنباً لوقوع الاخطاء مرة ثانية.