المنبرالحر

الخطة الخمسية أهداف وتحديات / إبراهيم المشهداني

أصدرت وزارة التخطيط الخطة الخمسية 2013- 2017 وها قد مضت سنة من عمر الخطة وقد لا يكون العام الاول كافيا لإصدار حكم على مخرجاتها فأمامها اربع سنوات اخرى يمكن ان يلمس المواطن خلالها نتائج ملموسة في مجالات النمو الاقتصادي والاجتماعي الذي حددت الخطة مؤشراتها، وأشياء أخرى من أهدافها في مقاطع مهمة اخرى من تطور البلاد كتحقيق مستوى عيش وسكن وخدمات صحية وتعليمية وتحسن في زيادة الطاقة الكهربائية والخدمات البلدية وإعادة البنى التحتية للمشاريع الصناعية وإصلاح الاراضي الزراعية التي تعرضت خلال الفترة الماضية الى مظاهر ا?تصحر وزيادة الملوحة، وأمور أخرى أحس المواطنون بفقدانها وصعوبة تحققها خلال السنوات العشر الماضية بعد التغيير وقبلها. والسؤال هنا هل يمكن أن يكون مصيرها مصير الخطة الخمسية السابقة لها للسنوات 2010- 2014 التي انحرفت عن مسارها بحسب اعتراف الخطة الخمسية مدار حديثنا؟ وهذا ما لا نتمناه، غير أن المسافة بين الواقع والطموح كانت وما زالت طويلة. فقد واجهت الخطة الأولى مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، كانت عوامل شد اثرت سلبا على الاداء الاقتصادي تاركة بصماتها على ايقاعات حركة المتغيرات الكلية والقطاعية ومن ثم على ?سار معدلات انجازاتها التنموية. فلم يشهد الاقتصاد اية تغيرات بنيوية وما زال الاتجاه يؤكد أحادية هذا الاقتصاد وارتباطه بالاقتصاد الرأسمالي في اطار تقسيم العمل الدولي من خلال الاعتماد على اولوية القطاع النفطي في توليد الناتج المحلي الإجمالي. صحيح أن الطابع الريعي للاقتصاد لم يكن وليد السنوات العشر الماضية بعد سقوط النظام إلا انه يبدو في اللحظة الراهنة جزءا لا يتجزأ من خطط الحكومة المستقبلية كزواج كاثوليكي لا انفكاك منه بدلالة اعتماد كافة الموازنات السنوية على موارد البترول كمصدر مالي رئيسي بما لا يقل عن 93 با?مئة منها، بل الأدق ان هناك اندفاعا حماسيا نحو مضاعفة انتاج وتصدير النفط على حساب القطاعات الانتاجية الاخرى وهذا ما تكرسه الخطة من خلال المقارنة بين مؤشرات النمو في كافة القطاعات الانتاجية والخدمية التي تحدثت عنها الخطة.
وفي الوقت الذي يفترض بنا التنحي عن حالة الشكوك والشعور المشوب بالخيبة بسبب ما شهدناه من فشل في الاداء الحكومي في الكثير من المجالات بالرغم من الاموال الفلكية التي دخلت ميزانيات الحكومة، فان الأرقام المفترضة في الخطة تعطينا الكثير من التفاؤل اذا احسن تنفيذها واحترمت توقيتاتها ووظفت كافة الطاقات المتاحة من اجل انجاحها بروح من الوطنية العالية واحترام ارادة الشعب العراقي المعطاء الذي لم يقل حماسا في اي وقت من اجل النمو والتطور كسائر بلدان العالم التي سبقتنا اذا ما وضع الشخص المناسب في المكان المناسب والعمل ?لى جذب الكفاءات العراقية التي ابدعت في بلدان اخرى فشعبنا في مقدمة الشعوب العربية من حيث الذكاء وفي المرتبة الخامسة والعشرين بين دول العالم .ولكننا في نفس الوقت ذاته علينا الاقتراب ما امكن من الواقع وتفكيك مكوناته وتفحص العوامل المؤثرة فيه والتدقيق في إمكانية السير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها.
فالوضع الامني وهو من العوامل الاساسية المؤثرة ليس فقط على النمو الاقتصادي وتعكير بيئته المناسبة وإنما على الحياة العامة في البلد حيث ما زال النشاط الارهابي متصاعدا بناحيتيه الكمية والنوعية وهذا ليس وهما وإنما حقيقة على الارض يصاحبه تعاظم الفساد الاداري والمالي ولم تكن بعض اجهزة الامن ووزارات الدولة هنا وهناك بعيدة عن هذا الفساد الذي ينتعش بطرق مبتكرة وخاصة في المشاريع الاستثمارية ولم يطرأ اي تحسن ملموس في كفاءة الاداء الاداري والاقتصادي بدلالة نسب التنفيذ المتدنية التي نشرتها وزارة التخطيط في مختلف الوزار?ت والجهات غير المرتبطة بوزارة. وأيضا يمكن القول إن المستوى التكنولوجي متأخر بدلالة غياب بصماته في العمليات التنموية التي تحدثت عنها الخطة وفوق كل هذه العوامل يقف الصراع على السلطة والنفوذ بين الكتل النافذة في الحكومة والبرلمان الذي تبدو ملامحه في أساليب التوجه للانتخابات المقبلة. لذلك فان لنجاح الخطة، أية خطة، لابد من معالجة هذه التحديات وعنذاك نقول ان الليل قد انجلى والقيد قد انكسر والبلاد تسير في الاتجاه الصحيح.