المنبرالحر

اثر القروض الخارجية على اقتصاديات البلدان النامية - السودان كبلد عربي وافريقي نموذجا –/ كاظم فرج العقابي

الكتاب الموسوم بالعنوان اعلاه للباحث د. عودت ناجي الحمداني والصادر عن "مطبعة القبس للطباعة والنشر" – بغداد في طبعته الاولى عام 2016
يقع في 199 صفحة من القطع المتوسط ويتكون من 9 فصول ومقدمة وخاتمة .
الفصل الاول :- تناول الدور المشبوه لصندوق النقد الدولي لخدمة المصالح الرأسمالية الطفيلية وشروطه الجائرة التي ادت الى نهب ثروات البلدان النامية وافقارها واغراقها في مستنقع الديون الخارجية وجرت الاشارة الى المطالبات الدولية بإصلاح لوائح صندوق النقد الدولي التي تكرس هيمنة البلدان الرأسمالية الاحتكارية على قرارات الصندوق خصوصا فيما يتعلق بطلب القروض الخارجية .
ويشير الباحث الى الجهود الدولية من اجل اقامة نظام عالمي متعدد الاقطاب , حيث اعلنت دول بريكس التي تضم روسيا ، الصين ، الهند ، البرازيل وجنوب افريقيا في قمتها التي عقدت في روسيا 2009 مجموعة من المبادئ بهدف كسر هيمنة القطب الدولي الاحادي واقامة نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب في سبيل اعادة التوازن الدولي المفقود وتحقيق العدالة والمساواة في العلاقات الدولية، وما يشجع البلدان الاخرى على الانضمام الى دول بريكس كون بريكس يشكل 30في المائة، من مساحة الكرة الارضية و42في المائة، من سكان العالم ما يعادل 2,83 مليار نسمة من نفوس الكرة الارضية ويبلغ اجمالي ناتجها المحلي اكثر من 15,435 تريليون دولار اي بنسبة 14,6 في المائة، من اجمالي الناتج المحلي العالمي بالإضافة الى الاحتياط النقدي بأكثر من 6 تريليونات من العملات الصعبة ومن الناحية العسكرية فان ثلاثا من دول بريكس الخمسة هي دول نووية .
الفصل الثاني :- قدم الباحث هنا عرضا عاما لتطور ازمة الديون الخارجية لبلدان الاتحاد الاوربي ومنطقة اليورو وازمة ديون بلدان العالم الثالث وما افرزته من اثار اقتصادية ومالية كارثية , ولمواجهة ازمة الديون الخارجية يقدم الباحث جملة من الحلول وفي نهاية الفصل يخلص الباحث الى ان السياسيات الاستعمارية للبلدان الغريبة في البلدان النامية ادت الى تدمير بنى القطاعات السلعية من زراعة وصناعة وتشييد وانحدار الخدمات التعليمية والصحية الى ادنى درجات التطور ولم تحظ البنى التحتية الاخرى كالمؤسسات والمواصلات والاتصالات باي اهتمام، ومن النتائج الاخرى لهذه السياسات؛ التخلف الاقتصادي والاجتماعي والحضاري والثقافي والفقر والامية والامراض المستعصية وتدهور مستويات المعيشة وعدم تطور البلدان النامية بالشكل الذي يتلاءم مع مواردها وثرواتها الضخمة .
الفصل الثالث :- في هذا الفصل تم بحث الاسباب والعوامل الداخلية والخارجية التي ادت الى نمو المديونية الخارجية للبلدان النامية فالهدف النهائي للقروض التي تقدمها البلدان الرأسمالية الى البلدان النامية هو تحقيق الفوائد والارباح الخيالية وليس المساعدة على حل مشاكلها المالية والاقتصادية ويلخص الباحث اسباب تفجر ازمة الديون الخارجية بمجموعتين من الاسباب الداخلية والخارجية ومنها :-
اولا: الاسباب الداخلية وتتلخص في
1- الاقراض الخارجي : تميزت اكثر البلدان النامية بتطبيق سياسة الافراط في الاقتراض الخارجي في الوقت الذي لم تقم بدراسات كافية لجدول القروض الاجنبية سواء من حيث شروطها او كيفية استخدامها .
2- السياسة الادارية : تتمثل بعدم معرفتها بكيفية الاستغلال الامثل للموارد المادية والمالية المتاحة وانتشار البطالة والبطالة المقنعة وضعف الاستفادة من الكفاءات المتاحة .
3- ظاهرة هروب وتهريب راس المال .
4- الانفاق العسكري .
5- نقص التراكمات المحلية .
6- التكنولوجيا المستوردة :- كلفتها العالية وعدم امكانية استيعابها وتشغيلها بالإمكانات العلمية والتقنية المتاحة .
7- سوء توظيف القروض .
ثانيا: الاسباب الخارجية وأهمها :-
1- التغييرات في اسعار النفط العالمية .
2- الركود في الاقتصاد العالمي .
3- السياسة النقدية للولايات المتحدة الامريكية .
4- ارتفاع قيمة الدولار للفترة 1981 – 1986 .
5- خدمة الدين الخارجي .
6- سياسة التكييف الهيكلي تلبية لشروط صندوق النقد الدولي .
الفصل الرابع :- تناول الفصل الرابع تغلغل الرأسمال الاجنبي في السودان في فترة الاستعمار البريطاني وفترة الاستقلال فمنذ احتلال السودان في عام 1868 وضع الحكم الاستعماري استراتيجية اقتصادية لإدارة الاقتصاد السوداني تقوم على تحقيق الارباح العالية للشركات البريطانية وتستنزف موارد السودان الطبيعية 0 ويتطرق الباحث في هذا الفصل الى ان السودان اكثر البلدان تطبيقا لسياسات التكييف الهيكلي التي يلزم بها صندوق النقد الدولي البلدان المدينة له فقد التزم السودان في عام1978 بتنفيذ الاصلاح الاقتصادي والتزم بتوصيات الصندوق المتعددة وابرز ما قام بتنفيذه :
1- تصفية القطاع العام تقريبا اذ خصخص 63 مرفقا زراعيا وصناعيا وخدميا .
2- تحرير اسعار السلع والخدمات الرئيسية وتركها لقوى السوق .
3- إلغاء كل القيود على التجارة الخارجية .
4- خفض سعر صرف الجنيه السوداني .
وقد ادى هذا الى تفاقم المديونية وتفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور أصلا، وجعل البلاد في وضع العاجز عن الوفاء بالتزامات ديونه الخارجية ويخلص الباحث الى ان التحدي الذي يواجه السودان اليوم هو بناء صناعة وطنية متطورة قادرة على توفير احتياجات المجتمع وتقليل الاعتماد على الخارج في الاستيراد والاستدانة والخروج من الازمة المستحكمة
الفصل الخامس :- ركز الفصل الخامس على تراكم الديون الخارجية للسودان واعبائها التي اخذت تنمو نتيجة لتسارع نمو المديونية الخارجية فالسودان كان يعول عليه ان يكون سلة غذاء للوطن العربي , اصبح يعيش ازمة حقيقية خانقة واخذ اقتصاده ينوء تحت عبء الديون الخارجية التي لا تستطيع سداد خدماتها المستحقة في مواعيدها ويرى الباحث ان الزيادة في المديونية الخارجية واعباءها والتعثر في السداد أدت الى فقدان الجدارة الائتمانية والثقة الدولية للمقترض وبالتالي عجز المدين عن الحصول على تسهيلات ائتمانية جديدة سواء بشروط ميسرة او بشروط تجارية مما يزيد من حدة مشكلة نقص السيولة في النقد الاجنبي .
الفصل السادس :- في هذا الفصل جرى بحث الاثار السلبية الناجمة عن الديون الخارجية للاقتصاد السوداني وعواقبها الوخيمة وما يزيد الوضع عسرا هو ان السودان قد وقع في انواع مختلفة من التبعية للبلدان الرأسمالية الدائنة وبذلك وضعت الديون الخارجية للسودان تحت طائلة الفقر والحلقة المفرغة والمتتبع للأحداث يلاحظ ان الفقر في السودان يتزايد بسرعة فائقة وعلى الفئات الفقيرة حسب تصور خبراء صندوق النقد الدولي ان تتحمل عبء تصحيح اقتصاد البلاد . ومن وجهة نظر الباحث ان هذا التصحيح مهم للغاية اذا كان السودان يريد معالجة ديونه الخارجية بحكمة بعد ان تحول اقتصاد السودان من اقتصاد مخطط الى اقتصاد مفتوح , فتح الابواب على مصاريعها لكل آفات وامراض الرأسمالية العالمية كالتضخم والغلاء والعجز وما شابه ذلك , واطلق يد الرأسمالية المالية والتجارية الاجنبية والمحلية مما ادى الى زيادة ثراء الاثرياء وافقار الفقراء الى حد الجوع .
الفصل السابع :- وجرى التركيز في هذا الفصل على المبادرات الدولية للتخفيف من ازمة الديون الخارجية ومدى استفادة السودان منها , فرغم ما تكتسبه هذه المبادرات من اهمية كبيرة في التخفيف من الاثار الناجمة عن المديونية الخارجية الا ان اليات عملها تخلق معوقات جديدة وتحرمها من الاستفادة من المساعدات التي تقدمها الدول والمؤسسات الدولية الدائنة . ومن بين اهم الاسباب :-
1- ان السودان لم يستفد من كافة المبادرات الدولية لعدم وجود برنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي .
2- ان السودان اكثر البلدان احقية في الاستفادة من المبادرات الدولية الا ان الشروط التي وضعتها بعض المبادرات مثل الديمقراطية وحقوق الانسان حالت دون استفادة السودان من تلك المبادرات في تخفيف ديونها الخارجية .
3- ان المواقف السياسية غير المعلنة التي تتخذها الدول الصناعية المتقدمة تجاه السودان كانت السبب الرئيسي في عدم استفادة السودان من تلك المبادرات .
الفصل الثامن :- تناول هذا الفصل الحلول المقترحة لإطفاء ديون السودان الخارجية وبالنظر الى تنوع ديون السودان الخارجية وتعدد الجهات الدولية الدائنة فقد تنوعت الحلول حسب كل نوع من انواع الدين الخارجي , ويخلص الكاتب الى القول ان مواجهة مشكلة الديون المتراكمة على السودان تتطلب الاعتماد على النفس بشكل اكبر وبصورة متزايدة في ضوء معطيات الاقتصاد الوطني وتطورات النمو التي يتعرض لها , ولا بد ان يتوطد تعاون حقيقي بين السودان وبقية البلدان النامية المدينة لان مشاكلها تحمل نفس السمات وانها ترغب جميعا بالتخلص من حالتها الراهنة والتخلص من طوق المديونية الخارجية .
الفصل التاسع :- فقد تم تقسيم هذا الفصل الى مبحثين , المبحث الاول تضمن النتائج التي توصلت اليها هذه الدراسة والمبحث الثاني التوصيات والمقترحات لتحرير الاقتصاد السوداني من قيود الديون الخارجية واخيرا الخاتمة التي خصصت للتوجه السياسي لحكومة الانقاذ التي يقودها حزب المؤتمر الاسلامي الحاكم واثره في تعميق ازمة الاقتصاد السوداني .
ويستنتج الباحث في نهاية هذا الفصل , ان على السودان ان لا يتوقع من النظريات والبرامج الغربية ان تنقذ الاقتصاد السوداني من المستنقع الذي اوقعته في اعماقه , وقد يكون وضعه افضل واداؤه احسن لو لم يلجأ إلى الاقتراض الخارجي ويعتقد الباحث ان الحل الامثل لازمة مديونية البلدان النامية يتمثل في الاعتماد على الذات ويتكامل مع جهود الدولية الهادفة الى وضع اسس ملائمة تسهم في حل ازمة الديون الخارجية على النطاق العالمي
وفي ختام هذا العرض المتواضع لهذا البحث العلمي لا بد من كلمة شكر لجهود الباحث في اغنائه المكتبة الوطنية والعربية بكتاب يعد بحق مرجعا لدراسات اخرى لما يحتويه من تحليلات موضوعية صائبة معززة بالإحصائيات والبيانات .