المنبرالحر

احذروا الشعب العراقي الصابر اذا غضب !! / حيدر سعيد

الكتل السياسية المتنفذة بشخوص مقرريها في الحكومة تعلمت خلال مسيرة حكمها منذ سقوط الدكتاتورية ،اللف والدوران و امتصاص نقمة الشارع العراقي وحرفه عن اهدافه التي تجسدها مطاليب الجماهير في محاسبة الفاسدين والمرتشين والمتحاصصين ، وذلك بتلونها كالحرباء، فهي بالوقت الذي تؤيد مطاليب الجماهير المتظاهرة ظاهريا ، تعمل على تسويف هذه المطاليب وتميعها ، مقدمة اكباش فداء هنا وهناك دون ان تمس الجوهر وهو توجهها الفكري ونهجها السياسي والاداري في ادارة مؤسسات الدولة التي ينخرها الفساد والفاسدين من جراء نهج المحاصصة الذي اعتمدته هذه الكتل نهجا في ادارة الدولة . لذلك فالجماهير المنتفضة وعت لعبة المتحاصصين وخبرت تلونهم وخداعهم وانتهازيتهم وعدم جديتهم في تحقيق المطاليب المشروعة ،مما جعلها تهب اليوم في تظاهرات سلمية مطلبية ملحة منذرة ومتوعدة بان القادم سيكون اعظم ، اذا لم تستجب الحكومة لمطاليبها المشروعة ، معلنة انها ستستمر في التظاهر مهما كانت التضحيات ، بعد ان اخذ تراكم الالام والمعاناة يزداد ايلاما للجماهير المحرومة من ابسط حقوقها في توفير الخدمات والكهرباء ،) ، فالجماهير المنتفضة ضد الفساد والفاسدين حواضن الارهاب في مؤسسات الدولة ومن اجل الاصلاح الجذري ، خرجت للشارع بعد ان وجدت ان اغلال المتحاصصين زادت من ضغطها على رقابها ، ولم تترك لها مجالا الا ان تهب لكسر القيود مطالبة بمحاسبة المتحاصصين حاضني الفساد والفاسدين وتعريتهم ، وتطهير مؤسسات الدولة منهم وتحقيق العدالة الاجتماعية السمة الاساسية للديمقراطية وبدون تحقيقها يبقى الحديث عن الديمقراطية مجرد هراء وضحك على الذقون ،و رسالة ابناء شعبنا من خلال التظاهر عميقة الدلالة ، ومن لم يدرك ذلك من الكتل المتنفذة فهو يجهل حلم الجماهير وصبرها . ان النهج الديمقراطي والفكري بديل نهج المحاصصة هو من ينقذ البلد من ازماته الخانقة واخراجه الى بر الامان والاستقرار والتوجه الجاد والمخلص صوب المصالحة الوطنية لمحاربة داعش وحلفاءه الذين تمددوا طويلا من جراء تغذيتهم وتموينهم من قبل الفاسدين وسراق المال العام الذين نبه النبي محمد من مخاطرهم بالقول ( لو سرقت فاطمة لقطعت يدها ) ، وبدون ذلك فان اي حل ترقيعي لن يصمد امام هذا الكم من الالام التي مست عظم الجماهير.
ان الجماهير الغاضبة خرجت في جميع مدن العراق بتظاهرات سلمية ، يدفعها الالم والعناء الجوع والبطالة وينهش جسدها الفساد والفاسدين ، بعد ان وصلت الى قناعة راسخة ان استمرار نظام المحاصصة سيراكم معاناتها ويزيد من الفاسدين والفساد ويعرقل كل جهد مخلص وطني لابراز عيوبه ، فما كان من الجماهير الا ان تهب ، مطالبة بتحقيق تغيير حقيقي يمس بناء هذا النظام المحاصصي الفوقي والتحتي الذي يشمل مؤسسات الدولة التي اصبحت حواضن للفاسدين .
ان مظاهرات اليوم تختلف عن سابقاتها بوعيها الذي توجه الى اس البلاء و مخاطره الا وهو نظام المحاصصة الذي سعى اصحابه جاهدين الى تجميد عقل الانسان العراقي وطاقاته الخلاقة ودوره في التغيير والاصلاح متنصلا من المسوؤلية العامة موكلآامره الى المتنفذين ، ولكن وعي شعبنا اثبت للمتحاصصين الفاسدين : ان الوصاية وتوكيل الامور لا تجوز الا للقاصر او السفيه او المجنون وشعبنا العراقي اكبر من ان ينطبق عليه ذلك ، فهو شعب عريق خبرته الحياة وزكت مواقفه البطولية في مقارعة الطغاة وانظمتهم .
ان الجماهير خرجت للشارع غاضبة بعد صبر طويل حكمته ظروف البلد وما يتعرض له من هجوم للارهاب وحلفائه في الداخل والخارج، ولكن احذروا الحليم وهو شعبنا العراقي اذا غضب ثانية ، عندها فلا يستبعد الفاسدون والمتحاصصون ان تهب الجماهير وتزحف لتجز نواصيهم وبايديها ستنتف لحاياهم ، وان الاجراءات التي اتخذت من قبل حكومة السيد الدكتور العبادي تتطلب ارادة قوية لايقاف المعرقلين وفضحهم امام ابناء الشعب والاستمرار في الاصلاح والتغيير فهو صمام الامان والاستقرار ، ودعم الجماهير والمرجعية خير معين لمن يركب سفينة الاصلاح ويقودها ، وكما قال الجواهري :
فضيِّقِ الحبلَ واشدُدْ مِن خناقِهُمُ
فَربَّما كانَ في إرخائه ضَرر