المنبرالحر

حول التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي / لفته عبد النبي الخزرجى

حظي المؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي، وما زال يحظى بالمزيد من الاهتمام والمتابعة من لدن جماهير شعبنا وقواه الوطنية، وأحزابه السياسية ومنظمات المجتمع المدني المختلفة، وأكدت اغلب الفصائل السياسية على الساحة الوطنية العراقية في برقيات وزيارات ومشاركة وحوارات، أكدت على ان الحزب،حقق تفوقا منقطع النظير في هذا المؤتمر، وهو يمثل انعطافا كبيرا، وتقدما واضحا، حيث قدم مشروعا وطنيا متكاملا للتغيير والبناء، ومن خلال التقرير الصادر عن المؤتمر الوطني العاشر للحزب، الذي عقد في 1-3 كانون الأول من العام 2016،والذي نشرته جريدة الحزب المركزية " طريق الشعب " في عددها 89 لسنة 82 في 22/12/2016، يمكننا ان نشير الى :
1- نبدأ بشعار المؤتمر، فقد كان اختياره موفقا جدا ومنسجما مع طموحات شعبنا في دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية، فقد كان الشعار تجسيدا واقعيا لمعطيات الواقع وتناغما مع ما تطرحه التظاهرات والاحتجاجات وجمهرة غفيرة من منظمات المجتمع المدني والنشاطات والفعاليات الثقافية والأكاديمية وشرائح اجتماعية وبرلمانيون وغيرهم .
2- النداءات التي وجهها المؤتمر إلى شرائح اجتماعية وسياسية وثقافية في بلادنا، وضرورة العمل المشترك في إطار تحالف أو جبهة او أي نوع من أنواع اللقاء الذي يسهم في إنقاذ الوطن من خلال " الانفتاح على الفضاء الوطني وإقامة الصلات والعلاقات والتنسيق والتعاون مع مختلف القوى والشخصيات التي يجمعنا معها إدراك ضرورة الإصلاح الشامل ومكافحة الفساد والخلاص من المحاصصة والتصدي للإرهاب ومنظماته الشريرة".
3- تعزيز دور الحزب في المجتمع العراقي وفي العملية السياسية، وتقوية التنظيم ورفده بالعناصر المنقطعة من خلال النداء الموجه إلى جميع الشيوعيين الذين انقطعوا عن التواصل مع الحزب لأي سبب كان، ودعوتهم إلى العودة الى أحضان الحزب.
4- تعزيز دور المرأة في تنظيم الحزب ومنحها المكانة التي تستحقها في قيادات الحزب المتعددة، وقد كان تخصيص كوتا للنساء في قيادات الحزب، يمثل طفرة حقيقية في صعود المرأة الى المواقع القيادية العليا في الحزب، وما حصول الرفيقة الكبيرة " شميران مروكل " على عضوية المكتب السياسي للحزب إلا صورة من هذا التعزيز والدعم لحق المرأة في أن تتبوأ أعلى المراكز القيادية في الحزب.
5- رفد القيادات الحزبية المتنوعة، بدماء الشبيبة الناشطة والمثابرة للارتقاء بالنشاط الحزبي متعدد الأشكال، وهو ما شكل استجابة موضوعية للمعارك السياسية اللاحقة، وضرورة تنظيمية ترفد الحزب وتقدم إليه مزيدا من الدماء ليتواصل الحزب في مسيرته لبناء الوطن الحر والشعب السعيد.
6- أكد المؤتمر مظاهر الاستعصاء في العملية السياسية، وأشار الى الأزمة الشاملة التي تمر بها العملية السياسية، حيث تتجلى " أزمة الحكم في مظاهر عدة، منها سوء إدارة البلد والأداء غير الكفء لمؤسسات الدولة، وعجزها عن القيام بواجباتها "، وهذا يتضح تماما في سيادة "منهج يفرط بالطاقات والكفاءات الوطنية، لحساب تجميع الأنصار والمريدين والمطبلين، وانتهاج سياسة التفرد والاعتماد على الدائرة الضيقة من المقربين "، وهذا احد أهم الأسباب التي أدت وستؤدي "إلى تعمق مظاهر التمييز على أساس الموالاة والتحزب الضيق، وتفاقم المعاناة " ولذلك فان الأمور ستكون أكثر سوءا " بسبب اعتماد نظام والمحاصصة على حساب الكفاءة والمهنية والنزاهة في إسناد الوظيفة العامة ".
7- عملية اختزال التمثيل الطائفي، من خلال " نهج المحاصصة الطائفية – الأثنية، الذي ساهم المحتلون في إدامته " وبهذا فقد شخص الحزب " فشل نظام المحاصصة " واعتبره سببا رئيسا لجميع الأزمات المتتالية، وهو نظام يكرس الاستحواذ على المناصب، وتقاسم النفوذ والهيمنة على القرار السياسي. ثم أن التقرير يشير إلى "أن تجربة السنوات السابقة لم تزك هذا النموذج في إدارة الحكم، وإذا كان مريدوه يحسبون انه مصمم لتحقيق الأمن والاستقرار في بلد متعدد القوميات والأديان والطوائف، ويوفر الإطار المناسب لتعايش أطياف الشعب بسلام وأمان، فان الوقائع على الأرض تشير الى عكس ذلك تماما ".
كما ان الأكثر خطورة هو " تجاهل مبدأ المواطنة، وعدم التعامل مع العراقيين على قدم المساواة من دون تمييز بغض النظر عن قومياتهم وطوائفهم وأديانهم ومواقعهم الاجتماعية ".
ولا شك ان هذا المنطق سيكرس " مفهوم دولة المكونات، واستمرار المحاصصة "، وفي الوقت ذاته سيؤدي "إلى المزيد من التشظي المجتمعي وإضعاف الوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي ".
8 – تحدث التقرير عن الإرهاب وداعش واحتلال الأرض العراقية، والأسباب التي أدت الى دخول داعش وحصول المجازر الكبيرة، ونذكر منها مجزرة سبايكر وما تبعتها من عمليات إعدام وذبح وقتل وسبي وجرائم لا حصر لها، وعلى من تقع المسؤولية في هذا الإطار، حيث " شكلت هذه الأحداث منعطفا خطيرا في الوضع السياسي العام في البلاد، كانت له تداعياته العسكرية – الأمنية، والسياسية – الاجتماعية والاقتصادية، والمعنوية – النفسية على المواطنين وعلى المجتمع بعمومه".
وأشار التقرير كذلك الى سقوط الموصل وتقرير اللجنة المكلفة من البرلمان
والذي " تضمن توجيه الاتهام الى 35 شخصية مدنية وعسكرية من المسؤولين الكبار ذوي العلاقة بالأحداث، بعد ان حملتهم مسؤولية الانهيار الأمني الذي شهدته البلاد "، إلا ان ما يثير حفيظة الناس هو هذا التغاضي والسكوت من قبل القضاء حيث " لم تتخذ السلطة القضائية حتى الآن أي إجراء بشأن هذا الملف المهم ".
9- ثم يتناول التقرير دور القوات المسلحة العراقية راهنا ومستقبلا، كما أكد أيضا على أهمية "تطبيق التجنيد الإلزامي وفق ضوابط جديدة".
وفي الوقت نفسه فقد اعتبر التقرير ان القوات المسلحة العراقية ستبقى هي " الأساس في محاربة داعش وقوى الإرهاب الأخرى، وصيانة ارض الوطن، والحفاظ على الأمن والاستقرار الداخليين. فهذه المسؤولية يجب ان لا ترحل الى أية جهة أخرى. ومن هنا اتضحت ضرورة مواصلة تطوير هذه القوات". وفي مجال الحشد الشعبي، حيث " نهض المتطوعون.. بعد نداء المرجعية العليا بمهام كبيرة في لحظات حساسة، وقدموا التضحيات والشهداء في معارك التصدي لداعش والإسهام في تحرير المدن من قبضته ". ولغرض تحقيق الانتصار على الإرهاب وزمر داعش " يتطلب ردم كافة الثغرات التي يمكن ان يستغلها أعداء العراق وأمنه واستقراره ".
10- أما في مجال المصالحة الوطنية، أو ما أطلق عليه " التسوية السياسية " فقد أشار التقرير وبشكل واضح جدا، الى أن " موضوع المصالحة الوطنية وبناء الوحدة الوطنية يكتسب أهمية متزايدة " لأن هذا الملف المعقد والشائك والملتهب أيضا، بحاجة ماسة الى نمط " جديد من التفكير السياسي الناضج والمستوعب لدروس التاريخ وخبرته، وتفاعلا مع حقائق الواقع " حيث يعلن التقرير أن هذا الملف يقتضي أيضا " توسيع دائرة المتحاورين والسعي الى ضم أوسع ما يمكن من القوى ذات التوجه الحقيقي لإعادة بناء العراق على أسس ديمقراطية حديثة عادلة ومتوافقة مع مبادئ الدستور والبناء الاتحادي للدولة وعلى وفق معايير واضحة مرنة وقادرة على استيعاب التنوع ".
11–الانتخابات وضرورة تشريع قانون عادل ومنصف للانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات :
في ظل القانون الحالي للانتخابات، وفي ظل مفوضية خاضعة لنظام المحاصصة، لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة وشفافة وذات مصداقية، ما لم يتم السعي إلى توفير " عدد من الشروط والمتطلبات " ومن أهم هذه الشروط هو " قانون انتخابات عادل، ومفوضية انتخابات نزيهة ومهنية ومستقلة قولا وفعلا"، يتبعها ضوابط أساسية ومهمة تستدعي مراقبة "تنظيم الحملات الانتخابية، وتفرض سقوفا ورقابة على الأموال التي تنفقها الكتل الانتخابية والمرشحون " كما يؤكد التقرير أيضا على " اعتماد تعداد سكاني يوفر معلومات دقيقة وتفصيلية تسمح بإعداد سجلات وقوائم ناخبين سليمة من الأسماء الوهمية والتزوير، وعدم الاعتماد على بيانات وزارة التجارة الخاصة بالبطاقة التموينية " لما تعارف عليه الناس بأنها غير دقيقة وفيها أكثر من مليوني اسم وهمي. كما أكد التقرير أيضا على التطبيق السليم لقانون الأحزاب،الذي تم تشريعه.
12-أما في مجال العمل التنظيمي ومهام الحزب في الظروف الراهنة، فقد أكد التقرير السياسي للمؤتمر الوطني العاشر للحزب :
• تعزيز مواقع الحزب في المجتمع من خلال " توسيع صفوف الحزب وتوطيدها وإقامة شبكة واسعة من العلاقات مع جماهير الشعب على اختلاف انحداراتهم الاجتماعية والقومية والدينية " كما لابد من تحسين الأداء الحزبي في الريف والمدينة.
• ضرورة الاهتمام الجدي بـ" العمل على إدامة زخم الحراك المدني والشعبي وتوسيع صفوف المشاركين فيه " وفي الوقت نفسه " الانفتاح على الفضاء الوطني وإقامة الصلات مع مختلف القوى والأحزاب والشخصيات التي يجمعنا معها إدراك ضرورة الإصلاح الشامل ومكافحة الفساد والخلاص من المحاصصة والتصدي للإرهاب ومنظماته الشريرة " والسعي إلى إيجاد المشتركات معها، وبلورة الشعارات وترتيب الأولويات " كما كانت هناك دعوات إلى " توفير الحياة الحرة الكريمة الآمنة اللائقة للمواطنين جميعا ".
• كما أكد التقرير على " المشاركة الفاعلة في جهود مكافحة الإرهاب وداعش وتقديم مختلف أشكال الدعم لمعركة شعبنا الوطنية من اجل تحرير أراضينا ومدننا من شرور الإرهاب ".
• تعزيز دور التيار الديمقراطي وتقوية صفوفه وجعله قوة فاعلة ومؤثرة في الحياة السياسية، ومن خلاله يتم تعزيز الحراك المدني وتطوير فعالياته ونشاطاته وتأثيره في مستقبل توسيع الصلات مع القوى والشخصيات المدنية والديمقراطية.
*فيما دعا المؤتمر إلى " تكريس الاهتمام والعناية الفائقين لدور الشباب والنساء وتنميته وتطوير إسهامهم في النضالات المطلبية والحراك الشعبي " أكد أيضا على " اعتماد الوسائل السلمية والدستورية في التصدي لمحاولات التضييق على الممارسات الديمقراطية وتقزيمها " وعدم فسح المجال أمام السلطات الأمنية " لمصادرة وانتهاك حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة وحرية التعبير عن الرأي " كما دعا التقرير الى التصدي بالوسائل السلمية إلى كل توجه يهدف الى " منع الناس من التعبير عن الرأي، ومن التمتع بحقوقهم المكفولة دستوريا، وممارسة الإرهاب الفكري تحت حجج وذرائع مختلفة ".