المنبرالحر

إشراقات الرفيق ابو داوود على فضائية الطريق / جواد وادي

يتبين للمنصف والمراقب الموضوعي للأحداث على الساحة العراقية الفرق الشاسع في طريقة الخطاب الرصين والراصد بعلمية المراقب والمعايش لتفاصيل الأحداث العراقية المكتظة بالغموض والأحاجي واللا فهم لما يدور بمحايثة بعيدة تماما عما نشاهده ونعاينه من السياسيين الذين يطلون علينا يوميات وهم مدججين بصياغات جاهزة وطريقة خطاب ممجوج وطائفي وغير منصف، وجدنا كلام الرفيق ابو داوود بسيطا وواضحا وموضوعيا، يهدف لتبيان الحقائق الغائبة عن البعض أو المغيبة قصدا، لأغراض طائفية أو قومية أو مصالح شخصية، تاركين العراق خلف ظهورهم ومتجاهلين لما يدور من مخاطر محدقة بالعراق ومستقبل العملية السياسية، وبالتالي يعود كلامهم مجرد ذر الرماد في العيون ولا طائل من ورائه، بخلاف ذلك التناول الرائع لمجمل القضايا التي تلامس الهموم اليومية للمواطن، والرفاق والصابرين والناظرين لبزوغ فجر جديد ينقذ العراق من الفوضى التي يتخبط فيها وفي كل المجالات دون استثناء، اشراقات تبهج القلوب وتمنح الأمل لليائسين، بأن العراق ما زال بخير ما دام يحتكم على وطنيين أحرار ومخلصين، لا هم لهم سوى التفكير بايجاد الحلول للخروج من النفق الخطير الذي حشره فيه الطائفيون والنفعيون والمحاصصون، حتى حولوه إلى ضيعات وتحاصص مقيت، دفع بالعراقيين أن يديروا ظهورهم على ما يدور من مهازل، يائسين ومحبطين بدل أن يغيروا بوصلاتهم باتجاه التغيير وكنس الرث أيا كان نوعه من العملية السياسية.
أحسست وأنا أنصت للرفيق أبو داوود الذي كان يتكلم باسم كل المظلومين والمحرومين والمهمشين، بأن العراق لا يمكن أن تنطفئ فيه جذوة الوطنية المخلصة والحريصة على انتشاله من الغمة التي هو فيها، وفيه من الرجال الرائعين والمناضلين الأحرار الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل وضع العجلة في مسارها الصحيح بعد أن حرّفها الفاسدون كثيرا عن اتجاهها، الأمر الذي أبهجني هذا الامر أسوة بشرفاء العراق وهم الغالبية، بأن اليأس لا ينبغي أن يكون في قاموسنا نحن الوطنيين والشيوعيين وكل الأنقياء حقا وليس تشدقا.
أدار اللقاء، الاعلامي المتمكن علي عبد الستار مفتتحا البرنامج بسؤال عن احتفالية الحزب بالذكرى الثمانين لميلاد حزبنا العتيد.
ليجيب الرفيق وبلغة آسرة عن هذه المناسبة العزيزة والمكتظة بالمعاني والعبر والدروس ليزف التهاني لكل الرفاق والعراقيين بميلاد حزبهم المناضل.
ينتقل مقدم البرنامج بسؤاله عن المؤتمر الخامس عام 1993 في كردستان العراق، التاريخ الذي تم فيه إنتخاب الرفيق أبو داوود لتسلم قيادة الحزب، وماذا يعني له هذا التغيير، ليجيب بأنها كانت ضرورة لازمة وثقة كبيرة ومسؤولية ينبغي تحمل كلفتها الباهضة واعباءها الجسيمة.
وعن سؤال حول التيار الديمقراطي والإنتخابات، أجاب أبو داوود بأن فكرة التحالفات ليست بالجديدة على الحزب كمنهج وطني له، للم شمل القوى الوطنية المشكلة من الوطنيين الأحرار منذ فترة الخمسينيات، وهو الطريق لجمع لحمة الجهد الوطني الحريص على بناء الوطن.
وعن برنامج هذا التيار المدني الديمقراطي المعلن في الانتخابات القادمة، قال الرفيق أبو داوود بأن البرنامج هو عبارة عن جواب ومعالجة لحل أزمات البلد، وهو عبارة عن استقراء وتحليل للعملية السياسية منذ التغيير عام 2003 وما تبعه من معاناة وأزمات متفاقمة، بعد أن أصبح العراق في مفترق طرق وهو على شفا هاوية ستؤدي للكوارث، لاستخلاص جوانبها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اعتمادا على الدراسات والوثائق وما يتنافى مع روح الديمقراطية من نظام محاصصة وطائفية مغاير لمبدأ الديمقراطية المنافي للدستور والذي يقر بالتساوي بين المواطنين، واستطرد الرفيق أبو داوود قائلا بأن البرنامج يحارب المنظومة التي تحمي الفساد والمفسدين والعودة إلى الديمقراطية اعتمادا على برامج سياسية لتحقيق الأهداف المتفق عليها، والحزب كان وما زال إلى جانب تشكيل حكومة وطنية بعيدة عن المحاصصة والطائفية.
ثم انتقل المحاور لسؤال عما حققه التيار المدني الديمقراطي من نجاحات في المجالس البلدية، ليجيب رفيقنا أبو داوود بأنه متفائل بهذا الانجاز لينتقل التفاؤل للانتخابات التشريعية المقبلة، لأن المسؤولين لم يوفروا المطالب ولم ينفذوا البرامج خصوصا تلك التي تحارب الفساد والطائفية، وهذه كلها تعتبر مؤشرات لجزع الناس وتردي الأوضاع لتقود للبحث عن مخرج وهي القاعدة المؤشرة للخروج من المشاكل.
وعن انتخابات عام 2010 استطرد الرفيق أبو داوود قائلا بأنها اتسمت بسرقة الأصوات وتشويه معالم الديمقراطية، ورغم رفضنا لها واعتبارها لا دستورية، ولكن لم تتخذ المحكمة الدستورية قرارا برفض النتائج، مما دفعنا ذلك للمطالبة بانتخابات مبكرة ولكن دون نتيجة.
وعن التحضير للانتخابات القادمة عبر الرفيق أبو داوود عن تفاؤله وأن الفرص ستكون متاحة أكثر اعتمادا على خبرة كوادر الحزب والحلفاء، اذا لم يحدث تزوير، علما أن المفوضية تغلب عليها المحاصصة، موجها لهم النصح بالابتعاد عن الإنتماءات الطائفية وتغليب الهوية الوطنية والاحتكام على الضمائر لتحقيق انتخابات نزيهة، بعيدا عن الضغوط من أي طرف كان. واضاف بأننا سنتجاوز الهفوات بوجود تيار شعبي وطني.
أما عن فكرة عدم حدوث الانتخابات قال أبو داوود نحن متفائلون لأن الشعب تواق للتغيير رغم أننا نواجه بالمقصرين وغير المستعدين للتغيير ولا توجد قناعة لدى الكثير، بل تكريس النفوذ، ومحاولة وضع العصي في العجلة، اثارة الصراع الطائفي الآن، تأجيج الخلافات القومية لخلق أجواء عكرة للإنتخابات، مضيفا أن من حق المواطن أن يتساءل عن إنتخابات سليمة ولكن المسؤولين يفتعلون المشاكل لعرقلة موعد الانتخابات.
وتساءل أبو داوود عن اولئك الذين يريدون الانتخابات في وقتها، لماذا لا يعملون على سلالستها ونجاحها ونحن في هذا التاجيج الأمني.
واعتمادا على تحفيز الآخرين لاجراء الانتخابات في وقتها، وجهنا مذكرة للرئاسات الثلاث، يقول أبو داوود، للقيام بوقفة ضمير لتوفير أجواء للانتحابات، لكننا لم نستلم أي رد لحد الآن.
يقترح الرفيق أبو داوود على السيد رئيس الوزراء القيام بمبادرة لتأسيس هيئة رأي للتشاور وإيجاد حلول مشتركة، ويقول الرفيق أبو داوود بأننا نلقى ردود فعل إيجابية من بعض الأطراف السياسية من دولة القانون والسيد عمار الحكيم.
إن العراق سوف لن يبنى إلا ببناء نهج حكيم وسليم للعدالة الإجتماعية، يؤكد رفيقنا أبو داوود.
وعن رأيه بفضائية ريكا، يقول بأننا عملنا المستحيل لانطلاقها لتكون معبرة عن تطلعات المواطنين الباحثين عن صوت قوي وصريح عن الأماني المشروعة، لقيامها باضافات نوعية.
وأخيرا سئل الرفيق عن ما بعد الإنتخابات، ليجيب بأن التغيير ليس ترفا، بل هو حاجة أساسية وهو ما سيقع، ولكن ليس بمغالاة، لأن أشد ما يخيفنا هو التعصب والعشائرية والطائفية وبدون التغيير المنشود ستحصل كوارث.
ينتهي كلام الرفيق أبو داوود بهذا التحذير الخطير وهو محق، لأن كل المؤشرات حاليا توضح بأن التغيير بات بالنسبة للعراقيين من أولويات حياتهم وهو مسألة حياة أو موت إن هم أرادوا أن يستمر العراق معافى وبعيدا عن هذه الملفات السيئة التي تحول دون تقدمه واستشرافه على المستقبل، أن يبادروا زرافات ووحدانا للتغيير المنشود لأنه ليس من العقول أن تظل دار لقمان على حالها وهم يعانون في كل لحظة من تسلط الفساد والمحسوبية والبطالة والبنية التحتية المخربة وانعدام الخدمات وغياب الأمن تماما وغيرها من المثالب الخطيرة التي إذا ما استمرت، والعياذ بالله، فنحن نوافق رفيقنا أبو داوود إلى ما ذهب إليه (بأن الكوارث ستحل).
فهل يعقل أن العراقيين باتوا أصدقاء أوفياء للكوارث والمحن وكأنهم استأنسوا العيش معها، وهذه لعمري كارثة بحد ذاتها، إن لم يسعوا وبقوة لتغيير المسار والملفات الشائنة.